بدأت الثورة السورية بعد أعمال الاعتقال والتعذيب التي قامت بها السلطة السورية في درعا وبعض المناطق الأخرى بسبب كتابة شعارات على الجدران تطالب برحيل الرئيس السوري. منذ البداية في أواسط مارس/آذار 2011 كان بإمكان النظام السوري والرئيس بشار الأسد قراءة الشارع السوري الذي أراد ما تريده شعوب أخرى، من حريات وحقوق ثابتة ومشاركة في صياغة حاضرهم ومستقبلهم وفق أسس ديمقراطية جوهرها تداول السلطة. لم يكن بين المطالب سقوط النظام أو سقوط الرئيس بشار، بل كان بإمكان الرئيس التعامل مع الاحتجاجات بأسلوب سياسي عبر التعلم من تجربتي كل من مصر وتونس. لكن الرئيس السوري فضّل المواجهة، واعتبر أن القليل من الاحتجاج في سورية يبرر الضرب بلا رحمة.
في تلك اللحظات بدا واضحاً أن النظام السوري عاجز عن إصلاح حاله، وأن عقدة السلطة والتمترس في ربوعها واحتكارها بلا مساءلة لن تحل في سورية بمطالب إصلاحية. بسرعة كبيرة بادر النظام إلى اتهام السوريين المحتجين على أساليب نظامه بأنهم عصابات مسلحة مندسة، وتعامل مع سلميتهم بأسلوب وحشي.
في المقابل لم يحلم أيٌّ من الشبان السوريين الذين بدأوا حركة التغيير في آذار 2011، بأن النظام السوري سيكون على هذه الدرجة من العنف والفتك، وإلى حد ما راهنوا على بشار الأسد وإمكانية أن يكون مختلفاً. لم يخطر في بالهم مثلاً أن الرئيس الذي تعلم في الغرب وانفتح على أفكار مختلفة سيتفوق على والده الرئيس السابق حافظ الأسد الذي أسس نظاماً ستالينياً لا يعرف الرحمة أو المرونة.
وبعد شهور من السلمية تبخر رهان الإصلاح في سورية وبدأت الانشقاقات في الجيش وذلك بسبب استخدامه في قمع المتظاهرين. في هذا الإطار بدأت عسكرة الثورة. وكلما سقط مزيد من الشهداء على يد قوات الأمن كانت الثورة تتعمق، وارتفع رد فعل المنشقين الذي أسسوا «الجيش السوري الحر». لقد أدار النظام السوري الخلاف السياسي مع الشارع بأسلوب يضمن تحوّل حركة احتجاج عفوية سعت إلى تغيير الواقع السياسي - الحقوقي إلى حركة مسلحة تقاتل على كل صعيد.
هذا لا يعني أنه لم تقع تجاوزات على يد أفراد من «الجيش الحر» أو مجموعات سورية محسوبة على الثورة والثوار. بطبيعة الحال مضى على الثورة أكثر من عامين ونيف، ولا يوجد وضع مسلح ينشأ بين قوى عدة تقاتل نظاماً دموياً ولا تقع في صفوفها تجاوزات.
والواضح في الوقت نفسه أن النظام السوري أطلق سراح المتطرفين من سجونه في بداية الثورة، وسعى إلى خلق وضع يضعف الأطراف الوسطية في المعارضة لمصلحة الأكثر تطرفاً. كما يجب أن نتذكر أن هذا النظام هو الذي فتح حدوده مع العراق في مرحلة التفجيرات الكبرى هناك في 2004 - 2005، كما أنه سبق له أن سلح متطرفين مثل جماعة «فتح الإسلام».
لقد أراد النظام في سورية أن يلعب اللعبة ذاتها التي لطالما نجح بها في السابق: ذهاب النظام سوف يؤدي إلى سيطرة شاملة للمتطرفين، فالنظام على ديكتاتوريته هو صمام الأمان في مواجهة تنظيم «القاعدة» والتطرف. هذا هو بالتحديد مغزى المقابلة الشهيرة التي طرح عبرها قريب الرئيس رجل الأعمال رامي مخلوف أفكاره في صحيفة «نيويورك تايمز» في مايو/أيار 2011 ومفادها أن كل شيء سيتفجر وسينتشر التطرف وستصل الأزمة السورية إلى الجميع بما في ذلك إسرائيل.
إن مجموعات من المعارضة السورية مالت إلى التطرف والفكر الجهادي، وبعضها قام بممارسات لا تليق بالثورة في مناطق محرّرة، إلا أن الفارق بين جرائم النظام وجرائم بعض الفئات المعارضة كبير، فجرائم النظام جرائم دولة وهذه الجرائم ممنهجة وليست فردية، بينما جرائم الفئات المقاومة للنظام تعبّر عن تشرذم، ومن الصعب التأكد من منشأ هذه الجرائم التي قد يكون للنظام دور فيها. وبينما تجب إدانة كل استهداف لمدنيين وطوائف أكانت من الشيعة أو السنّة أو العلويين أو المسيحيين أو الدروز أو من غير هذه الطوائف في سورية، فالمدنيون من كل الأطراف تجب حمايتهم كما يجب التعامل مع الأسرى بطريقة إنسانية، إلا أن جعل أخطاء المعارضة وجرائم بعض المحسوبين عليها حجةً لمناصرة النظام في تدمير البنى التحتية السورية والقتل المبرمج هي الجريمة الأخطر على سورية والسوريين. في كل ثورة يقوم بها المهمشون بعد طول تهميش تقع أعمال لا يجيزها الحس المدني، لكن علاج ذلك ليس بالقبول بشرور النظام أو بعودته مع شبيحته وأمنه الفاسد وفتكه بالشعب، إذ حينها سيتضاعف القتل وتنطلق ثورات أخرى أشد دموية.
إن الحل في سورية لن يخرج أبداً عن ضرورة دعم حقيقي للقوى المعتدلة والمدنية والمنضبطة في المعارضة السورية و»الجيش الحر» التي يمكنها أن تحقق إدارة أفضل للمناطق التي خرجت عن سيطرة النظام. يجب على السوريين التحكم بثورتهم وضمان تطور نموذجها بما يحسن فرص الانتصار والتغير.
المعادلة في سورية تتغيّر بسرعة، فالموقف الأميركي شهد تغيراً في الأيام القليلة الماضية لمصلحة قيام توازن بين سورية وبين قوى المعارضة، وهناك الإعلان الأميركي بتسليح المعارضة وبخطورة استخدام النظام السوري الأسلحة الكيماوية، وهناك في الوقت نفسه التدخل العسكري لـ «حزب الله» وسقوط مدينة القصير. سيبقى السؤال هل يتوغل «حزب الله» في سورية أم يضبط نفسه في منطقة القصير ويوقف الاندفاع الذي بدأه منذ أسابيع؟ وهل تتغير السياسة الإيرانية نسبياً تجاه سورية بفضل رئيس جديد يميل إلى الاعتدال؟ ألا تمثل سورية حالة استنزاف لا نهاية لها للنظام الإيراني؟ الثورة السورية ليست ضد «حزب الله». فبندقية هذا الحزب مكانها الجنوب اللبناني، وعودتها إلى الجنوب هي المطلوبة. إن مكان «حزب الله» ليس في الدفاع عن نظام دموي.
لقد بدأ يتضح في سورية أن النظام لن يستطيع سحق السنّة بصفتهم غالبية سكانية (جرى تهميش معظم أبنائها سياسياً وحقوقياً)، فالسنّة السوريون أصبحوا رقماً لا يمكن تجاوزه. من جهة أخرى لا يمكن تجاوز العلويين السوريين بصفتهم عصب النظام السوري الراهن، ولا يمكن سحقهم. فالعلويون شركاء وسيكون لهم مكانهم في مستقبل سورية. إن قطاعاً كبيراً من العلويين ومن الأقليات المسيحية والدرزية في سورية يخشى من البديل، وهذا ما جعل دفاع هذا القطاع عن الأسد دفاعاً عن الطائفة وتعبيراً عن مخاوفه.
إن التغير في سورية نحو واقع ديمقراطي تعددي يحمي الحريات والحقوق لكل السوريين قادم لا محالة. لكن صعوبة الوضع في سورية ليست فقط بسبب فقدان النظام شرعيته، بل لأنه أصبح ميليشيا كبيرة مسلحة تستند إلى طائفة خائفة من التغيير. إن طرح المعارضة لبديل ديمقراطي مدني يشمل جميع السوريين، والسعي إلى ممارسة هذا البديل في مناطق الثورة سيطور المعادلة نحو المستقبل. إن صيغة الحل بين قوى الثورة وبين قوى ما تبقى من النظام سوف تعني اتفاقاً يوقف القتال ويوقف في الوقت نفسه ملاحقات وقمع النظام واستخدام جيشه. لن يكون بإمكان النظام كسر الثورة وهذا سيؤسس لمضمون الاتفاق على حكومة انتقالية في لحظة تاريخية تزداد اقتراباً.
إقرأ أيضا لـ "شفيق الغبرا"العدد 3940 - الخميس 20 يونيو 2013م الموافق 11 شعبان 1434هـ
صادق
مالفرق ؟
نفس الشئ هنا !
نحن نضربهم بلا رحمة و ننعتهم بالولاء للصفوية !! وحزب الله
والنظام السوري ينعتهم بالولاء لتركيا العثمانية والقاعدة الإرهابية
هل تمتلك الشجاعة لتقول هذا الكلام ؟
منذ البداية في أواسط فبراير/شباط2011 كان بإمكان النظام الـ ـ ـ ـ ـي والـ ـ ـ ـ قراءة الشارع بحريني الذي أراد ما تريده شعوب أخرى، من حريات وحقوق ثابتة ومشاركة في صياغة حاضرهم ومستقبلهم وفق أسس ديمقراطية جوهرها تداول السلطة. لم يكن بين المطالب سقوط النظام أو سقوط الـ ـ ـ ـ، بل كان بإمكان الرئيس التعامل مع الاحتجاجات بأسلوب سياسي عبر التعلم من تجربتي كل من مصر وتونس. لكن الـ ـ ـ ـ ـ فضّل المواجهة، واعتبر أن القليل من الاحتجاج في البحرينيبرر الضرب بلا رحمة.
مقال سطحي جداً
التكالب على سوريا بدأ منذ انتصار المقاومة اللبنانية على العدو الصهيوني 2006،بعفوية ثورات الشعوب،تم حرف اتجاهها لثلة ممن أسسوا ونظموا انفسهم جيدا كالإخوان المستسلمون،لم يكن هناك بديلا تم استلاب الثورات،وظنوا أن سوريا سهلة الكسر فاصطدموا بصلابتها لأن الشعب يساند رئيسه،لن نغفل عن مطالب الشعب السوري المحقة في الإصلاح،لكن المخطط كان يصب لتصفية القضية الفلسطينية..لأن سوريا والمقاومة اللبنانية كانا آخر معاقل المقاومة.
سقوط المثقفين
اثبتت الأحداث ان ما يسمون بالمثقفين العرب، يلبسون قناع الثقافة والتغيير ليس إلا، عندما تتواجد جماعة تكفيرية متطرفة في سورية، تصرح القاعدة انها تتبعها، وتقوم بالذبح والتفجير والقتل، ويسمى هذا ربيعا عربيا، فلبئس الربيع هذا وليذهب إلى جهنم، والسلام
المقال يفتقد الموضوعية
المقال يفتقد الموضوعيه، الحرب على سوريا أصبحت كونية وأن البديل لهذا النظام هو نظام تكفيري وطائفي يقصي ويهمش الطوئف والأهم من ذلك أن المطلوب هو نظام موالي للغرب فالمشروع كبير لذلك الصراع أصبح بين معسكرين المعسكر المناوئ للغرب والمعسكر الموالي للغرب الذي نرفضه.
إن مجموعات من المعارضة السورية مالت إلى التطرف والفكر الجهادي، وبعضها قام بممارسات لا تليق بالثورة في مناطق محرّرة
يعني انت الان مقتنع ان هؤلاء المقاتلون هم طلاب ديمقراطية. والله انا ارثي لحالك مؤخرا . كيف انك ترى هذه المجازر التي قامت بها هذه المجموعات وتفتخر بها امام الملأ وانت تقول انها قامت بما لايليق؟
اسكت احسن
الله يطول في عمر السيد الرئيس بشار الاسد داعس على روسكم
يجب ترك الشعب السوري يختار مستقبله بنفسه
الحل المستورد لن يحقق استقرارا لسورية فكل الاطراف المتدخلة في القضية السورية هي اطراف لا تريد الخير لسوريا.
فقط الشعب السوري هو من يجب ان يقرر مصيره بنفسه وتدخل دول الظلم والجور ومعها المتطرفين سوف يجعل الازمة غير قابلة للحل.
على الشعب السوري ان يحل ازمته بنفسه.
لو ان اطراف المعارضة كلها توحدت تحت مظلة واحدة وتوحدت في اجندتها واهدافها ربما يحصل الحل .
اما ان تفتح سوريا للتدخل العالمي ثم ينشد الحل فلن يكون
السوريون يختارون من يحكمهم لا الغرب ولا من يسمون انفسهم بالمجاهدين وارهابيون
ان الارهاب الحاصل في سوريا كبير جدا من قبل الاف الارهابيين الذين دخلو سوريا بأسم الجهاد ودمروها وشردو اهلها واعدموهم وحاربو طوائف ومعتقدات كانو شيعه او عليين او المسيحيين الذين لم تسلم مقبرتهم ولا ننسى انهم نبشو قبر صحابي جليل. ان الفيديوهات المنتشره للارهابيين كثيره جدا ولا نستطيع اكمال مشاهدتها لقبح وبشاعة فعل الارهابيين... يجب أن يستقيل الاسد وينتخب الشعب من يحكمه كان الاسد او غيره ولكن بشرط ان يقضي الجيش على جميع الارهابيين الذين اتو من الخارج فالشعب مصدر السلطات وهو يحدد من يحكمه لا الاسد
لم تكن لتنجح ثورتي مصر وتونس لولا رفع الدعم الغربي لرئيسهما
سقط الرئيسان في ثورة تونس ومصر لان الغطاء و الدعم الغربي ازيح عنهما فادركا ان الاستقالة أأمن المسالك واراد الغرب تقديمهما كحسن نية للشعوب العربية انه يدعم الديمقراطية و التحرر و في مصر بعد الثورة فقد الجيش كثير من قوته اما ليبيا فلأن لا سلطان للغرب على رئسها فلجأت للقوة العسكرية للاطاحة به كبروفة لما سيجري في سوريا ولكن تفاجأوا بموقف روسيا و الصين اما اليمن