العدد 37 - السبت 12 أكتوبر 2002م الموافق 05 شعبان 1423هـ

رجل المطر RAINMAN

فيلم (رجل المطر)، أهم الأفلام التي عرضت في عام 1988، واستحق لقب فيلم الجوائز، حيث حصل على «8» جوائز أوسكار أفضل فيلم، أفضل إخراج، أفضل ممثل، كما حصل قبل الأوسكار على جائزة الدب الذهبي في مهرجان برلين الدولي.

ويتناول فيلم «رجل المطر» عزلة الفرد واغترابه في وسط مجتمعه، كما يؤكد ضرورة الاتصال بالآخر وفهمه وقبوله كما هو. وقد جاء تجسيد كل هذه المعاني من خلال تلك العلاقة التي تقوم بين شقيقين، عندما يلتقيان من جديد بعد وفاة والدهما. أحدهما يدعى شارلي «توم كروز» يعمل في تجارة السيارات ويعاني من أزمة مالية، وهو الذي لم يكن على وفاق مع والده المليونير وتركه منذ أن كان في السادسة عشرة من عمره.

أما الشقيق الأكبر ريموند «داستن هوفمان» فقد كان مقيماً في مصح للمتخلفين عقلياً منذ أكثر من خمسة وعشرين عاماً، حيث كان يعاني من مرض عقلي دفعه إلى التوحد مع الذات والعجز عن فهم الواقع والتعامل معه وإقامة علاقات سوية طبيعية مع الآخرين. لكنه في الوقت ذاته يملك قدرة هائلة ومذهلة في التعامل مع الأرقام وحل المسائل الحسابية، هذا إضافة إلى امتلاكه لذاكرة قوية وملفتة يمكن أن تختزن معلومات وإحصاءات تثير الدهشة حقاً، كحوادث الطيران مثلاً.

وبوفاة الوالد ينتعش الأمل لدى «شارلي» لحل أزمته المالية، معتقداً بأنه سيرث تركة والده، إلا أنه يصدم عندما يعرف وصية والده، والتي تقضي بملكيته للسيارة القديمة فقط، تلك السيارة التي كانت سبباً في تأزم العلاقة بينه وبين والده. ولم يكن شارلي يتذكر بأن له شقيقاً، بل أنه فوجئ بأن ملايين والده ورثها شخص يدعى «ريموند»، لا يعرف معنى المال ولا كيفية التصرف فيه. ويكتشف شارلي أو يتذكر بأن ريموند هو نفسه «رينمان» الذي كان يشعر بالراحة والطمأنينة في حضوره عندما كان صغيراً، بل كان يعتقد بأن شخصية «رينمان» هي من نسج خياله هو.

هنا يقرر شارلي، وينجح في أن ينتزع شقيقه من المصح من دون علم المشرفين هناك. دافعه في ذلك هو إيجاد طريقة للحصول على نصف التركة - على أقل تقدير - من شقيقه مهما كلفه الأمر، وفي سبيل ذلك يتحمل سلوك ريموند الطفولي، ويتحمل المشكلات التي تترتب من جراء تخلفه العقلي. وهو - بالطبع - لا يتردد في استغلال مهارات ريموند وقدراته على التعامل مع الأرقام في الكسب من صالات القمار في «لاس فيجاس». ولكن فيما بعد يتغير موقف شارلي، ويشعر تجاه ريموند بالحب والاحترام، بل ويقرر الاعتناء به ورعايته، غير ان هذا الأمر لا يمكن تحقيقه، على اعتبار ان ريموند ليس مؤهلاً لفهم الحياة والتكيف مع العالم والناس خارج المصح العقلي.

تكمن قوة الفيلم الفنية في أداء داستن هوفمان لشخصية ريموند، اذ حرص هذا الفنان العبقري على دراسة شاملة للشخصية وسلوكها، واهتم بأدق التفاصيل المتعلقة بالحركة والإلقاء، فقدم دوراً صعباً لا يتكرر، ونجح بتمكن في توصيله بشكل مقنع ومدهش لا مثيل له، هذا الدور الذي أهله للحصول على أوسكار أفضل ممثل .

أما السيناريو، فهو يقدم لنا رحلة يقوم بها شخصان يختلفان في كل شيء، في سلوكهما وفهمهما ورؤيتهما إلى العالم، ولا يربطهما سوى المال والعجز عن الاتصال والتفاهم. فإذا كانت حال ريموند مرضية عقلية أساساً، فإن حال شارلي نفسية اجتماعية. صحيح أن الفيلم قد أشار إلى هذا الارتباط بين الشخصيتين، إلا أنه لم يحسن استغلاله بشكل عميق. ثم أن السيناريو قد ركز فقط على الربط الوجداني الإنساني بين الشخصيتين، وأغفل الأبعاد السيكولوجية والفلسفية التي كان من الممكن أن تضفي على الأحداث والشخصيات صدقية أكثر.

وعلى رغم من هذا، فإننا أمام فيلم نفذ بشكل جيد ومتكامل إخراجاً وتصويراً وموسيقى وأداء، بل إن فيلم «رجل المطر» سيظل علامة مهمة لا تنسى في تاريخ السينما الأميركية والعالمية.

العدد 37 - السبت 12 أكتوبر 2002م الموافق 05 شعبان 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً