العدد 3944 - الإثنين 24 يونيو 2013م الموافق 15 شعبان 1434هـ

المدافعون عن الظلم والتمييز

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

تتسرّب أنباء منذ مساء الأحد عن دخول المناضل الأفريقي نيلسون مانديلا حالةً حرجةً، فتخفق لذلك قلوب مئات الملايين من مختلف الدول والقارات.

مانديلا شخصٌ وُلد قبل أكثر من تسعين عاماً، ووجد نفسه يدفع ضريبة سياساتٍ فُرضت عليه وعلى قومه، فقط لأن لون بشرتهم سوداء. فقد كان النظام يصنّف الناس حسب ألوانهم، وما يبدو الآن أمراً مضحكاً وسخيفاً، كانت تسير وفقه دولةٌ متقدمةٌ علمياً، اسمها جنوب أفريقيا، امتلكت القنبلة الذرية ونجحت في إجراء أول عملية قلب مفتوح، لكنها لم تنجح في الالتزام بأبسط قواعد حقوق الإنسان... وهي المواطنة المتساوية.

كان على رأس نظام الفصل العنصري نخبةٌ من البيض، تتلوهم الأجناس الأخرى من الملوّنين، مهاجرين آسيويين، هندوساً ومسلمين ومسيحيين، وفي القاع يأتي الأفارقة السود. وحين تخرّج محامياً تخصّص في الدفاع عن قضايا الأفارقة، لأن أغلب المحامين البيض لا يدافعون عنهم، إما اقتناعاً بأنهم أنقى عنصراً، خُلقوا من نارٍ وغيرهم من طين، وإمّا خوفاً من الاصطدام بمجتمعهم العنصري المريض.

قصة «ماديبا» ربما باتت معروفةً للجميع، إذ قاد نضالاً عسكرياً حتى سُجن، حيث تحوّل إلى رمز عالمي للنضال من أجل الحرية.

لم يكن كل العالم مع مانديلا، وإنّما كان معه المناضلون الواعون من كل الشعوب، وكان يصطف مع أعدائه أغلب دول الديمقراطيات الأوروبية العريقة، وظلّت أميركا وبريطانيا تدافعان عن نظام الفصل العنصري حتى مطلع الثمانينيات في عهد الثنائي المشئوم الشرس: ريغان/ثاتشر. وكان مانديلا يتعرّض لحملاتٍ إعلاميةٍ مبرمجة، تقدّمه في صورة المجرم الإرهابي الخطير، على أيدي ثلّةٍ من الكتّاب والصحافيين والإعلاميين. كلهم اليوم اختفوا من الساحة، ولم يعد أحدٌ يذكرهم إطلاقاً، وانمحت أسماؤهم من الوجود، وبقي اسم مانديلا الحر تخفق له القلوب.

كانت هذه الأقلام الرخيصة تهاجمه وتسبّه وتشتمه، طوال ثلاثين عاماً، ما كلّت من الشتائم والقدح، وما تعب وما ملّ هو من النضال. خطّان متوازيان، يمثل أحدهما حب التسلط والاستئثار والاستعباد، ويمثل الآخر حبّ التحرّر والعدالة والمساواة بين البشر. هذه الحركة التي نجد أنفسنا نتعاطف معها بكل وجداننا، كعربٍ وكمسلمين، انسجاماً تلقائياً مع الذات والتاريخ والمبدأ القائل: «لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى». هذه البديهية الواضحة كالشمس، تغيب عمّن نسوا الله فأنساهم أنفسهم، فباتوا متخصّصين في شتم مواطنيهم 24 ساعة في 52 أسبوعاً في العام. هذا حالهم منذ سبع سنوات وأكثر، ما ملّوا وما كلّوا، يعيدون الكلام في الموضوع الواحد ألف مرة ومرة... إلى درجة الغثيان.

صحيفةٌ مستقلةٌ لا تستلم فلساً من تحت ولا فوق الطاولة، تنفّذ عدداً من البرامج التواصلية مع الناس أخذاً بمبدأ «المسئولية الاجتماعية»؛ تهتم بتشجيع الكتابة للشباب والناشئين؛ وتنظّم مسابقات تصوير للمحترفين والهواة (أخذت تستلهمها بعض الشركات والمؤسسات كأيّة فكرة رائدة)؛ ونظّمت معارض للتحف والمقتنيات الأثرية والطوابع؛ وكان آخرها تنظيم حفلات تكريم للإداريين والمعلمين المتقاعدين. وُجّهت الدعوات للجميع دون تمييز، فكلهم أساتذتنا ومعلّمونا، طرفٌ حضر وطرفٌ غاب، خشيةً على نفسه من التسقيط والتشهير والتكفير والاتهام بالخيانة، على أيدي عقارب الرمل التي تعيش في المياه الآسنة، كالطحالب الهرِمَة التي بلغت من العُمُر عتياً، حتى تهرّأت وأفلست وسقطت في ميزان القيم والأخلاق والمبادئ الإنسانية، وأصبحت تستخدم لغة العنصريين الأوباش.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 3944 - الإثنين 24 يونيو 2013م الموافق 15 شعبان 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 16 | 9:29 ص

      لزائر رقم 10

      لا تتعجب ولا تحتار لان ايران الاكثريه هم الاثنى عشريه فمثلا سعوديه او قظر يحكمها شيعي ام سني

    • زائر 18 زائر 16 | 12:10 م

      بس على أساس أنكم تقولون لنا إيران ديمقراطية

      الأخ يتكلم عن الدستور ...... الدستور نفسه طائفي و لا تهرب من الموضوع.
      لا أدري ماذا عن السنة البلوش و العرب و الكرد في إيران .... أليسوا بشر؟
      ذابحينه بإيران و بإيران و بعدين نكتشف أن دستورها طائفي

    • زائر 20 زائر 16 | 3:08 م

      بيتنا من زجاج

      أتّفق بالاّ يجب أن يحتوى الدستور على حصر الحكم في طائفة أو قبيلة. الذي بيته من زجاج .....

    • زائر 15 | 7:18 ص

      بهلول

      "تعلمت أن الشجاعة لا تعني عدم الخوف بل الإنتصار على الخوف. الرجل الشجاع ليس ذلك الذي لا يخاف بل ذلك الذي يقتحم الخوف"
      /
      من أقوال مانديلا
      /

    • زائر 14 | 6:32 ص

      واحد

      اليوم فيه واحد يروج لـ " 10 سنوات سجناً لمرتدي الأقنعة في المظاهرات"
      .
      واحنا نقول له "يا ذكي هل هذا يشمل اللي يحملون سيوف في دوار الساعة أو يسرقون أسواق 24 ساعة و يتلثمون بالغترة مثل الطوارق ؟؟؟"

    • زائر 13 | 5:46 ص

      وظلّت أميركا وبريطانيا تدافعان عن نظام الفصل العنصري

      وهم مستمرون بذلك حتى الان مع الدول الشمولية التي تحمي المصالح و الاطماع

    • زائر 12 | 4:24 ص

      من أمرك قال من نهاني!

      انتهازية وقلة أدب ووقاحة ومستوى متدني من الأخلاق وتربية تضع عليها علامة استفهام نتيجتها طحالب آسنة وعقاربً سامة

    • زائر 11 | 3:59 ص

      حالفين حلف الاطلسي إلا يغضبون الرب عشان يخسف بالناس الأرض

      دول المنطقه والدول الأخرى تتشابه في الشكل كما تتشابه في الاداره والسيطره على مقدرتها حتى على المخدرات بعد مسيطرون. وكل ذلك بسبب بنو إسرائيل وبنوالعباس وبعد منهم بنو غير بس ما بنوا شيء إلبناء الا الرفاهيه والاسراف والاشراف على تدمير الطبيعه وتدمير الانسان وزرع الفتن بين الناس لكي يكونوا في أمان. ... اليوم الصوره أوضح أن ما أعطاه الله للشعوب سرق ...

    • زائر 10 | 3:55 ص

      إنت بس تتحلطم

      شدخلنا في جنوب أفريقيا ..... البحرين فيها وزراء من كلا الطائفتين و ما عندنا تمييز .. اكتب لنا عن إيران اللي حتى دستورها طائفي ينص على أن رئيس الجمهورية لازم يكون شيعي إثني عشري!

    • زائر 17 زائر 10 | 11:41 ص

      لمن يعتبر

      الفرز العنصري والظلم الذي وقع على الأكثرية من قبل أقلية متنفذة مستولية على مقدرات البلاد والعباد ومدعومة من قوى عظمى تطبق إزدواجية في المعايير وفي ابسط حقوق الإنسان. ألا ترى يا أخي وجه التشابه؟

    • زائر 9 | 3:20 ص

      لمن تغيبوا

      ارتكبتم خطأ جييما لعدم تلبية دعوة لحفل اراد منظميه تكريمكم والاحتفاء بكم . العقلاء لايلومونكم ولكنكم ادخلتم الحزن في قلوب الكثيرون ممن يحملون لكم الحب والأجلال في قلوبهم . شئ مؤسف ومخجل في نفس الوقت .

    • زائر 8 | 3:02 ص

      اقلام هادفه

      هكذا يحب ان يكون القلم متنوع في شتى المجالات يثري الناس والمجتمع بالاخبار الجديدة ويرسخ مفهوم الثقافه الحقيقية المعتمدة على حقائق وارقام ونشر الفكر الهادف لا الهادم
      اقلامهم مافتئت في بث الفتن والتحريض وكما اسلفت ياسيد موضوعهم وااااااااااااااحد هو السب والشتم والطعن فالمفلس فكريا يستحيل ان ينتج فنا او ادبا او يأتي بخبر

    • زائر 7 | 2:42 ص

      هذه هي الحقيقة

      كانت تتحجج وتتهم جريدتكم بانكم تكرمون بس المدرسين الشيعة وسوت ليها هوشة كبيرة، طلع انكم دعوتموهم ولكن بعضهم خاف وبعضهم اعتذر. هذا سلك البلد الذين يريدون الفصل بين ابناء البلد الواحد. هذه نتيجة سياستهم ورايتكم بيضاء يالوسط

    • زائر 4 | 12:05 ص

      الشرف ليس له دين...تحية إجلال لمانديلا...

      هذا الأسمر الطويل ذو الشعر الأجعد المبيّض أشرف شرفاء العالم...ولا أبالغ إذا قلتُ إنَّ فردة حذائه أطهر من جميع العنصريين على مدى التاريخ...

    • زائر 2 | 11:36 م

      لولو ومنامه طلعت لولو ونامي لولو

      يقال من شابه أباه ما ظلم، بينما من شابه أمه لا بد أن يكون مثل أعلى مو الأم مدرسة. يدعم هذا القول أقوال كثيره. فأبو جهل وبنات أبوجهل كما مرجانه وسفيانه كلهم يتشابهون. يعني من كان في جنوب أفريقيا لا يختلف عن من في العراق عن من في شبه جزيرة قطريه أو عربيه إذا كانت أمه مرجانه أو من بناتها. مو العرق دساس، أو في غلط في القول؟ هذا يعني بعد هندرسون كان في جنوب أفريقيا ويش إيسوي مو يبحث عن لولو ومرجان حصل عليه في البحرين وزاد عليه ذهب من أحد مناجم (قبور الميتين المنبوشه). سبائك ذهب مرصع بلولو.. ونامي لو

    • زائر 1 | 11:26 م

      وما ظلمونا ولكن كانوا أنفسهم يظلمون..

      من الكلمات التامات في قول المولى عز وجل وقاطعه ولا تحتاج لا لتغيير ولا تفسير لها إلا أن من الناس يعتقد أن فعل كان عند ما جمع في الماضي ولكنه يعني ماضي وحاضر ومستقبل. يعني في أي زمان وفي أي مكان، هناك من يَظلم نفس، كما أن هناك من يُظلم غيره. كما النفس لها وعليها أيضاً وهذه لا تحتاج تسفير. يعني تضر الآخر من أجل مصلحتك. ويش مو ضريت غيرك؟ فعليها وما ربك بظلام للعبيد اليس كذلك بالعبري أو بالعربي. في جنوب أفريقيا وفي أماكن أخرى بتلاقي يهود وأنصارهم من من يطربون الثراء والرخاء وقد يحلون ملكية الالماس

اقرأ ايضاً