يجب البيان بأن المرسوم بقانون رقم (47) لسنة 2002، يتضمن عدة نصوص وأحكام معترض عليها لأنها تعتبر متخلفة وغير متسقة مع أحكام الدستور عموماً. ونوجز أدناه بعض هذه النصوص بشأن قرارات وزير الإعلام المتعلقة بخاصة «بالرفض الضمني» لموضوع «طلب الترخيص» أو موضوع «طلب تداول المطبوع» وذلك على سبيل المثال لا الحصر.
فيما يتعلق بطلب ترخيص بإنشاء مطبعة، تنص المادة 4 (ج) على أنه «يجب البت في طلب الترخيص خلال ستين يوماً من تاريخ تقديمه، ويعتبر انقضاء المدة دون البت في الطلب، رفضاً ضمنياً». ويعتبر هذا النص مقيّداً لحق طالب الترخيص في الطعن في قرار رفض المحكمة الكبرى المدنية، كما هو مبين في الفقرة الأخيرة من الفقرة (ج) من هذه المادة.
فيما يتعلق بالفصل الخاص بتداول المطبوعات، تنص الفقرة الأخيرة من المادة 19 على أن «لذوي الشأن الطعن في قرار منع التداول أمام المحكمة الكبرى المدنية خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ صدوره، أو العلم به». وقد تناولنا التعليق على هذه المادة سابقاً. ولكن للإيجاز، نبين أن تعبير من «تاريخ صدوره»، لا يبين منه إن كان «قرار منع التداول» قد صدر بخطاب موجّه من الوزير إلى «ذوي الشأن» ليكونوا على علم به، وبخاصة لأن مدة الخمسة عشر يوماً المخصصة للطعن القضائي في قرار منع التداول، هي قصيرة جداً. وقد تحكم المحكمة برفض الطعن شكلاً لعدم تقديمه خلال هذه المدة المقررة. كما أن العبارة الأخرى المعترض عليها «أو العلم به»، أي أن الطعن في قرار المنع يمكن أن يكون من تاريخ العلم بهذا القرار. وقد يؤدي غموض العبارة إلى مصادرة حق ذوي الشأن في الطعن في قرار المنع الذي قد يأخذ تاريخ علمهم بهذا القرار مدة طويلة، دون مبرر قانوني.
فيما يتعلق بالفصل الثالث بشأن إصدار الصحف، تنص المادة 51 على أنه «يتم البت في طلب الترخيص خلال ستين يوماً من تاريخ تقديمه... ويعتبر انقضاء هذه المدة دون البت في الطلب، رفضاً ضمنياً». ثم تنص الفقرة الثانية منها على أن «لصاحب الشأن الطعن في قرار الرفض أمام المحكمة الكبرى المدنية خلال ثلاثين يوماً من «تاريخ إخطاره بقرار الرفض»، أو «من تاريخ اعتبار طلبه مرفوضاً». وهذا يعني أن قرار الرفض قد صدر في هذه الحالة ضمنياً وذلك بعد مرور ستين يوماً من تاريخ تقديمه. وبناء عليه، يستنتج من هذه العبارات الغامضة والسلبية في المواد السالفة، إنها لا تفرض على وزير الإعلام التزاماً محدداً بإصدار قرار مسبَّب – يوجه إلى ذوي الشأن – سواءً فيما يتعلق «برفض طلب الترخيص»، أو فيما يتعلق «بمنع تداول المطبوع» المعترض عليه. وذلك أن كلاً من «طالب الترخيص»، «وذوي الشأن» له الحق في الحصول على قرار الوزير المسبًّب بشأن كل من رفض طلب الترخيص أو منع المطبوع من التداول، ليتمكن كل طرف متضرر من قرار الوزير من إرفاق هذا القرار المسبَّب بمذكرة طعنه في هذا القرار المقدمة إلى المحكمة المختصة لتراجعه بسهولة ويسر. بينما يبين لنا من أحكام المواد السالف بيانها، أنها لا تؤدي إلى هذا الغرض، بل إنها تعيق وتقيد الحق الدستوري للمتضررين من قرار رفض طلب الترخيص، أو قرار منع المطبوعات من التداول، في اللجوء إلى القضاء بالسرعة الممكنة التي تضمن لهم حق التقاضي المباشر، وفقاً للمادة 20 (و) من الدستور.
ولتصحيح الوضع الدستوري لهذه المواد، أو المواد الأخرى المشابهة لها، نرى تعديل هذه المواد السلبية، بمواد ايجابية تقضي بصدور قرار مسبَّب من الوزير في كل من حالة «رفض طلب الترخيص» أو حالة «المنع من تداول المطبوع»، على أن يوجّه هذا القرار المسبًّب إلى كل من طالب الترخيص، أو ذوي الشأن مباشرة، وبدون تأخير عن المدد المقررة في المواد السالف بيانها.
ولابد لنا في نهاية هذا البحث عن قانون الصحافة والصحافيين أن نوجه اللوم عموماً إلى مجلس النواب لتعثره وعجزه، غير المبرر، في مناقشة وإقرار مشروع قانون بشأن الصحافة والطباعة والنشر، من ضمن عدة مشاريع قوانين عرضت عليه في هذا الشأن خلال العشر سنوات الماضية حتى أصبحت الصحافة المحلية تطلق عليه «مجلس الرغبات»، لا مجلس القوانين والمساءلة والاستجوابات. وحتى هذه الرغبات الكثيرة التي يسهل عليه تقديمها للحكومة باستمرار، هي مشكوكٌ في تحقيقها من قبل الحكومة، لأنها تتوقف على إرادة الحكومة في منحها أو عدم منحها للمجلس. وليس لنا في هذا المجال إلا أن ننقل ما اقُتبس لنا في صحيفة الوسط (تاريخ 29/1/2013 – ص 18) من قول على لسان النائب الشيخ عادل المعاودة الذي صرح للصحف المحلية قائلاً: «أقول إذا المجلس نفسه لم يأخذ الزمام، لا(يجب) أن ننوح، لا على التقرير (تقرير ديوان الرقابة) ولا تطالبوا وزير ولا شيء». ثم «فجر الحقيقة المرة» – كما تقول كاتبة العمود – عندما قال للوزراء: «حطوا في بطنكم بطيخة صيفي، ولا استجواب ولا غيره». ثم تعلق الكاتبة المستنيرة على هذه المقولة بقولها: «ولا نقول إلا صدق المعاودة، وهو لم يفعل ما طالب النواب به في استجواب الوزراء». وتفسيرنا لهذه العبارات المبسطة هي أن الكاتبة تلوم أعضاء مجلس النواب الحالي – ونحن على مشارف نهاية الفصل التشريعي الثالث – على تقصيرهم أو قدرتهم على طرح استجوابات للوزراء، تؤدي إلى طرح موضوع الثقة فيهم ومن ثمَّ استقالتهم، وهذا أمر مستغرب فعلاً. وقد تكون الصحافية المجدة محقةً في وصفها مجلس النواب بأنه «مرّ بعشر سنوات عجاف»، لم يتمكن من خلالها من تفعيل سلطاته التشريعية والرقابية المبينة في الدستور. ولكن الذي نعرفه هو أن المعوقات الدستورية التي يفرضها الدستور الحالي على اختصاصات هذا المجلس التشريعية والرقابية، هي أيضاً من الأسباب المهمة التي تحدّ من، وتعيق قدرة مجلس النواب في إصدار التشريعات الضرورية اللازمة في الوقت والتاريخ المناسب. ويمكن الإشارة إلى مشروع قانون الصحافة والطباعة والنشر كمثال حي لمساءلة كل من الحكومة ومجلس النواب معاًً عن تأخير إصدار هذا المشروع لمدة عشر سنوات حتى تاريخه.
وأخيراً، لقد استعجلنا تقديم هذا البحث عن قانون الصحافة والطباعة والنشر لسنة 2002، على أمل أن مجلس النواب الحالي سيستذكر وعده السابق قبل انعقاد دورته الثالثة الحالية من الفصل التشريعي الثالث بتاريخ 6 أكتوبر 2012، بأنه سيعطي هذا القانون المهم أولوية للمراجعة والنقاش على جدول أعماله للدورة الحالية، وذلك بعد مضي نحو عشر سنوات على عرض مشروعين بشأن قانون الصحافة على جدول أعماله دون الخروج بأية نتيجة إيجابية تُسر عين الناظرين. ولعل مجلس النواب لا يزال كالعادة، ينتظر من الحكومة ـ ودون مبادرة ايجابية منه ـ أن تفي بوعدها الذي قطعته للمجلسين منذ مايو 2012، بأنها ستتقدم له بمشروع قانون جديد بشأن الصحافة. وبناء عليه، فإن مجلس النواب ليس بيده شيء، سوى الانتظار لتحقيق هذا الوعد الحكومي بتقديم مشروع قانون حضاري جديد بشأن الصحافة، على أن يكون هذا المشروع منتجاً ومقبولاً لدى الصحافة والصحافيين، ولدى الشعب عموماً.
ولتذكير مجلس النواب أخيراً، نقول: إن المرسوم بقانون رقم (47) لسنة 2002 بشأن الصحافة والطباعة والنشر يُشكل إعاقةً لحرية الفكر وحرية الرأي والتعبير. لذلك يجب رفع القيود التي يفرضها هذا القانون على حرية الرأي والتعبير المفروضة على الصحافة والصحافيين، وخصوصاً فيما يتعلق بعقوبة حبس الصحافي عموماً سواء مباشرة وفقاً لأحكام هذا القانون، أو بصورة غير مباشرة عن طريق الإحالة إلى قانون العقوبات.
وعليه، فإن التحديات تواجه اليوم مجلس النواب الحالي في أن يثبت جدارته وقدرته في إخراج وإصدار قانون ديمقراطي حديث للصحافة، خالٍ من العيوب السالف بيانها في هذا البحث، على أن يلبي هذا القانون احتياجات الصحافة والصحافيين في القرن الواحد والعشرين في الحصول على المزيد من حرية الفكر وحرية الرأي والتعبير دون أن يتعرّضوا إلى أية مضايقات أو تهديد بالحبس تحت طائلة قانون الصحافة أو أي قانون آخر.
وبناء عليه، فان غرضنا من هذه الدراسة هو بيان العيوب القانونية والدستورية التي يتضمنها المرسوم بقانون الصحافة والطباعة والنشر رقم (47) لسنة 2002 الذي يعتبر من أهم التشريعات التي تنظم حرية الرأي والتعبير – وفقاً للمادتين 24،23 من الدستور – وذلك للأخذ بملاحظاتنا في هذه الدراسة بعين الاعتبار عند استبدال هذا المرسوم بقانون بتشريع جديد للصحافة والطباعة والنشر يجب أن يكون في نظرنا، تشريعاً عصرياً تقدمياً يطلق حريات الفكر والرأي والتعبير من عقالها الحالي الذي تعاني منه.
وبمناسبة الاحتفال الدولي باليوم العالمي لحرية الصحافة الذي يصادف يوم 3 مايو 2013، فقد أكدت وزيرة شئون الاعلام في تصريح لها على قرب صدور مشروع قانون الصحافة الجديد الذي وصفته بالقانون «المستنير». كما صدرت بشأنه عدة تصريحات سابقة من قبل المسئولين في الحكومة خلال هذه السنة وقبلها. ولكن لا يزال الصحافيون والجسم الصحافي في البلاد عموماً يرتقب صدور هذا القانون العصري أو «المستنير» (كما وصفته الوزيرة) الذي ينظم حريات الفكر والرأي والتعبير في البلاد على أسس صحيحة تتفق والمعايير والقيم الدولية المقررة.
ولعل النقد الموضوعي للمرسوم بقانون رقم (47) لسنة 2002 بشأن الصحافة الذي تتضمنه هذه الدراسة سيضيء الطريق أمام أعضاء مجلس النواب وغيرهم من المعنيين بإطلاق حرية الصحافة – سواءً من الحكومة أو الشعب - وذلك عند مراجعتهم لمشروع قانون الصحافة الجديد الموصوف «بالمستنير» الذي وعدتهم به الحكومة منذ مايو 2012، وهو لايزال ينتظر، قبل صدوره، «إنجازاً لأمور أخرى» قبل تقديمه إلى مجلس الوزراء، كما أشارت وزيرة الاعلام في تصريح سابق لها، ولكن دون أن توضح لنا ما هي هذه الأمور المهمة الأخرى التي تستوجب تعطيل إصدار هذا القانون المهم بشأن الصحافة والطباعة والنشر أكثر من عشر سنوات عجاف. (انتهى).
إقرأ أيضا لـ "حسين محمد البحارنة"العدد 3938 - الثلثاء 18 يونيو 2013م الموافق 09 شعبان 1434هـ
من المسائل أو المشاكل التي صنعت البشريه
يعني جابين ليهم قانون تخييط وتفصيل ترزي مصري من أم الدنيا ومن آخر الدنيا ونسوا أم الكتاب. يعرفون كتب الكتاب لكن ويش خلوا للقانون بعد. إذا بتسأل واحد من البسطاء المصريين المغلوب على أمرهم عاوز الحق أو إبن عمه على طول يختار إبن عمه. هو مين إبن عم الحق؟
يحاسب ولا يحسب
من المسائل يحاسب ولا يحسب..
لو كل واحد حاسب نفسه قبل ما يكتب أو يقول قول أو يكتب مقال هل يجوز وما لا يجوز نقله أو مقاله لكان الناس بدون قانون فصاحه نجح. لكن ناس تحاسب غيرها وتنسى محاسبة نفسها. إشلون بيكون القانون عندها صحيح ولا تريد إلا أن تحاسب الغير بس ناس وناس لا؟ وبعد في ناس تقول برأيها ووجهات نظرها دون أن تتحقق وتزن وتقيس بمقاييس وأوزان لا بمعايير ومؤشرات وفتاوي بعد؟
رجال صدقوا
رجال مرور عرفنا ينظمون السير في الطرقات، لكن مشكلة هالشرعه والشرع وكتابات على الجدران مزينين الحوائط بآيات قرآنيه من كلام الله. ليش عندهم تصريح صحفي بنشر القرآن في الطرقات ولا يأخذون بما جاء فيه؟ أليس قانون الصحافه والنشر منقوص وقال تعالى لا تعتدوا... إن الله لا يحب المعتدين.. ويش لا تقولون ما قال؟
أين رجال القضاء؟ وأين رجال القانون؟ وأين رجال الدين..؟ هل يجوز أن ينشر القرآن بهذه الوسيله؟