يتكرّس ويُعمّم وتصمت أنظمة عن شيوع «فقه البذاءة». هو ليس فقهاً يستنبط أحكاماً من مصادر التشريع الأصلية والثابتة، للرد على ابتلاءات البشر في عباداتهم ومعاملاتهم؛ بقدر ما يستل رؤى مريضة وشاذة تبعث على الضحك حيناً، والأسى وتكشف عن الانحطاط الذي وصل إليه بعض المحسوبين على الدّين، والدّين منهم بُراء. فقه لا يجد مداخل ومخارج لاستغفال واستغلال السذّج؛ إلا بمزيد من الذهاب في الفتن، وتتجلّى مواهب أولئك في رمي المخالف لهم بأقذع النعوت والأوصاف وتقرير - هكذا - مقعدهم من النار والإقامة الأبدية في الجحيم، بعد أن تيقّن وتأكد وعن ثقة بأنه من سكّان الجنة وضمن تصنيف «سوبر ستار» و»VIP»!
موبوء ومعتوه من يؤمن أن مخطط التقسيم وحروب الطوائف التي بدأت التسخين هي صناعة أميركية وغربية مئة في المئة. هي صناعة «وطنية» بامتياز. ذلك ما تجيده أوطاننا بامتياز أيضاً: صناعة الفتن، وصناعة التكفير من جانب، وحجز الأجنحة والقصور في الجنة من جانب آخر!
***
مثل ذلك «الفقه» ليس جديداً في تأسيسه وقواعده. ثمة من أسّس وقعّد له منذ مئات السنين، وتراث وإنتاج الكراهية والبذاءة مازال حاضراً وقائماً وإن ظل محصوراً في بيئات تعليمية «دينية» لم تبرح قواعد أسلافها وطرق تفكيرهم وتطرّف نظرهم إلى المخالف لهم؛ ليس على مستوى الثوابت في أصول الدّين الواحد؛ بل في فهم وتناول تلك الأصول، أقول حضور ذلك التراث والإنتاج هو الذي يغذي الانطلاق لاستئناف الأدوار الغابرة نفسها كلّما برزت أزمة؛ أو مرّت الأمة بمنعطفات دقيقة تستوجب حضور العقل وإعماله؛ لا الفؤوس والخناجر والحراب واللامنطق البذيء والذي لا يخلو من احتقاره وحقارته في الوقت نفسه!
***
مثل ذلك «الفقه» ليس وليد اليوم. ما أظهره إلى السطح تعدّد وسائل ترويجه التي كانت حتى زمن قريب محرّمة وملعونة ورجساً من عمل الشيطان، وكم هو الإنسان على استعداد للتحالف حتى مع الشيطان لتحقيق مآربه وباسم الله في كثير من الأحيان!
مع دخول مجتمعات المنطقة في مواكبة التحديث لدى دول قريبة، جاء مثل ذلك «الفقه» ليكون له فهمه الخاص بعيداً من التحضّر الذي لا يُفهم على أنه استهلاك آخر الصَرعات في الموضة والتقنية؛ بل في النظر والتعامل والأسلوب الذي تتعاطى به ومعه في الحياة من حولك. ما يحدث هو دعوات مفتوحة للكراهية والتحريض والتمييز العنصري الذي أصبح نظراً وتعاملاً وأسلوب حياة ووجود! كل ذلك أيضاً باسم الله والدّين!
بداية الوفرة المالية فتحت آفاق معرفة وآفاق دجل وآفاق استغفال للعقول وآفاق شحن للقلوب في الوقت نفسه. ظهرت الفضائيات الخاصة منذ مطلع تسعينيات القرن الماضي وإن بوتيرة بطيئة؛ ليبرز مصدر رزْق سهل يتيح ثروة من جهة وأنصاراً ومتابعين «عزوة» من جهة ثانية؛ وفرص تجريب وارتجالاً وبث احتقان وتطاولاً وتكفيراً، من جهة ثالثة، والسذّج الذين هم على استعداد لتحمّل تبعات أن يتم تضليلهم من قومهم أو بعض قومهم كثيرون اليوم!
أتاحت تلك الفضائيات ومواقع التواصل الاجتماعي اليوم نوافذ من جهنم في واقع الأمر. جهنم التي يتوعّد بها أولئك النفر المخالفين لهم؛ ليس على مستوى الثوابت والأصول؛ بل درجات الفهم والنظر وبمصادر التشريع نفسها؛ إذا سلّمنا بتعدّد الفهم والنظر في أبسط أمور الدنيا؛ فكيف به وهو على ارتباط بأمور الدّين؟!
***
ليست بعيدة منا حملات تشهير وتكفير وتحريض على امتداد العواصم. يخرج الواحد منهم ومن على منبر في عاصمة عربية وتحت عناوين شتى ولها مدخل رئيس يُبتغى منه التعبئة. التعبئة التي يتم تعميمها ضد مذاهب أصلية هي بعمر هذا الدّين، يشنّف أسماعهم بالبذيء من ذلك «الفقه»! مزبداً ومرعداً وبتخريجات لا تحتاج إلى كبير فطنة وعلم جمّ لكشف وهنها وعوَرها وتجيير استدلالها، داعياً من تلك العاصمة هنا والمدينة هناك إلى الدفْع بالبشر كي يكونوا وقوداً في «البؤر الساخنة». ينهي خطبته على عجل ليلحق بطائرة تأخذه إلى بلاد الله «الباردة» وضبابها الذي ينعش النفس! ليعود إلى حيث ينتمي من بلاد مشغولاً برفاهيته وبرامج الاستثمار «الديني» المشغول في الإعداد لها! برامج لا تخلوا أيضاً من بذاءة بمناسبة أو من دون مناسبة.
***
لا أقول إن الغرب برئ مئة في المئة من مخططات التقسيم وإعادة إنتاج الفتن الكبرى التي توهّم كثيرون أن زمنها ولّى. الغرب يقرأ تاريخنا أكثر منا. يقرأه بوعي. نقرأه أيضاً لنترك تنهيدة أسف على الجميل منه، ونتشفّى كل بحسب موقعه المذهبي، في جانبه المَرَضي، على القبيح والبذيء منه؛ لكن ما يحدث اليوم من فقه تحشيد وكراهية وتكريه وبذاءة لا يدع مجالاً لتردّدٍ وتقرير أن الفتن الكبرى يعود إنتاجها من جديد وبأيدٍ «وطنية»!
إقرأ أيضا لـ "جعفر الجمري"العدد 3939 - الأربعاء 19 يونيو 2013م الموافق 10 شعبان 1434هـ
لا فض فوك فقد مسكت بموطن الوجع
لقد امسكت بمواطن اوجاعنا منذ عصر الاختلاف الاول .. منذ بيع الفقه في سوق النخاسة .
بدون تعليق
ويمكرون ويمكر الله, والله خير الماكرين. (محرقي/حايكي)
من الشائعات والمضيعات
العتمه والظلام والنور والضياء من المفردات الشائعه، لكن اليهود دائما يعتمون على الناس وينشرون الشائعات المغرضه التي تشوش وقد توشوش للناس الرؤيه من قريب او من بعيد. بس هنا يحتاج الناس أن تتأمل لكي لا تتألم وهذا وارد لأن الناس كل مشغوله بشنوا مشغوله ما تدري. ساهون بعضهم وبعضهم لاهون. فله مو مفرد اليس كذلك؟
المخار الثقفي
هي ثقافة استحمار من أن يٌركب على ظهره طول الدهر حتى في ورده جهنم وبئس المصير... تكفير وقتل وتهجير من الاوطان وجز النحور ... كل ذلك يتم باسم الدين وخوفا عليه ممن لا خوف منه اصلا، الا ان امثال هؤلا التكفيريين لايمكنهم العيش دون السب والقذب والبغض امتداد لقولهم المشهور نقتلك بغضا لأبيك ،،، ويقتلون الاخرين لحبهم له ولأبيه
من البر
انتاج عربي صرف
و من يراي غير دلك ....فرؤيته محجوبه
من عجز عقله ان يفقه ماصائبه ومشاكله برء تفسه ورمي المشلكه علي الغير
اسهل طريقه لراحه البال
مو مني .... منهم ...
خام الغباء المتوفر بكثرة في ادمغتنا هم يستخرجون للتصنيع
لدينا اختياطي لا ينتهي من الغباء احيانا الحكام واحيانا الغرب و قد يكون الاثنان يستخرجوه ليصنعوا منه منتجات التخلف و الكراهية و شئ مزيج بين الاثنين