«من هو الإرهابي؟»، هذا السؤال يسوقنا إلى سؤال قَبله، وهو «ما هو الإرهاب؟».
فالإرهاب اسم مشتق من «رَهب» أو «رَهْبة» أو «رَهَباً»، وفعله «أرهبَ»، ومعناه لغوياً «الفزع والترويع» الناتج عن أي عمل يقوم على العنف المؤدي إلى إرهاب الناس وتهديدهم وإفزاعهم وتعريض حياتهم وحرياتهم وأمنهم للخطر.
أما كلمة «إرهابي» أو «إرهابيون» فهي ليست سوى وصف يُطلق عادة على الذين يسلكون سبيل العنف والإرهاب لتحقيق غايات وأهداف خاصة أو مآرب سياسية وغيرها، أو كان ذلك من منطلق بواعث عقائدية أو أيدلوجية.
وهناك من عرَّف الإرهاب بأنه «عمل بربري شنيع». وآخرون عرفوه بأنه «عملٌ يخالف الأخلاق الاجتماعية ويشكل اغتصاباً لكرامة الإنسان». وآخرون أيضاً عرّفوه بأنه «الفعل الإجرامي الذي يشيع الرعب في جماعةٍ من الأشخاص ويتسم بالتخويف المقترن بالعنف».
بيد أن ما سبق ليس سوى معانٍ أو أوصافٍ للإرهاب لا تعطينا التعريف الدقيق والشامل والمانع لمعنى الإرهاب، خصوصاً أن هناك اختلاطاً بين أعمال الإرهاب وبعض الجرائم الجنائية ذات الخطر العام؛ كجريمة الحريق والمفرقعات مثلاً اللتين أشار إليهما قانون العقوبات البحريني في المواد 277، 279 ، 280 و281. وما يزيد صعوبةً في تعريف الإرهاب هو أن تعريفه بات محل خلاف وجدل دولياً. حتى أنَّ الهيئات الدولية ومنظمات حقوق الإنسان المعنية بهذا الشأن والمنضوية تحت مظلة الأمم المتحدة غدت عاجزةً عن وضع تعريف شامل مانع لمعنى الإرهاب لعدم اتفاقها على تحديد ركنه المادي الخاص، وإنْ عرَّفته بعض المنظمات بشكل مقتضب إلا أنها أخذت تتحاشى الوقوف على بواعثه وتغض النظر عن أسبابه، ما يجعل الركن المادي الخاص به غامضاً. ولذلك تباينت الآراء حوله، فهناك من يعتبر الإرهابي كل من يقوم بعمل يتسم بالإرهاب والعنف وإنْ كان من جانب من يدافع عن نفسه ووطنه وماله وعرضه، وهناك من يُحمِّل صفة الإرهاب على القوة المعتدية وحدها متى توافرت فيها شروطه.
ولكن لكي نخرج من هذا الجدل دعونا نقف على قانون رقم (58) لسنة 2006 الصادر في البحرين في 21 أغسطس/آب 2006 بشأن «حماية المجتمع من الأعمال الإرهابية»، حيث عرَّف «الارهاب» في المادة الأولى بأنه «استخدام للقوة أو التهديد باستخدامها أو أية وسيلة أخرى غير مشروعة تشكل جريمة معاقب عليها قانوناً، يلجأ إليها الجاني تنفيذاً لمشروع إجرامي فردي أو جماعي بغرض الإخلال بالنظام العام أو تعريض سلامة المملكة وأمنها للخطر، أو الإضرار بالوحدة الوطنية أو أمن المجتمع الدولي، أو كان من شأن ذلك إيذاء الأشخاص وبث الرعب بينهم وترويعهم وتعريض حياتهم أو أمنهم للخطر، أو إلحاق الضرر بالبيئة أو الصحة العامة أو الاقتصاد الوطني أو المرافق أو المنشآت أو الممتلكات العاملة أو الاستيلاء عليها وعرقلة أدائها لأعمالها، أو منع أو عرقلة السلطات العامة، أو دور العبادة أو معاهد العلم عن ممارسة أعمالها».
كما عرَّف هذا القانون الجريمة الإرهابية بأنها «الجنايات المنصوص عليها في قانون العقوبات أو أي قانون آخر إذا كان الغرض من ارتكابها إرهاباً».
فمن النصوص السابقة نستنتج أن القانون المذكور قد اعتبر كل فعل غير مشروع يتسم بالإرهاب عملاً إرهابياً. وأنَّ العمل الإرهابي هو الذي يقوم باستخدام القوة أو التهديد باستخدامها أو بأية وسيلة أخرى، ومنه ما يهدف إلى تحقيق الأغراض الآتية:
1 - الإضرار بالوحدة الوطنية.
2 - إيذاء الأشخاص وبث الرعب بينهم وترويعهم وتعريض حياتهم أو أمنهم للخطر.
3 - إلحاق الضرر بالبيئة والصحة العامة.
4 - منع دور العبادة (ومنها المساجد مثلاً) من ممارسة أعمالها.
وحيث أن «الجاني» (أي الإرهابي) المشار إليه في النصوص السابقة، لا يعني فرداً أو أفراداً من المجتمع وحسب، إنما يمكن أن يكون هذا الجاني جمعيةً أو منظمةً أهلية، أو جهةً ترتبط بمرفق عام، أو جهاز رسمي أو شبه رسمي، أياً يكن موقع هذا المرفق أو هذا الجهاز، وسواءً كان دوره خدمياً أو أمنياً، طالما انطبق عليه الوصف السابق، ذلك لأن النصوص السابقة جاءت عامة غير مخصصة وغير مقيدة.
فإذا كان الأمر كذلك، أليس من الحق أن نقول: إن بعض التصرفات والسلوكيات غير القانونية وتعريض حياة الناس للموت أو الخطر باستخدام القوة أو التهديد باستخدامها هم إرهابيون مهما تكن دوافعهم أو انتماءاتهم، وذلك بحكم ما نصّ عليه القانون فيما تقدم؟ وإن الذين يسعون إلى تفتيت الوحدة الوطنية أو الإضرار بهذه الوحدة، أو النيل من فئةٍ من الأمة عن طريق استخدام القوة أو التهديد باستخدامها كالذين رفعوا السيوف والمشانق يوماً ما لترهيب جماعةٍ بعينها، أليسوا هم إرهابيين بحكم القانون أيضاً؟ وأن من يهدم دور العبادة أو يمنعها من ممارسة دورها ويسعى في خرابها بقوة الإرهاب والرعب، أليس هو إرهابياً كذلك؟
ذلك ما نراه تفسيراً للنصوص السابقة، وليس هو من مخيلة أفكارٍ أو من باب التحامل والافتئات، إنّما هو واقع الحال، وبمقتضى حكم القانون بنا ما تقدّم بيانه، إنْ كنا نحترم هذا القانون. ومن يقول غير ذلك نتمنى عليه أن يُعرفُنا بالإرهابي المقصود في الجوانب الأربعة سابقة الذكر على الأقل.
إقرأ أيضا لـ "علي محسن الورقاء"العدد 3950 - الأحد 30 يونيو 2013م الموافق 21 شعبان 1434هـ
ليش ما يرجعون لقول الله عز وجل الا يقولون إن لله وإنا غليه راجعون
قد يختلط المعنى ويشتبه وتكون شبه بينه على المشرع أنه يشرع ما لايجوزه الشرع. يعني الفرق بين الإرهابي والوهابي كما في فلم الارهاب والكباب لعادل إمام واضحه الصوره من الفلم. بينما الوهاب، فهذا يرجع للمولى أنه قال أقوال حكيمه ومحكمه وأخرى متشابه في القرآن موجوده وأصل ومصدر التشريع في دستور البحرين ما في غيره.. كتاب الله القرآن. هل في مختلف على المحكم منه والقواعد والحدود وفيه من كل مثل بعد ما يحتاج بعد لا تزيد ولا تنقص. فهل يجوز كتابة نصوص من خارج المقرر.. هذا خروج عن المسار يعني. أليس كذلك؟
خلاصة القول
أولا جزيت خيرا أستاذ علي على هذا المقال والأكثر من رائع...خلاصة القول أن من يدعي أنه يحافظ على أمن الناس واستقرار القرى والمدن من خلال حمل السلاح بل واستخدامه في وجوه العزل وينزل بهم عقابا جماعيا ويداهم منازل المواطنين ليلا ونهارا من دون اذن وتكسير محتويات المنازل وسرقة الأموال والغنائم والدخول الى القرى بالمدرعات والآليات العسكرية وانتهاك كل الحرمات بدريعة ملاحقة مطلوبين هو في حد ذاته ارهاب فاذا كان لرجال الأمن أسباب لتبرير الأرهاب من جانبهم فان الطرف الآخر لديه أيضا أسباب تبرر ما يقوم به.
من هو الارهابي
شكرًا لك يا استاذ على هذا المقال الذي تناولت فيه معنى الارهاب والإرهابي فعسى يتدارك البعض الذين يتهمون الناتالهمون الناس الذين يطالبون بحقوقهم الشرعية بالإرهابين بينما هم من يهربون الناس بكل ادوات الإرهاب الممنوعة شرعا وقانونا . (. بحريني أصيل. )
شكرا لك
على هذا المقال بالتوفيق
قانون بدون إعيون ولا وزن ولا ميزان
ليس بجديد لكن شوف عاد ليش يتآمرون على القانون؟ هذه جنحه أو ذنب أو جريمه أوجرم سمواي أو إفتاء ولا قيساس ولا أوزان، لكن في مستشارون قانون. يعني السلطه ترهب وتسيل دموع الناس ما فيها أذيه ولا تلويث للجو العام وليس الخاص، بينما تكلم فرد من المجتمع بكلمه حارت عليه سجن. وين الميزان عن سيادة القضاة أو ما في سيادة للقانون يعني؟