كأس القارات انطلقت قبل أيام في البرازيل لتشكل البروفة النهائية لاستضافة هذه البلاد النامية بقوة لبطولة كأس العالم 2014 ومن بعدها لدورة الألعاب الأولمبية في ريو دي جانيريو العام 2016 بما يشبه الاجماع الرياضي العالمي على اختيار هذه البلاد تحديدا لأهم حدثين رياضيين عالميين.
البرازيل بلاد كرة القدم حتى الجنون تعود لها البطولة الأهم بعد استضافتها لكأس العالم العام 1950، في ذلك العام الذي لا تنسى أحداثه بعد أن خسرت البطولة في النهائي أمام الأوروغواي لتحل المأساة الأكبر ربما بتاريخ البرازيل.
نحن الآن في العام 2013 ويبدو أن الظروف باتت مختلفة تماما، فاستاد مركانا الذي كان يتسع لقرابة 200 ألف متفرج في العام 1950 أعيد بناؤه ليتسع لما يربو على 85 ألف في أقصى حالاته، بل ان ذلك العشق والجنون الكروي تحول إلى مظاهرات صاخبة ضد استضافة كأس القارات ومن خلفه كأس العالم بشكل دفع الشرطة البرازيلية لاستخدام القنابل المسيلة للدموع والرصاص المطاطي وربما تتطور الأمور أكثر في الأيام المقبلة.
البرازيل على رغم التقدم الاقتصادي الهائل الذي حققته في السنوات الأخيرة لتتحول إلى نموذج يحتذى للدول النامية، مازالت تعتبر أقل بكثير من الدول المتقدمة وذلك انعكس احتقانا في الشارع على هذه الاستضافة.
فالبرازيليون لم يعودوا يتنفسون كرة القدم فقط والتي كانت تنسيهم كل مآسيهم، بل بات الكثير منهم ينظرون لهذه الاستضافة من منظور آخر يتعلق بكلفتها الباهظة وتأثيرها على المشاريع التنموية الأخرى بل تأثيرها على التضخم وأسعار السلع والمواصلات العامة والاختناقات المرورية وغيرها.
بالفعل غريب أن الشعب البرازيلي المتيم بكرة القدم حتى أننا كنا لا نعرف من البرازيل إلا لاعبيها العظماء كشفت عن وجه آخر بل عن شعب آخر يتظاهر ضد الحدث الذي يعود لهذه البلاد بعد 63 عاما.
كثير من الأمور تغيرت بل كثير من المفاهيم، فالبرازيل ليست البرازيل ولاعبوها ليسوا بحجم السابقين وشعبها لم يعد مجنونا فقط بكرة القدم بل أصبح شعبا آخر يقيس الكرة بمقياس الاقتصاد والتكاليف على رغم نهضته الاقتصادية التي صنفت البرازيل كالقوة الاقتصادية العاشرة في العالم.
ربما هي من المرات القليلة التي تستقبل فيها بطولة عالمية كبرى بالمظاهرات، بل هي من المرات الغريبة أو العجيبة أن البرازيل وليس غيرها من تستضيف هذا الحدث.
ما نرجوه أن تمر كأس القارات وبعدها كأس العالم ولاحقا بطولة الألعاب الأولمبية العالمية بسلام ووئام بعيدا عن المظاهرات بل بعيدا عن ربيع برازيلي بنكهة كرة القدم!.
إقرأ أيضا لـ "محمد عباس"العدد 3937 - الإثنين 17 يونيو 2013م الموافق 08 شعبان 1434هـ