العدد 3954 - الخميس 04 يوليو 2013م الموافق 25 شعبان 1434هـ

الانتباه (الدرانا) في «اليوغا» (10)

عدنان الموسوي comments [at] alwasatnews.com

صحافي بحريني

عندما يصقل الجسم بالأسنات ويروض العقل بنار البراناياما، وعندما تخضع الحواس تحت المراقبة بواسطة البرياتارا أو فن الاسترخاء، فإن المريد يكون قد بلغ الدرانا وهي المرحلة السادسة في اليوغا، هنا يكون التركيز بالكامل منصبا على أمر واحد أو مهمة واحدة، وهي مرحلة الانتباه بالكامل على موضوع التركيز. هنا يتحتم أن يكون العقل قد بلغ من الهدوء والسكينة ما يمكنه من بلوغ مرحلة الانعتاق.

والعقل هو مصدر الأفكار ولكن السيطرة عليها (الأفكار) من الصعوبة بمكان لأنها غير ملموسة والفكرة التي تقع تحت حراسة العقل أو سيطرته تجلب السعادة، ولتحقيق الفائدة القصوى من أي أداة يجب علينا أن نعي جيدا كيف تعمل وحيث أن العقل أداة التفكير لذا عندما تخضع الحالة العقلية للفحص نجد أنها تنقسم إلى خمس درجات.

الأولى هي حالة كيسبتا حيث قوى العقل مشتتة وغير منتظمة أو ما تعرف بحال الغفلة حيث العقل في حالة شتات وجري وراء الرغبات.

أما الحالة الثانية فيكيسبتا فالعقل في حالة عدم اسقرار وتشتت ولكنه في حالة تمكن صاحبها من امتلاك القدرة على جني ثمار مجهودة وتعبة حيث أن العقل تتملكه نزعة الرانجو كونا المسيطرة. إضافة إلى أن الرغبات ليست تحت السيطرة.

بعكس الحالة الثالثة المودا والتي تعني المغفل أو الأخرق أو الغبي الذي هو مرتبك وغير قادر على معرفة ما يريد حيث تتملكه ما تعرف بنزعة ( تامو كونا) المسيطرة.

اما الحالة الرابعة فهي ايكاأكرا والشق الاول أيكا: وتعني واحد، واكرا: تعني المتقدم، حيث يكون العقل في حالة انتباه شديد والقدرات العقلية مركزة على هدف واحد أو أمر واحد والايكاكرا يتمتع بقدرات عقلية تضعه في مواقع قيادية، فهو يعرف جيدا ماذا يريد، ويستخدم كل ملكاته العقلية في تحقيق أغراضه ولكن من الممكن أن يكون عديم الرحمة في وقت الشدة بسبب المضي في تحقيق رغباته في الغالب على حساب الآخرين.

مما يوصمه بالغموض إلا أن أخطر ما في الأمر أن تعتلي شخص الأيكاكرا ما يعرف بالأنا العليا أو ما تسمى بالـ (ايجو) حين يضل شخص الايكااكرا بين ما تمليه عليه حواسه الباحثة والغائبة عن عين الرقيب وعقله الذي يبحث عن أمثل الحلول مما يضع ضبابية شديدة على قراراته ويجعله كسفينة نازحة في مواجهة رياح بحرية عاصفة. لذلك فهو يحتاج إلى التركيز والعناية الإلهية لتصحيح مسارات عقله، ولكن لن يعرف طعم السعادة ما لم تتلاشى عنده عقدة الأنا والتملك.

أما الحالة الخامسة فهي النيرودا حيث العقل (الذكاء) والايجو(الأنا) هذه الملكات تروض وتقدم طواعية قربانا للإله لما فيها من خير ومنفعة للبشر وهنا ينعدم الشعور بالأنا، مثال: أنا كذا، وأملك كذا، ويصبح مقدم القربان والإله شخص واحد تماما. كالألماسة التي تصبح أشد ضياءً وتلألؤا عندما نسلط عليها ضوء شديد حتى تكاد أن تكون شعلة من نور.

إن المراحل الثلاثة المتعلقة بالفكر والروح وهي الدرانا والديانا والسمادي هي من التداخل والتشابك ببعضها البعض لدرجة أن الكثيرين يخلطون بينها فيتكلمون عن إحداها بينما يعنون الأخرى وللتمييز بينها يتعين أن نضع الحد الفاصل بين كل واحدة والأخرى. فما هي الدرانا؟ إنها لا تعني التركيز فقط بل تعني تركيز الانتباه على موضوع واحد فقط دون غيره، لذا يمكن تفسيرها بممارسة تركيز الانتباه.

إن غريزة الانتباه تتفاوت بين بشر البادية والأدغال والمناطق القطبية والمدينة، ولكنها بالتأكيد أقوى عند الحيوانات عن الإنسان والسبب أن الحس الأمني عند الحيوانات أقوى فحياة المدنية وفرت للبشر درجة كبيرة من الأمن المعيشي التي لا يملكها الحيوان مما حول انتباه الإنسان إلى أشياء أخرى كالأسرة والعمل ومتعلقات حياته الإجتماعية المرفهة كالكماليات وغيرها.

والانتباه يعتمد على التركيز وهو المرحلة الفكرية الأولى في الهاثا يوغا وهو يشمل جميع الأنشطة بينما التركير عبارة عن مرحلة متقدمة عن الانتباه، لذا يمكننا القول أن الدرانا هي الانتباه والديانا هي التركيز، اما المرحلة الأخيرة السمادي فهي التأمل والاستغراق في التأمل ورغم أن هذه المراحل كما أسلفت متداخلة فيما بينها إلا أن كل مرحلة تمهد الطريق للمرحلة التي تليها وكل مرحلة تتجاور التي قبلها وتزيد عليها عمقا واتساعا.

إقرأ أيضا لـ "عدنان الموسوي"

العدد 3954 - الخميس 04 يوليو 2013م الموافق 25 شعبان 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً