يُحكي أن مجموعةً من الخراف كانت تعيش في أمن وسلام في أحد المروج الخضراء التي تميّز بيئتهم. كانت شمسهم الساطعة يومياً وسط تلك المروج، والماء في جدوله يمر بمروجهم؛ ويضفي جمالاً ساحراً على المروج، ما جعل الخراف تسمن بشكل ملفت للنظر.
لكن تلك الحياة الهانئة الآمنة سرعان ما تعكر صفوها ذات ليل مكفهر، حين أصدرت إحدى النعاج الصغيرة غثاءً متواصلاً وهي تنظر في جوف الليل لعيون تتقد شرراً وتسمع لهاث أفواه كفحيح الأفعى بحركة ألسنة نهمة للانقضاض على فريسة ما.
صرخت النعجة مناديةً بأعلى صوتها: «... الذئاب من حولنا... الذئاب ستأكلنا». استيقظ القطيع بكامله على هذا الصراخ المرعب وهو يجلجل في هدوء الليل الذي لا تكاد تنير سماءه سوى خيوط ضوء القمر من بين الغيوم. أخذت إناث الخرفان ينظرن إلى الذكور منهم لمعالجة الوضع قبل وقوع الكارثة والراعي غير موجود. وكان من المفترض أن يتقدم أقوى الخرفان ومعه البعض لصدّ هذا العدوان الذئبي على القطيع. فالذكور لديها قرون جيدة لبقر بطون الذئاب، لكن ينقصها أهم شيء في الوجود، وهو الشجاعة. هنا ارتبك الخروف الأكبر وهو ينظر للنعاج ولبقية الخرفان، وارتجف قرناه هلعاً بدل أن يغرزهما في بطون الذئاب ليشّجع بقية الذكور من ورائه، بينما هو يفكّر في هذا الموقف وفي حالته التي اعترته في ذات اللحظة والعواء يشتد؛ إذا بأحد الخراف يبرز من بين المجموعة المضطربة وكأنه اكتشف شيئاً مهماً فرفع صوته بقوةٍ بينهم قائلاً: «هل تعرفون لماذا نحن خائفون ووجلون؟ لأننا ببساطة... خراف، نعم نحن خراف، وهذه حقيقة لا يجب أن تغيب عنا للحظة وخصوصاً الآن... وإذا لم نعي هذه الحقيقة فسنكون فريسة سهلة للذئاب». فسأل الخروف الأكبر زميله الحكيم: «إذاً برأيك ماذا يجب أن نفعل وهذه الحقيقة تلازمنا وفي هذه اللحظة تحديداً؟». فأخذ الخروف مدّعي الذكاء جانباً وطرح فلسفته بكل شجاعة قائلاً وناصحاً: «الصوف الذي يكسو جلدنا هو سبب لعنتا، نعم! الصوف الذي يصفنا بأننا خراف ونعاج وأكباش هو سبب مشكلتنا، لذا يجب علينا التخلص منه حالاً». فقالت النعجة الصغيرة التي نبهت القطيع للخطر بكل براءة وهي تنظر في عيني الخروف الحكيم: «وهل هذا سيحل المشكلة الآن؟»، فردّ الخروف بكل ثقة: «نعم يا صغيرتي؟»، فقالت: «وكيف سيكون ذلك؟»، فردّ الخروف بثقة أكبر واطمئنان إلى أنه أخذ لجام قيادة القطيع بدل الخروف الأكبر: «إن تخلّصنا من الصوف الذي يكسو جلدنا، سيختلط الأمر على الذئاب ولا يمكنها أن تعرف حينها أننا خراف فننجو من أنيابها وافتراسها لنا».
ولأن الخروف الأكبر لا حول له ولا قوة وسط هذا الواقع الطارئ على القطيع فلم يستطع فعل شيء أمام تصديق النعاج وبقية الخراف لما قاله الخروف الحكيم، في حين بدأوا بسلخ الصوف من على جلودهم وفصلها عن اللحم.
وفي الجانب الآخر استغربت الذئاب هذه الفكرة وهذا القرار من الخرفان، وفرحت لما يجري على الأرض أمامها لأن ذلك سيزيد شغفها وطمعها بالانقضاض على القطيع كله، وسيتوفر عليهم عناء بلع الصوف مع اللحم! وهذا بسبب تلك الفكرة الحمقاء التي اعتبرها الخروف الحكيم خير وسيلةٍ للدفاع عن المجموعة!
ومع أن تلك العملية كانت مؤلمةً للخرفان لأنها أدمت أجسادهم وهم يسلخون صفوف بعضهم البعض من على أجسادهم حتى يزيحوا صفة «الخرفانية» عنهم؛ إلا أنهم واصلوا فيها حتى النهاية ما عدا تلك النعجة الصغيرة ومعها بعض الخراف التي أخذت تصرخ بالقطيع بأن ذلك لن يفيد في إنقاذ أنفسهم من الكارثة بهجوم الذئاب عليهم، وإن أصبحوا بلا هوية «خرفانية» فالذئاب لن تتركهم، بل منظر اللحوم والجلود المدماة ستشجع الذئاب الجائعة على افتراسهم دون عناء. ولكن كلماتها ضاعت في الهواء تحت جنح الليل، فحاولت أن تنقذ ما يمكن إنقاذه من الصغيرات واللواتي صدّقنها ووقفن معها. وبدأت وجبة الذئاب الشهية بانقضاضها على القطيع من كل جانب وتقطيع أجساد تلك الخراف التي لم تفكر ولم تناقش صاحب فكرة سلخ الصوف عن الجلود للنجاة، ولم يؤدّ الانسلاخ عن المجموعة إلى إنقاذها من الوقوع في مكامن الخطر والفناء، رغم صراخها المستميت وهي تقع بين أنياب الذئاب الشرهة: «لسنا خرافاً... صدّقونا لسنا خرافاً... فلا صوف علينا... لسنا خرافاً... لسنا..». وانتهت المأساة بافتراس معظم القطيع إلا من نجا من بعض الصغار هرباً.
وهنا اليوم بينكم من يؤمن بنفس فكرة الخرفان ويطبّقها منذ فترة. اليوم أنتم تعانون من أمثال هؤلاء المنسلخين عن جلدتهم اعتقاداً منهم، كما الخروف المدّعي الحكمة، بأنهم سينجون إلى حين، ويتمتعون بخيرات المروج الخضراء ويتدثرون تحت العشب الدافئ ويشربون من الماء، وإن كان عكراً، إلا أنه صافٍ وزلالٌ في حلوقهم كما يتوهمون.
وانسلخَ أي فرد في اللغة، أصلها من ينسلخ انسلاخاً، فهو مُنسلِخ، والمفعول منسلَخٌ عنه. وانسلخ من ثيابه أي تجرَّد وانْكَشَف عنها، وانسلختِ الحيّة من جلدها أي خرجت منه وطرحته عنها.
والمنسلخ نوعان، إما المنسلخ عن جلده وأسرته عقيدةً ومبدأً ففارقها وتنكّر لأصله، أو المنسلخ عن أفكاره والمتخلي عنها لمصلحة وقتية معينة. وهناك فرقٌ بينه وبين «منزوع الدسم»! وإن كان كلاهما فقد شيئاً مهماً من أصوله الأولي. وفقدان هذا الأصل بمفارقة جلدته وجماعته وعقيدته ومبادئ تلك الجماعة والبقاء في العراء دون «صوف» أو أي لون أو توصيف آخر، لن ينقذه من قطيع الذئاب وإن كان قد نجا للحظات من عمر الزمن.
إقرأ أيضا لـ "محمد حميد السلمان"العدد 3951 - الإثنين 01 يوليو 2013م الموافق 22 شعبان 1434هـ
شوف بس ها الشوفه في المجتمع وتمعن وتبصر وتفكر ليش تدني الأخلاق في المجتمع
قد لا تتضح فروقات فرديه لكنها قد تبدو أزليه في الانسلاخ و الإتساخ بينما في الإستنساخ أو خرافه ونسخة معدله للنعجه دولي. يعني العوده بالمجتمع الى الجبت والطاغوت مو قاصر إلا اللات والعزى .. ويا قوم بس ينادون بعضهم البعض. فقه قد لا تقول بأنهم يفقهون لذا يحتربون ويتحاربون ويتضاربون على أتفه الأشياء. قيل لهم المال ذل وفيه مذله ما صدقوا قيل لهم المال فتنه مثل الأولاد والشهوات .. بعد ما صدقوا. ويش يصدقون وعواينهم إبققه ويحسدون بعض.. مع أن الله أمرهم وقال لهم غضوا أبصاركما نهاهم عن الجهر بالسوء- القبيح
ذهب وفضه وإحذروا التقليد على بعض
يقال إحذروا التقليد في البضائع ولا تقلدون أحد بعد وارده ولا تتبعوا خطوات الشيطان .. يعني الشيطان مو نسيبكم ولكن عدوكم.. عاد ليش بعض الناس مصاحبه أو مصادقه واحد من حدادين المظالم ( المتطرفين والمتعصبين ومن عندهم حميه جاهليه) يعني من يظلم غيره ويظلم نفسه بظلمه ساد راسه أو راسه مسدود ما يفكر بس يقلد عمياني مثل فلان أو فلتانه نعما ونسوي ومشحون قلبه حقد وغل على غيره ليش ما تدري؟ ويش متتبعين مباريات أو خطوات شيطان ومتعدين على خطوط حمراء ويضنون أنهم يحسنون.. وين في إحسان عبد القدوس ما قال..
ليس بسر أن عدو الانسان شيطان وقد يكون من المرده
لم يختلف ما وصفح فرويد ببعض البشر عن ما قاله الله بأنهم كا النعام بل أضل .. كما قال عنهم وحوش واليه يحشرون. مسألة كيف ينسى الانسان نفسه من المسائل الدقيقه في حياة كل فرد ذكر أو أنثى على حد سواء. هنا كيد الشيطان ومثل ما يقولون شاطر شاطر والشيطان شاطر.. يقود الانسان الى القتل كما في مثال هابيل وقابيل و طالوت وجالوت.. آفة النسيان والسهو أن الاعمال بالنيات. فمتى ما كان الانسان صافي النيه وتغلب على مغريات الشهوة أو اللذات ولم يبالغ فيها كان ذلك سبب لنجاته من فعل الشيطان. فهل يحذر الانسان الشيطان أم
تجربتى الشخصية
أعرف من الناس من سلخ و صعد و وصل. كيف تفسر ذلك؟