إن ما تحتاج إليه مملكة البحرين هو مركز لزراعة الكلى، وليس زيادة مراكز الديلزة المؤقتة، فسكان البحرين أكثر من نصف مليون مواطن، وإذا اتخذنا الإحصائيات الدولية بأن المرضى المصابين بهبوط مزمن في الكلى يتراوحون بين 70 و 150 مريضاً لكل مليون، إذاً فهناك معدل 50 إلى 800 مريض سنويّاً بحاجةٍ إلى العلاج، وأفضل العلاج هو زراعة كلى للمريض.
وجود مركز لزراعة الكلى في البحرين هو ما نادينا بإنشائه منذ أكثر من عقدين لوجود مركز متخصص منفصل إدارياً ومالياً، كما هو معمولٌ به في مركز محمد بن خليفة آل خليفة لأمراض القلب، يستطيع أن يقدم خدماته لزراعة الكلى للمرضى الذين هم في حاجة إلى هذا العلاج لما يقرب من نقل 40 كلى سنويّاً من متبرعين أقارب أحياء ومن متوفين دماغيّاً.
التجربة ونجاحها متمثلة في المركز السعودي لزراعة الأعضاء، وعدد سكان المملكة أكثر من 20 مليون نسمة، فيها من مراكز زراعة الكلى والكبد والقلب ما يزيد على 20 مركزاً – يستفاد من أعضاء المتوفين دماغياً من داخل المملكة – ودول الخليج العربي ومنها مملكة البحرين، وتتم زراعة ما يقارب 200 كلية سنويّاً و30 عملية زراعة كبد و20 عملية نقل قلب.
هذه المراكز المنتشرة في أنحاء المملكة العربية السعودية نتج عنها تقليل مراكز الديلزة لما يزيد على 50 في المئة من عددها سابقاً.
التجربة الأخرى أمامنا في الجمهورية الإسلامية في إيران، وعدد سكانها جاوز 70 مليوناً، حيث تجرى أكثر من 500 عملية زراعة ما ينتج عنه اختفاء قائمة الانتظار للحصول على كلى من الأحياء الأقارب وغير الأقارب والمتوفين دماغيّاً، وبذلك تم تقليل مراكز الديلزة المكلفة أكثر من 75 في المئة من عددها قبل عقدين.
وهذه دولة الكويت كذلك يتم فيها عمليات زراعة الكلى للمصابين بهبوط مزمن في الكلى من المتوفين دماغيّاً والأقرباء وغير الأقرباء، وبذلك تمكنوا من تقليل مراكز الديلزة في دولة الكويت عمّا كانت عنه قبل عقدين.
العلاج بالديلزة سواءً عن طريق الديلزة الدموية أو البريتونية هي طريقة مؤقتة لعلاج للمصابين بأمراض هبوط الكلى المزمن، وحتى تتمكن الدولة من توفير العلاج الدائم والمناسب صحيّاً وماديّاً، فعلاج المريض بطريقة توفير العضو التالف لا يتجاوز ربع كلفة العلاج بالطرق المؤقتة. لذلك تضع الدول استراتيجيتها للعلاج على توفير الأفضل والأنسب اقتصاديّاً، وهو ما سينتج عنه توفير الأموال للدولة ووزارتها.
فيا أيها المخطّطون الاستراتيجيون الذين تضعون استراتيجية العلاج في وزارة الصحة... ضعوا في تخطيطاتكم أن البحرين ليست في حاجةٍ إلى زيادة مراكز الديلزة سواء في المنطقة الجنوبية أو الشمالية كما هو مخطط له. وفّروا هذه الموازنات وركّزوا على إنشاء مراكز لزراعة الأعضاء البشرية. طلباتنا هذه وجهناها إلى رئيس مجلس الوزراء سمو الأمير خليفة بن سلمان، وكذلك إلى رئيس المجلس الأعلى للصحة الشيخ محمد بن عبدالله آل خليفة في رسالةٍ من رئيس التحرير في مجلة «بشاير»، المجلة المتخصصة في أمراض وزراعة الأعضاء في دول مجلس التعاون الخليجي وذلك لتشجيع ودعم التوجه لإنشاء مثل هذه المراكز.
إن التعاون في مجال زراعة الأعضاء بين دول مجلس التعاون والدول الإقليمية مثل جمهورية إيران الإسلامية وجمهورية تركيا. هذا التعاون قائم، وآخر إنجازاته المؤتمر الذي عقد في دولة الإمارات العربية في أبوظبي في فبراير/شباط هذا العام، وهو المؤتمر الثالث عشر لجمعية الشرق الأوسط لزراعة الأعضاء. ومن الأطباء والمراكز المكرمة في هذا المؤتمر مراكز زراعة الأعضاء في المملكة العربية السعودية وكذلك المراكز والأطباء في جمهورية إيران الإسلامية، نتيجة الدراسات والنتائج التي حققها هؤلاء الأطباء والمراكز في تلك الدول. وانتهى المؤتمر بالتوصية بزيادة مراكز زراعة الأعضاء في دول مجلس التعاون ودول المنطقة، لذلك على من يضع استراتيجيات العلاج في البحرين أن تكون هذه الاستراتيجيات متجهة إلى الاتجاه الصحيح.
الغريب أن كل البُنى التحتية في مملكة البحرين متوافرة لإنجاح مشاريع زراعة الأعضاء من الأقارب وغير الأقارب ومن المتوفين دماغيّاً، ومن أيدٍ عاملة كأطباء متمرسين في هذا المجال وكوادر تمريضية ومنسقين لزراعة الأعضاء اكتسبوا خبرةً خلال العقدين الماضيين، ومن توافر مختبرات المناعة وغيرها. وما ينقصنا هو الإرادة والنظرة الاستراتيجية لتقديم خدمات طبية متطورة لمواطني البحرين، وسنجد أن هذه الإرادة مفقودة لدى من يأخذ القرارات غير المسئولة في وزارة الصحة، وخير مثال على ذلك تشكيل لجنة لزراعة الأعضاء مؤخراً في مجمع السلمانية، ويستثنى منها العضو الجراح الذي يقوم بزراعة الكلى في البحرين، والعضو الآخر القادر على المساعدة لإنجاح هذا البرنامج ترك المركز وتوجّه إلى العمل في المملكة العربية السعودية؛ لأنه وجد أن البيئة لتحقيق طموحاته العلاجية غير متوافرة في البحرين؛ لأنها أصبحت بيئةً طاردةً للمواهب والقدرات العلاجية المبدعة في هذا المجال، خصوصاً أنه شاهد ما حصل لزملائه الأطباء بعد الأحداث الأخيرة، وأخذ بالمثل القائل «من حلقت لحية جارٍ له... فليسكب الماء على لحيته». وبحسب خبرتي خلال العقدين الماضيين في هذا المجال فإنه ليس في هذه اللجنة التي شكلت حديثاً أي جراح قادر على إنجاح هذه البرامج.
فيا سعادة الوزير، ويا سعادة الوزيرة، كما قلت في مقال سابق – يا سعدُ ما هكذا تورد الإبل – فعلى المسئولين الكبار أن يجدوا حلاًّ ويشجعوا آخرين يستطيعون أن يوردوا الإبل بسلام، فالمسئول في وزارة الصحة الذي وقع على تشكيل هذه اللجنة هو المسئول الذي أفشل في العام الماضي البروتوكول الذي تم إقراره من قبل وزراء دول مجلس التعاون لتبادل الأعضاء من المتوفين دماغياً في الحادثة التي ذكرتها في المقال السابق، والذي نشر في صحيفة «الوسط» (عدد 3923، 4 يونيو/ حزيران 2013).
فهل يمكن إنجاح مثل هذه المشاريع العلاجية المتقدمة في مملكة البحرين وعلى رأس هذه الوزارة من المسئولين من لا يستطيع أن يورد الإبل... ولدى قرار تشكيل لجنة زراعة الأعضاء الجديدة مستثنى منها اسم الجراح الذي واصل زراعة الكلى في البحرين منذ العام 2000 وأول جراح قام بزرع كلى من متوفين دماغياً.
إقرأ أيضا لـ "أحمد سالم العريض"العدد 3938 - الثلثاء 18 يونيو 2013م الموافق 09 شعبان 1434هـ
خالد
الدكتور احمد العريض من افضل الاطباء في مستشفى السلمانية كثيرا ما حاول انشاء مركز متخصص لزراعة الكلى الا ان اللوبي الطبي والإداري دائماً يضع له العراقيل كما انه ليس انسان طائفي وهذا ما لمسسته من معملة راقية والله ان السلمانية قد خسرت طبيب ذو خبرة وأخلاق
نصيحه
خلك في التقاعد اريح واحسن لك .
المعني شنو ؟
احنا بحاجه لأطباء متخصصين تخرجو من جامعات معترف بمصداقيتها يمارسون عملهم بمهنيه عاليه وبنفسية صادقه ولا يتبعون اساليب التهديد لأن ضهرهم قوي . وزير الصحه يعرف جيدا ماهو مطلوب وفي الوقت نفسه لديه القدره لتحسس احتياجات الناس وترتيب الأولويات . مقالك هدا ومفالاتك السابقه يشم القارئ منها رائحة مفادها ان انت الوحيد اللي تفهم وان الخدمات الصحيه في البحرين فقدت احد العباقره بعد ان خرج علي التقاعد .
ماهكدا تورد الأبل
ما يشم من هذا الموضوع ليس ما تطرقت له. وانما حسب اعتقادي والدي تتهرب منه وزارة الصحة هي المنهجية الخاطئة التي اتبعتها خلال السنتين الماضيتين بتغليب العنصر الطائفي المقيت حتى في العلاج.هذه التصرفات هي التي أدت الى انهيار الخدمات الطبية في البحرين بعد ان كانت للتو ستبدأ في التحسن. القرارات العجيبة الغريبة التي اتخذها وزير الصحة السابق والحالي و وكلائه هي التي سوف تفقد البحرين ما تبقى من كفاءات وخبرات محلية. تخلوا عن التهميش الذي تمارسونه والحقد الطائفي المقيت وبالتأكيد ستصلح الأمور