قال إمام وخطيب جامع مركز أحمد الفاتح الإسلامي الشيخ عدنان القطان: «إن بلوغ وإدراك شهر رمضان وصيامه، نعمة عظيمة، ومنة جسيمة، على مَنْ أقدره الله عليه، ويدلُّ عليه حديث الرجلين اللذين أَسْلَمَا مَعَ النَّبِيِّ (ص)، وَاسْتُشْهِدَ أَحَدُهُمَا، وَأُخِّرَ الْآخَرُ سَنَةً»، مشيراً إلى أن استقبال هذا الشهر يجب أن يكون «بتهيئة القلوب، وتصفية النفوس، وتطهير الأعمال، وتطهير الأموال، والتفرُّغ من زحام الحياة».
واعتبر القطان، في خطبته يوم أمس الجمعة (5 يوليو/ تموز 2013) أن «أعظمُ مَطْلَبٍ في هذا الشهر إصلاحُ القلوب؛ فالقلب الذي مازال مقيماً على معصية الله، يُفَوِّتُ خيراً عظيماً؛ فشهر رمضان هو شهر القرآن، والقلوب هي أوعية القرآن ومستقرُّ الإيمان؛ فكيف بوعاءٍ لُوِّثَ بالآثام؛ وتدنس بالمعاصي، كيف يتأثر بالقرآن؟! وهذا هو التفسير لحالنا وحال أُناسٍ ينتظمون في الصلاة، وسُرعان ما يتسرب إليهم الملل وتتملَّكهم السآمة، وآيات الله تطرق أسماعهم، ذلك أن القلوب القاسية، لم تطهر لاستقبال كلام الرحمن».
ودعا كل مسلم إلى أن يقدم بين يدي شهر رمضان «توبةً صادقة؛ تُصْلِح القلب، وتجلب الرحمات والخير، فإن من أعظم ما يعود على المسلم من النفع في هذا الشهر الكريم توبته وإنابته إلى ربه، ومحاسبته لنفسه، ومراجعته لتاريخه. فهذا موسم التوبة والمغفرة، وباب التوبة مفتوح، وعطاء ربك ممنوح، وفضله تعالى يغدو ويروح، ولكن أين التائب المستغفر؟ فالإساءات منا كثيرة، والعفو منه أكثر، الخطأ منا كبير، ورحمته أكبر، الزلل منا عظيم، ومغفرته أعظم».
وأكد أن «ذنوب العام كل العام تُمحى لمن صدق مع الله في شهر رمضان، إذا اجتنب الكبائر، النقص طيلة السنة، العيوب المتراكمة تصحح في رمضان... من طبيعتنا الذنب، ولكن منا من يتوب وينيب ويستغفر مولاه، ومنا من يصر، ويستمر ويكابر، وهذا هو المغبون المخذول عن طريق الهداية».
وأفاد بأن «شهر رمضان هو شهر العفو والمغفرة، وهو شهر التجاوز عن الخطيّئَة، والشحناء والبغضاء والقطيعة من موانع المغفرة الشديدة؛ لذا يُستَقبل شهر رمضان بتهيئة النفوس وتنقيتها من الضغائن والأحقاد والكراهية التي خلخلت عُرى المجتمع وأنهكت قواه، ومزقت المسلمين شرَّ ممزّق، وفرقت بين أبناء الوطن الواحد، والبيت الواحد».
ورأى أن «من يطلُّ عليه شهر رمضان عاقًّاً لوالديه، قاطعاً لأرحامه وأقاربه، هاجراً لإخوانه وأصدقائه، مثيراً للفتن في وطنه، أفعاله قطيعة، ودوره في المجتمع الإفساد والغيبة والنميمة وأذية الناس وإثارة القلاقل، والإخلال بأمن البلاد والعباد، هيهات هيهات أن يستفيد من شهر رمضان».
وتابع أن «شهر رمضان هو شهر الموالاة للمؤمنين، والمواساة للفقراء والمساكين والمعوزين، من حِكَمِ شهر رمضان أن يتفاعل المسلم مع إخوانه في وطنه، وفي شتَّى بقاع الأرض، ويتجاوب مع نداءات الفقراء والضعفاء والمنكوبين، متجاوزاً بمشاعره كلَّ الفواصل، متسلِّقاً بمبادئه كلَّ الحواجز، يتألَّم لآلامهم، يحزن لأحزانهم، يشعر بفقرائهم، مبتدئاً بالموالاة والمواساة من بيته وموطنه، ولإخوانه من بني جِلْدَتِه وصَحْبِه وأقاربه، والمسلمين جميعاً».
وزاد في قوله: «إنَّ شهر رمضان هو شهر النَّفحات والرَّحمات والدَّعوات، والمال الحرام سبب البلاء في الدنيا ويوم الجزاء، لا يُستجاب معه الدعاء، ولا تُفَتَّحُ له أبواب السماء؛ لذا يُستقبَلُ شهر رمضان بتطهير الأموال من الحرام، فما أفظعها من حسرةٍ وندامةٍ أن تلهج الألسنُ بالدعاء والاستجابة».
وخاطب القطان من وصفه بـ «أسير الذنوب والشهوات، ويا عاكفاً على المعاصي والمحرمات، ويا مدمن الغيبة والنميمة والنظر والاستماع إلى ما حرم الله، هذا شهر الرجوع إلى الله وشهر التوبة والطاعة».
وأضاف «يا آكل الربا، يا متعاملاً بالرشوة وآكلاً لأموال الناس بالباطل، يا سارقاً ومختلساً من الأموال العامة والخاصة، يا شارباً للخمر ويا متعاطياً للمخدرات، ويا عابثاً بأعراض الناس، ويا مسيئاً لوطنه ومزعزعاً لأمنه واستقراره، هذا شهر الأوبة والإنابة، هذا شهر صوم الجوارح وصونها عن كل ما يغضب الله، هذا شهر القرآن فاتلوه، هذا شهر الغفران فاطلبوه، هذا شهر الصيام والقيام والبر والإحسان فافعلوه».
ودعا القطان أيضاً إلى القيام بالأعمال التي تزيد في إيمانكم وتنمي يقينكم، ومنها «الصلاة بخشوع وخضوع وحضور قلب، والمحافظة على صلاة الجماعة، قراءة القرآن بتدبر وتأمل آياته، والعيش في ظلاله، واستنشاق نسماته، والاهتداء بهديه، ذكر الله عز وجل بالقلب واللسان والجوارح، واللهج بالتسبيح والتكبير والتحميد والتهليل، مناجاة الله عز وجل في الأسحار، الإكثار من الاستغفار، طلب العلم النافع، والتفقه في الدين، ومما يزيد الإيمان الصدقة، والبذل والعطاء، والتفكر في آيات الباري تبارك وتعالى، ومطالعة آثاره في الكائنات، وبديع صنعه في المخلوقات، ورمضان زمن صفاء ذهن المتأمل وإشراق فكر المتفكر، واستنارة قلب المعتبر، فهو جدير بالتفكر في بديع صنع الخالق تباركت أسماؤه».
وتساءل: «كم يا عباد الله نعرف من الأهل والآباء والأبناء والإخوان والأقارب والجيران، صاموا معنا في العام الماضي، وهم الآن تحت الجنادل والتراب وحدهم، أتاهم الموت، أتاهم هادم اللذات، ومفرق الجماعات، وآخذ البنين والبنات، فاختطفهم من بين أيدينا، أسكتهم والله فما نطقوا، وأرداهم فما تكلموا، كأنهم والله ما ضحكوا مع من ضحك، ولا أكلوا مع من أكل، ولا شربوا مع من شرب، ولا صاموا مع من صام».
وخلص إمام وخطيب جامع مركز أحمد الفاتح الإٍسلامي إلى أن «من الواجب علينا جميعاً أن نتقي الله عز وجل، ونتخذ من استقبال شهرنا موقف محاسبة وتوبة، ونقطة رجوع إلى الله وعودة إلى حماه، فمن كان تاركاً للصلاة فليتب، ومن كان عاصياً لله فلينب، ليهتم كل أب ببيته وتربية أبنائه على تعاليم الإسلام، فإنه سيموت وحده، ويبعث وحده، ويحاسب على ما قدمت يداه، ليكن كل إنسان منا مفتاحاً للخير مغلاقًاً للشر، آمراً بالمعروف، ناهياً عن المنكر، وليجعل من نفسه مشعل خير في أهل بيته وحيّه ومن حوله، وفي وطنه، لنكن أمة واحدة كما أراد الله منا».
العدد 3955 - الجمعة 05 يوليو 2013م الموافق 26 شعبان 1434هـ
كلام جدا سليم
ولكن يستفيد من شهر رمضان من يحارب الفساد ومن يامر بالمعروف وينهي عن المنكر ويستفيد من يطالب بالعدل والمساواة بين جميع الشعب ويستفيد ايضا من ينبذ الطائفية والمذهبية والظلم والتهميش وفصل الناس من اعمالهم ويستفيد من يرفض هتك الاعراض وهتك حرمة المنازل وترويع النساء والاطفال.... وغفر الله لنا ولكم
جميل
وماذا عن الذين يقفون إلى جانب الظالم ؟ ويستأثرون بخيرات البلد على حساب شركائهم في الوطن ؟ وعمن يجلب من هب ودب إلى البلد ويعطيه الجنسية على حساب أهلها ؟
شياطين الانس
حبذا لو تكلمت ياشيخ عن الذين يؤذون الناس بالتعرض لحرماتهم واعراضهم ومداهمة بيوتهم ليلا ونهارا دون مراعاة لأبسط الحقوق هل يقبل صيامهم
من صجك؟
والله الفتن في الي ضرب المساجد
فكر بتعرف
نصائح ببلاش يا شيخ
جميل ان نسمع من شيوخنا الافاضل الحث على الايمان وحب الوطن ونبذ الطائفية والابتعاد عن التخوين والتكفير ...ولكن يا شيخ ترى نسيت او تناسيت ان تنهى عن المنكر الكبير وهو ( هدم مساجد الشيعة ) فى بلدك . والا هذا الفعل الشنيع والمذموم لا يهمك ولا يعنيك ؟ وهل يوجد منكر اكبر من هدم مساجد الله وقتل النفس الزكية ؟! بأى وجه ستواجه ربك يوم الحساب
الخطاب سيحكم
اذا أراد من يوقف الفتنة ، فعليه أن يحسن كلامه على المنبر . والصعود هو ما سيثبت لنا صحة ما تقول