أجرت صحيفة الشرق الأوسط حوارا موسعا مع وزير التربية والتعليم ماجد علي النعيمي وأحد الوزراء ممثلي الحكومة في حوار التوافق الوطني، وفيما ما يلي أهم ما جاء في هذا الحوار من نقاط مهمة، تتصل بالحوار ومجرياته وبالتربية والتعليم في بعض الضغوط التي تتعرض لها:
* مضى على حوار التوافق الوطني الذي أعلن عنه جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة أكثر من أربعة أشهر، ولكن يبدو هذا الحوار متعثرا يراوح مكانه، ولا يبدو أنه يحقق تقدما ملموسا لوضع حد للأزمة التي تعيشها البحرين منذ فبراير 2011م، بل إن الجمعيات السياسية المعارضة تتحدث اليوم صراحة عن «موت سريري» لهذا الحوار.. فما تقييمكم كطرف حكومي للمرحلة الماضية من هذا الحوار؟
- بداية لا بد من توضيح أن الحوار الحالي الذي دعا إليه جلالة الملك ، هو تكملة لحوار التوافق الوطني السابق الذي جمع بين مختلف الأطراف الوطنية والفعاليات المجتمعية خلال شهر يوليو / تموز 2011م فحوار اليوم الذي بدأ في 10 فبراير/ شباط 2013م، ليس منقطعا عما قبله، ولكنه يركز على مناقشة الملف السياسي، كما أن موضوع الإصلاح السياسي في البحرين ليس جديدا في البحرين؛ فقد فتح أبوابه على مصراعيها جلالة الملك منذ بداية المشروع الإصلاحي مع عام 2001، مستبقا بذلك أي مطالبات بإصلاحات ديمقراطية، حيث قدم جلالته رؤيته لمشروع سياسي متكامل تم التوافق عليه من خلال استفتاء شعبي كبير على ميثاق العمل الوطني الذي شكل الوثيقة المرجعية التي أجمع عليها شعب البحرين بنسبة 98.4 في المائة، وهذا إنجاز غير مسبوق في تاريخ البحرين السياسي، والذي كان فاتحة لسلسلة من الإجراءات الإصلاحية تمخضت عنها التعديلات الدستورية في 2002 وإنشاء المجلس التشريعي بغرفتيه (مجلس النواب، ومجلس شورى) وصدور عدد من القوانين التي تكرس المشاركة السياسية، منها قانون مباشرة الحقوق السياسية، وقانون الجمعيات السياسية، وتبوأت المرأة البحرينية من خلال هذه الإصلاحات مركز المواطنة الكاملة، بتسويتها مع الرجل في مباشرة حقوقها السياسية، هذا بالإضافة إلى الكثير من الإنجازات التنموية والاجتماعية والتعليمية التي لا نحتاج إلى استعراضها لأنها موثقة في التقارير الدولية، وخاصة تقرير التنمية البشرية الصادر عن منظمة الأمم المتحدة وتقرير التعليم للجميع الصادر عن منظمة اليونسكو، وغيرها من التقارير الأخرى التي تتبوأ فيها مملكة البحرين مراكز متقدمة على الصعيدين العربي والدولي.
وعليه فإن الأحداث التي شهدتها البحرين في فبراير ومارس 2011 لم تكن في تقديري الشخصي مبررة بالمنطق السياسي المنصف، بل كانت مفاجئة؛ لأن ورشة الإصلاح كانت قائمة على قدم وساق على جميع المستويات، ومع ذلك تعاملت الدولة مع هذا التحول المفاجئ بأكبر قدر من الحكمة والصبر، لتخرج البلاد من الأزمة بأقل الخسائر الممكنة، ولعل حوار التوافق الوطني الأول والثاني هو محاولة جادة وصادقة لإيجاد تفاهمات وتوافقات وطنية تعزز ما تحقق من مكاسب في المرحلة السابقة، وتذلل بعض الإشكالات الخلافية حول مضمون الإصلاح السياسي في بعض جوانبه الخلافية، بالإضافة إلى الرغبة المخلصة في طي صفحة الأحداث وتداعياتها ونتائجها، وكما تعلمون فإن توصيات اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق (لجنة بسيوني) كانت تشكل أحد أهم المعالجات لآثار هذه الأزمة وتداعياتها، حيث التزمت الدولة بتنفيذ هذه التوصيات وبدأت بذلك بالفعل.
* ما أسباب تعثره من وجهة نظركم؟
- بشأن أسباب تعثر الحوار الحالي، فلا بد من توضيح أن حل أي مشكلة تتعلق بالحياة السياسية يجب أن يتم بالحوار بين أطراف المجتمع السياسي، وصولا إلى صياغة رؤية يتوافق عليها الجميع. وأن هذا الحوار لا يأتي من فراغ، فهناك ثوابت جامعة لأبناء البحرين، وتاريخ طويل من التعايش والوحدة الوطنية والتوافق السياسي والاجتماعي. ويستلزم الحوار (في تقديري) اتفاق الأطراف المتحاورة بداية على مجموعة من القيم والمبادئ والثوابت التي تعتبر قاعدة أساسية ينطلق منها الحوار.. ولعل التركيز في الجلسات الماضية وحتى تاريخه، على الجوانب الإجرائية والآليات، قد أضاع وقتا طويلا في جدل غير جوهري وغير مفيد، وأنه هو المتسبب الرئيسي في الدخول في مناقشة جدول الأعمال الأساسي، الذي يفترض أن يتضمن المحاور الرئيسية للإصلاح السياسي، في إطار توافق وطني، فالإصرار على الدوران في فلك الآليات والجوانب الإجرائية يسهم في عدم التقدم نحو جواهر الأمور التي يفترض أن ندخل فيها مباشرة، بعد أن تم الاتفاق منذ الجلسات الأولى على مبدأين رئيسيين، وهما: أن القرارات تتخذ بالتوافق وليس بالتصويت، والثاني أن ما يتم التوافق عليه بين مكونات المجتمع السياسي الممثلة في الحوار هو اتفاق نهائي يرفعه وزير العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف إلى جلالة الملك .
وكان بالإمكان (في تقديري) بعد التوافق على ذلك، المرور مباشرة إلى مناقشة النقاط الأساسية في جدول الأعمال، مثل «السلطة التنفيذية، والسلطة التشريعية، والسلطة القضائية وحقوق الإنسان... إلخ»، ولكن للأسف فإن التجاذبات السياسية وتشكك وتردد بعض أطراف الحوار، والمزايدات السياسية في بعض الأحيان، هو ما يؤخر تحقيق التقدم المنشود.
واستنادا للمعطيات سالفة الذكر، فإن الحوار كان يجب أن ينطلق من القيم والمبادئ والثوابت التي تشكل القاعدة الأساسية للمجتمع والدولة، بل تقوم عليها، خاصة أن هذه القيم والمبادئ والثوابت محسومة من طرف الشعب البحريني منذ تصويته بشبه الإجماع على ميثاق العمل الوطني، ولا يجوز المساس بها، وتعتبر الأساس في الانطلاق نحو حوار بناء غايته صياغة توافقات لمسائل سياسية مختلف حولها ويمكن الوصول إلى اتفاق بشأنها، ولعل من أهم هذه القيم والثوابت التأكيد على هوية البحرين العربية الإسلامية، ومرجعية ميثاق العمل الوطني، وحرية العقيدة لجميع الأديان والمذاهب، والدولة المدنية، والمواطنة المتساوية، وشرعية نظام الحكم، ورفض ثقافة الكراهية والعنف والطائفية والتدخلات الخارجية لحل المشاكل الوطنية، وتأكيد مبدأ سيادة القانون، واستقلال القضاء، وضمان حقوق الإنسان والمساواة أمام القانون، واحترام المؤسسات الدستورية، وغير ذلك من الثوابت.
* أعلنت الجمعيات المعارضة أكثر من مرة عن أهدافها من وراء هذا الحوار وترجمتها في عدد من المطالب المنشورة في أدبياتها السياسية، مثل: تمثيل الحكم على طاولة الحوار، وليس تمثيل الحكومة، التمثيل المتكافئ لمختلف الأطراف السياسية، الحاجة إلى اللجوء إلى الاستفتاء الشعبي على ما سيتم الاتفاق عليه.. فما وجهة النظر الرسمية بشأن هذه المطالب التي يبدو أن عدم الاستجابة إليها سبب من الأسباب التي تعوق التقدم في الحوار؟
- الحوار الحالي هو بين الإخوة الأشقاء، سواء أكانوا متآلفين أو مختلفين، لتبادل الآراء والأفكار حول الموضوعات المختلف حولها في الحياة السياسية للوصول إلى حلول توافقية، ولذلك لا يمكن إدارة الحوار بعقلية التفاوض والمزايدات والتجاذبات السياسية؛ لأن التفاوض عادة ما يكون بين خصوم، في حين أن المشكلة البحرينية التي يتم الحوار بشأنها تدور حول كيفية معالجة الاختلاف في وجهات النظر حول الإصلاح السياسي وحدوده ومحتواه وسقفه. والفيصل في مناقشة وحسم مثل هذه القضايا هو التوافق على كل شيء، ولذلك فإن جميع القضايا والموضوعات قابلة للطرح والحوار، بشرط أن تحظى بالتوافق عليها، وأعتقد أن بعض الموضوعات التي يتم الزج بها إلى الطاولة في غير محلها، خصوصا إذا ما سبق أن تم الاتفاق عليها في السابق، والآن يتراجعون عما تم الاتفاق بشأنه، وهذه مشكلة.
ولنأخذ على سبيل المثال موضوع تمثيل الحكم الذي يصر عليه الإخوة في المعارضة، فهو موضوع محسوم في اتجاه تمثيل الحكومة؛ لأن جلالة الملك يمثل الجميع، ولا يمكن أن يكون ممثلا على الطاولة وعلى مسافة واحدة من جميع الأطراف، ومن المؤسف أن تشير ورقة الإخوة في المعارضة إلى أن الحوار يجمع «طرفين متنازعين»؛ لأنه إذا كان الاختلاف فطرة بين البشر، فإن التنازع أمر آخر وهو المغالبة، والمغالبة تتنافى وجدوى وهدف الحوار الذي يحث على التوافق والتآلف فيما يتم الاختلاف حوله والتوافق على حلها ضروري لتجاوز المرحلة التي تمر بها البحرين؛ فالحكم ليس طرفا في الاختلاف، فهذا الكلام غير دقيق، وإنما الحكم راع لهذا الحوار وملتزم بمخرجاته، وينصت جيدا لكل ما يقال ويطرح، وهكذا ديدنه دائما وأبدا، فقيادة هذا البلد منفتحة على الجميع وتستمع للجميع.
ومثال آخر على طرح قضايا وإشكاليات تعطل الحوار، الدعوة إلى تغيير شكل طاولة الحوار بعد 4 أشهر متواصلة من هذا الحوار، والدعوة إلى استبعاد ممثلي السلطة التشريعية من المستقلين عن الحوار، وهو أمر غريب وغير مقبول بجميع المعايير، فممثلو السلطة التشريعية هم بالفعل من الكفاءات الوطنية المستقلة التي تمثل مختلف أطياف المجتمع البحريني.. فضلا عن أن وجود أشخاص يمثلون وجهة نظر مؤسسة دستورية مهمة ضروري؛ لأن أي تعديل دستوري أو تشريعي يحتاج إلى موافقة هذه المؤسسة الدستورية، وإلا فكيف سيتم تعديل الدستور أو القانون إن اقتضت الضرورة ذلك دون موافقة المجلس الوطني (بغرفتيه)؟! فهؤلاء المستقلون من المجلس الوطني يمثلون وجهة نظر شريحة واسعة من المجتمع لا تنضوي تحت أي جمعية سياسية، ولهم شرعية كبيرة لا يمكن تجاوزها، إضافة إلى أن جزءا منهم منتخب مباشرة من قبل الشعب.
وإن اعتماد التوافق أساسا لاتخاذ القرارات سيجعل من طرح ما يسمى بالتمثيل المتكافئ غير ذي جدوى ما دام الأمر يحتاج إلى توافق على كل شيء؛ فالصوت الواحد يساوي في قيمته عشرة.
* بالإضافة إلى ممثلي الحكم والمعارضة هنالك أطراف وطنية أخرى ممثلة في الحوار، مثل جمعيات ائتلاف الفاتح وممثلي المجلس التشريعي من المستقلين، فهل ترون أن شكل طاولة الحوار الحالي يمثل بشكل عادل ومتوازن مختلف أطراف الحراك السياسي والاجتماعي البحريني، خصوصا في ضوء إصرار الجمعيات المعارضة على تغيير هذه المعادلة التي تراها مختلة؟
- من وجهة نظري جميع مكونات المجتمع السياسي موجودون على الطاولة، وليست العبرة هنا بالعدد طالما أن التوافق في اتخاذ القرار هو الأساس، فالسلطة التنفيذية موجودة، كما أن القول بأن تمثيل المستقلين من مجلسي الشورى والنواب مرفوض؛ لأنهم ليسوا من «المجتمع السياسي»، ينطوي على مغالطة في تقديري الشخصي، حيث لا يجوز استبعاد هؤلاء من المجتمع السياسي، لأنهم بالفعل جزء من «المستقلين من المجتمع السياسي»، بل إن أعضاء مجلس النواب من المستقلين منتخبون مباشرة من الشعب، ويمثلون طيفا واسعا من جمهور المواطنين، وتمثيلهم للمجتمع السياسي له مصداقية حقيقية، واستبعادهم أمر مخالف للمنطق.
ولذلك أرى أنه من الأفضل للحوار وللبحرين المرور مباشرة إلى جدول الأعمال، ومناقشة ما هو جوهري ومفيد، وهو ملف الإصلاح السياسي حتى يتسنى التقدم على طريق الوفاق وإنهاء حالة الاستقطاب التي تضر بمصلحة البلاد والعباد.
* ما آفاق هذا الحوار؟ وما سقفه في تقديركم الشخصي؟ وما المؤمل منه في المستقبل المنظور؟
- إذا ما خلصت النوايا فإنه بالإمكان الوصول إلى نتائج إيجابية، وليس ذلك بغريب عن مجتمع البحرين الذي هو بطبعه مجتمع متفتح ومتنوع ومتسامح، وينشد العيش الكريم والاستقرار والحرية والمشاركة السياسية العقلانية التي تدعم الوحدة الوطنية لمواجهة التحديات، خصوصا أن لدينا تجربة في الإصلاح تولدت عنها نتائج إيجابية في السابق، ويمكن دعمها حاليا وتعزيز مكاسبها، فلقد كان الوعي المبكر بأهمية البدء بالإصلاح السياسي الذي يركز على التنمية السياسية وبناء المجتمع الديمقراطي الذي تشكل فيه المشاركة محورا أساسيا، من بين العناصر التي يسرت استشراف تطور المجتمع البحريني الذي يتسم بالحركية والتفتح والتنوع البشري والديني، ويتزايد فيه إسهام الفرد في الجهد الجماعي. مجتمع تقام العلاقات بين أفراده بصورة مباشرة، مجتمع توفر فيه شبكات الاتصال الحديثة فضاءات جديدة للحوار وتبادل الرأي، مجتمع أكثر استعدادا لتقبل البناء الديمقراطي وأشد حرصا على تكريسه ودعمه وحمايته، إذ لم يكن التحول طفرة خارج السياق في صيرورة المجتمع وتاريخه، بل كان أقرب إلى التطور التاريخي التدريجي، تداخلت فيه الأبعاد السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ولذلك كان التطوير هادئا متبصرا، بما أثبته من قدرة على إدخال الإصلاحات وفق جدول زمني تصاعدي يراعي الخصوصيات الوطنية، ويضمن أوفر حظوظ النجاح للخطوات المتحققة، ويقي الوطن من مخاطر القفز في المجهول والانزلاق في متاهات التقليد والوقوع في فخ النماذج المسقطة، حيث جاء المشروع الإصلاحي لجلالة الملك استجابة «لنداء الواجب الوطني»، ولذلك كان تمثلا جديدا للحاضر والمستقبل، واستعدادا دائما للتفاعل الإيجابي مع طموحات الشعب.
* كان يوم (الأربعاء) الماضي هو آخر أيام الحوار الذي سيتوقف كما علمنا خلال الشهرين المقبلين، فهل تأملون العودة بالفعل بعد شهرين للحوار أم أنكم تتوقعون تطورات قد تكون إيجابية وتوصل إلى التخلي عن الحوار، أو سلبية بتخلي الحكومة أو المعارضة عن مبدأ الجلوس على طاولة واحدة؟
- لا بديل أمام البحرين والبحرينيين إلا الحوار، وما من سبيل أمامنا جميعا إلا بناء التوافق الوطني مثلما كانت البحرين دائما في مختلف محطاتها السياسية، وأعتقد أن الجميع مجمعون على هذا الأمر، ولذلك فإنه من المؤكد أنه بعد هذه الاستراحة التي تتصادف مع شهر رمضان الكريم، سوف يعاود المتحاورون الجلوس إلى الطاولة للوصول بإذن الله تعالى إلى التوافقات المنشودة التي تعيد إلى البحرين استقرارها لتمضي إلى تحقيق الأهداف التنموية.
* ترجح العديد من الأطراف أن ما يقع في البحرين ليس كما يبدو، أي أن التظاهر ليس من أجل مطالب سياسية، أو اجتماعية، وإنما هناك أياد خارجية، غربية، وخاصة منها إيران التي تعتبر البحرين بوابة يجب اختراقها لتحقيق أهدافها في المنطقة؟ ما مدى صحة هذا الأمر؟
- من المؤكد أن ما حدث في البحرين لم يكن له مبرر سياسي أو اجتماعي أو اقتصادي؛ فالأوضاع التي كانت سائدة قبل الأحداث كانت تسير نحو تحقيق التنمية السياسية الكاملة والمشاركة السياسية، وبناء دولة القانون والمؤسسات في إطار المواطنة المساوية، وكانت رؤية البحرين الاقتصادية 2030 تبشر بمرحلة جديدة من التنمية، ولا أعتقد أحدا ينكر ما تحقق من إنجازات على هذا الصعيد، ولذلك كانت الأحداث مفاجئة وغير مفهومة إذا ما طبقناها على الأوضاع المحلية، وقد يكون ما حدث في الإقليم العربي آنذاك قد أغرى البعض بهذا الحراك السياسي الذي لم يكن بعيدا عن ممارسة العنف وتعطيل حركة التنمية والإساءة إلى صورة البحرين في الداخل والخارج.
بالتأكيد أن المواقف الإيرانية الرسمية المعلنة والمنشورة صراحة عن عدد المسؤولين الرسميين لم تكن ودية تجاه البحرين، بل تضمن بعضها تحريضا وإساءة وتدخلا في شؤوننا الداخلية، وهذا أمر معلن ويمكنك الاطلاع عليه في الصحافة والإعلام، ومع ذلك، فإننا نتطلع إلى أن تتحسن هذه العلاقات لما فيه صالح الشعبين، خاصة في المرحلة الجديدة بعد انتخاب الرئيس روحاني، ونعتقد أن الحل دائما والأساس دائما هو احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها، فالبحرينيون شعب واحد مهما اختلفت بهم السبل، وقادرون على معالجة خلافاتهم وحلها بشكل سلمي وأخوي.
* باعتباركم وزيرا للتربية؛ يثار خلال السنتين الماضيتين الحديث المتكرر عن الاعتداءات المتكررة على المؤسسات التعليمية، فما حقيقة هذا الأمر الغريب وغير المعتاد في بلد متحضر ومسالم مثل البحرين؟ ومن هؤلاء الذي يتجهون إلى تخريب المدارس؟ وما هدفهم من ذلك؟ وكيف تواجهون هذا الوضع؟
- تعرفين أن مملكة البحرين رائدة في المجال التعليمي، وأنها بنت نهضتها على أساس تنمية الإنسان، وفي أعماق التاريخ كما في أعماق الذاكرة هناك وطن واحد صنع رجالا ونساء، منذ إنشاء أول مدرسة نظامية للبنين في 1919 وأول مدرسة نظامية للبنات في 1928م، وطن سطر التاريخ له أروع الصفحات وارتفع برجالاته وارتقى بنسائه في مختلف المواقع، ولذلك تجديننا، قيادة وشعبا، نفتخر دائما بإنجازنا التعليمي، ولذلك أيضا نتألم، بل نفاجأ لوجود مثل هذه الظاهرة الغريبة عن البحرين وأهلها وتاريخها، ظاهرة الاعتداء على المدارس، التي بدأت مع الأحداث المؤسفة التي شهدتها المملكة في فبراير 2011، وتواصلت بعد ذلك وما تزال إلى اليوم، حيث تتواكب في الغالب مع الأنشطة والفعاليات السياسية، حيث إن أغلب هذه الاعتداءات البالغة حاليا 198 اعتداء تحدث يومي الجمعة والسبت، وتتخذ أشكالا متنوعة تتراوح بين الحرق والتكسير والخلع وإلقاء الزجاجات الحارقة على هذه المدارس حتى أثناء وجود الطلبة بها، لقد بلغ العنف درجة غير مسبوقة ضد مؤسساتنا التعليمية، فتم تعريضها للخطر بأشكال مختلفة وغير مسبوقة في مجتمعنا البحريني المعروف بأنه مجتمع متحضر ومسالم ويجل العلم ويقدره، ويلحق خسائر مادية كبيرة بالمدارس كان من الأجدر أن تصرف على التطوير وليس معالجة التخريب في هذه المؤسسات الإنشائية التي تدعو المواثيق الدولية لحمايتها حتى في وقت الحروب، ومن الأمثلة على ذلك:
* حرمان الطلبة من حقهم في التعليم بامتناع آلاف المعلمين، ولأسباب سياسية خالصة، عن تقديم الخدمة التعليمية التي كرسها دستور مملكة البحرين وبوأها مكانة عالية.
* الزج بأطفال المدارس في الصراع السياسي والطائفي والدخول في مواجهة مع زملائهم ومعلميهم داخل المدارس، بما أدى إلى تهديد كل القيم التي عملنا على زرعها وغرسها على مدار السنين، وتهديد التعايش السلمي بين أبناء الوطن الواحد، وتهديد إنسانية الإنسان أصلا داخل ساحات العلم المقدسة، حتى وصل الأمر بالبعض إلى درجة الامتناع عن بيع الأطعمة والمياه للطلاب داخل المدرسة لمجرد أنهم من طائفة أخرى أو من أصل أو عرق معين.
* الاعتداء على المدارس بشتى الأشكال والصور التخريبية في كثير من الحالات أثناء وجود الطلبة فيها أو بعد الدوام المدرسي، من حرق وتخريب وتكسير وسرقة طفايات الحريق من المدارس والمختبرات وترك المدارس من دون أمن أو سلامة، هذا بالإضافة إلى إلقاء الزجاجات والأجسام الحارقة على المدارس.
* والوجه الأخير من هذا العنف المركب، الذي يجد للأسف من يبرره ويتستر عليه أو حتى يشجع عليه، يتمثل في إغلاق المدارس من الخارج بالسلاسل والأقفال، وإغلاق الطرق المؤدية إلى المدارس، وسكب الزيوت عند مداخلها، في محاولة يائسة لمنع وصول المعلمين والطلبة إلى مؤسساتهم التعليمية، تنفيذا لأجندات سياسية وطائفية، ويفتخر هؤلاء في بعض الأحيان بأنهم قد حققوا إنجازا كبيرا وثوريا بمنع 12 مدرسة من العمل يوم الخميس الموافق 14 فبراير 2013م على سبيل المثال. فكيف يمكن أن نصف من يحرم الأطفال من حقهم في التعليم؟ ومن يحرم المعلم من أداء رسالته التربوية؟ ومن يغلق الطرقات المؤدية إلى المدارس، فضلا عمن يواجهها بوابل من الزجاجات الحارقة؟ ألأنها مؤسسات مدنية مسالمة؟ ألأنها توفر الخدمة التعليمية المجانية والإلزامية لكل أبناء البحرين، بل حتى لغيرهم من أطفال الإخوة الوافدين العرب؟ أهذا هو جزاؤها؟!! ولقد عانت مدارسنا إبان الأزمة من آثار هذا العنف على الأطفال جسديا ونفسيا، حيث قامت الوزارة بمتابعة علاج أكثر من 5200 طالب وطالبة عانوا جميعا من الآثار المقيتة للعنف الجسدي والمعنوي والإيذاء النفسي، وما تزال تعالج بعضهم إلى هذه اللحظة. ولكن بحمد الله تعالى ورعايته، ثم بفضل حكمة قيادة بلدنا العزيز ووقفة التربويين الشرفاء والمجتمع البحريني بكل طوائفه ومكوناته، تمكنت الوزارة من الوقوف في وجه هذا العنف المقيت المعادي للحضارة والإنسانية والقيم، وتمكنت من تشغيل المدارس إبان الأزمة بفضل الهبة الوطنية العظيمة لآلاف المتطوعين من المواطنين والمقيمين الذين أبوا إلا أن تظل أجراس المدارس تدق معلنة عن نور العلم الذي لا يخبو بإذن الله تعالى.
أخر من يتكلم عن حقوق و ووطنية
أنت أخر من يتكلم عن الحقوق و الوطنية ..أنظر الى وزارتك و كيف الاوطنية و الا مهنية فيها بل الطائفيه و ما تحوي كلها فيها .. #طمبورها