اجرى وزير الخارجية الاميركي جون كيري اليوم الجمعة (28 يونيو / حزيران 2013) يوما ثانيا من المحادثات المكثفة من اجل احياء عملية السلام في الشرق الأوسط حيث التقى في عمان الرئيس محمود عباس قبل ان يعود الى القدس حيث التقى عصرا رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتانياهو الذي كان التقاه مساء الخميس لساعات طويلة.
وعقد كيري اجتماعا مع عباس الجمعة في عمان استغرق نحو ساعتين ونصف الساعة. وقال مسؤول في الخارجية الاميركية ان الرجلين "اجريا محادثات بناءة جدا حول اهمية دفع عملية السلام قدما".
وغادر كيري بعدها عمان على متن مروحية متوجها الى القدس حيث التقى مجددا نتانياهو قبل ان يلتقي ايضا الرئيس الاسرائيلي شيمون بيريز.
وقال مسؤول في وزارة الخارجية الاميركية ان كيري ونتانياهو اجريا الجمعة "محادثة مفصلة ومهمة حول سبل التقدم انطلاقا من محادثاتهما المعمقة الليلة الماضية".
كما قال بيريز لدى بدء لقائه بكيري "اعرف ان الامر صعب وهناك مشاكل كثيرة"، مضيفا ان هناك "اكثرية واضحة بين السكان تؤيد عملية السلام وحل الدولتين".
وكان كيري التقى نتانياهو مساء الخميس طيلة اربع ساعات الى عشاء عمل في القدس، ثم انتقل الى عمان على متن سيارة عبرت الضفة الغربية حيث تناول الغداء مع عباس، مع احتمال اجراء مزيد من الرحلات المكوكية بين الجانبين خلال اليومين المقبلين.
وقال كيري لعباس خلال اللقاء الذي عقد في منزل السفير الفلسطيني في عمان "لقد عقدنا اجتماعا طويلا جيدا" في اشارة الى اجتماعه مع نتانياهو الخميس.
واضاف "سنعود".
والتزم المسؤولون الصمت حول اجتماع كيري مع نتانياهو مساء الخميس والذي عقد خلال عشاء عمل في احد الفنادق الفخمة في القدس.
وقال مسؤول اميركي، فضل عدم الكشف عن اسمه، ان كيري "كرر التزامه القوي والمستمر بالعمل مع جميع الأطراف لتحقيق حل الدولتين اللتين يفترض ان تعيشا جنبا إلى جنب في سلام وأمن"، واصفا الاجتماع بانه "بناء".
ويعطي كيري الاولوية لتحقيق السلام في الشرق الأوسط. وقد زار السناتور المخضرم والمرشح الرئاسي السابق الذي تولى منصبه في شباط/فبراير الماضي المنطقة خمس مرات منذ ذلك الحين.
وقلل مسؤولون أميركيون من اهمية الآمال بتحقيق اختراق الا ان كيري عبر عن امله باحراز تقدم قبل ايلول/سبتمبر محذرا من امكانية حشد عباس الرأي العام الدولي ضد اسرائيل في الاجتماع السنوي للجمعية العامة للامم المتحدة.
وهدف كيري المباشر الآن ليس ايجاد تسوية للنزاع بقدر ما هو استئناف المفاوضات المباشرة بين اسرائيل والفلسطينيين والمتوقفة منذ نحو ثلاث سنوات.
ويريد الفلسطينيون، بعد فشل الجولة الأخيرة، وقف الاستيطان بشكل تام والاشارة الى حدود ما قبل احتلال اسرائيل للاراضي الفلسطينية في حزيران/يونيو 1967، كشرط للعودة الى المفاوضات.
وتدعو اسرائيل للعودة الى المفاوضات المباشرة دون "شروط مسبقة".
وقبل يوم واحد من زيارة كيري، منحت لجنة تخطيط اسرائيلية تابعة لبلدية القدس الاربعاء موافقة نهائية على بناء 69 وحدة سكنية استيطانية جديدة في مستوطنة هار حوما (جبل ابو غنيم) في القدس الشرقية المحتلة.
ولم تبد الولايات المتحدة رد فعل واضحا على هذه الخطوة، فيما انتقدت عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حنان عشراوي غض الولايات المتحدة الطرف عن التصريحات والاجراءات الاسرائيلية.
وقالت عشراوي لفرانس برس ان "اسرائيل تبعث برسالة وراء رسالة الى كيري مفادها ان الاستيطان هو ردها على كل مبادرة (سلام)".
واضافت "بعد ذلك يتم القاء اللوم على الفلسطينيين لعدم عودتهم للمفاوضات".
ويقول مسؤولون اميركيون انهم يريدون بناء اساس متين لمحادثات السلام بحيث لا تكون اي مفاوضات جديدة رمزية فقط بل تشكل فرصة حقيقية للمضي نحو تسوية نهائية.
وتطرقت بعض المقترحات الى احتمال اطلاق سراح فلسطينيين محتجزين منذ ما قبل اتفاق اوسلو العام 1993، مما يعد بادرة حسن نية تمنح الرئيس عباس مزيدا من هامش للتحرك.
والمقترح الآخر هو تعهد رسمي من اسرائيل بعدم اعلان بناء مستوطنات جديدة دون ان تعلن الدولة العبرية صراحة تجميد بناء المستوطنات، وهي خطوة قد لا تتقبلها حكومة نتانياهو اليمينية المتشددة.
واتسمت علاقة نتانياهو بالرئيس الاميركي باراك اوباما بالتوتر خلال ولايته الرئاسية الاولى بسبب الضغوط لتحقيق السلام. وخرج نتانياهو من انتخابات كانون/الثاني يناير مع حكومة اكثر تشددا ازاء السلام.
واعتبر شريكه في الائتلاف نفتالي بينيت الذي يرأس حزب البيت اليهودي اليميني المتطرف، ان القضية الفلسطينية مسالة ستعاني منها اسرائيل دائما.
وقال بينيت في تصريحات لصحيفة "معاريف" الاسرائيلية انه سيستقيل من الحكومة ان وافقت على اقامة دولة فلسطينية، لكنه قال انه لا يعارض المفاوضات التي قال انه يعتقد انها لن تؤدي الى اي تغيير.
واضاف للصحيفة "لست محرجا من الاعلان امام الجميع ان ارض اسرائيل لنا" ويعني بذلك ما يسميه "اسرائيل الكبرى" بما فيها اراضي الضفة الغربية.
واظهر استطلاع للرأي نشرت نتائجه الجمعة ان غالبية كبرى من الاسرائيليين تؤيد استئناف مفاوضات السلام مع الفلسطينيين لكنها متشائمة ازاء فرص ان تؤدي الى اتفاق سلام.
وافاد الاستطلاع الذي نشرته صحيفة "اسرائيل هايوم" المؤيدة للحكومة ان 56,9% من الاسرائيليين يؤيدون استئناف المحادثات التي يحاول كيري اعادة اطلاقها.
في غزة طالب اسماعيل هنية رئيس وزراء حكومة حماس الجمعة الرئيس الفلسطيني ب"عدم الوقوع في فخ المفاوضات" التي يسعى كيري الذي يزور المنطقة الى احيائها.
وقال هنية للصحافيين عقب ادائه صلاة الجمعة في مسجد شمال قطاع غزة "نطالب الاخوة في السلطة والاخ ابو مازن (الرئيس الفلسطيني محمود عباس) بان لا يقع في الفخ مرة ثانية وفي وهم المفاوضات مرة اخرى".
كما دعاه ايضا الى "ان يتجه نحو بناء استراتيجية فلسطينية قائمة على استعادة الوحدة وانهاء الانقسام وبناء كيان فلسطيني صامد ومقاوم وقادر على التحرك في كل الساحات".
واضاف "نحن لا نعول على زيارة كيري للمنطقة، هو لا يملك اي مشروع وهو يسير في سقف المواقف الاسرائيلية والادبيات الاميركية الاسرائيلية".