العدد 3935 - السبت 15 يونيو 2013م الموافق 06 شعبان 1434هـ

القصير نقطة انعطاف في الأزمة السورية (1)

عبدالنبي العكري comments [at] alwasatnews.com

ناشط حقوقي

عقد «معهد كارنيجي للشرق الأوسط» ندوة تفاعلية بين بيروت وواشنطن وموسكو حول الديناميكية المتغيرة للأزمة السورية يوم الخميس 6 يونيو/حزيران 2013، وشارك فيها من بيروت يزيد الصايغ، الباحث في كارنيجي، ومن واشنطن بول سالم، مدير فرع معهد كارنيجي في بيروت، وفاينل ليفيفر (مرشح دكتوراه) في جامعة أكسفورد ومتخصص في حركة الأخوان المسلمين في سورية، ومن موسكو ديمتري ترينين مدير فرع معهد كارنيجي في موسكو.

افتتح الصايغ النقاش بعرض تداعيات القصير، واستيلاء قوات الحكومة عليها بمشاركة قوات من حزب الله اللبناني والذي أثبت أنه أفضل كفاءةً من القوات النظامية وهزيمة قوات المعارضة، ما يفتح الطريق أمام زحف قوات الجيش السوري شمالاً باتجاه حمص، ثم ادلب فحلب، أي الزحف من الجنوب الغربي باتجاه الشمال الشرقي. ولهذا الانتصار أبعاد بعيدة المدى بتحول العمليات العسكرية لصالح النظام ما سيسهم في توقف الفرار من الجيش، وترك صفوف مقاتلي المعارضة. ويجيء ذلك وسط تفكك المعارضة، والاضطرابات في تركيا ما يشلّ الدور التركي، والتناقضات بين السعودية وقطر، ما سينعكس على موقف مجلس التعاون الخليجي، مع تمسك الولايات المتحدة بحل تفاوضي للمشكلة السورية من خلال جنيف وبرعاية أميركية روسية، ومشاركة الأمم المتحدة ممثلة بالوسيط الدولي الأخضر الابراهيمي. فالولايات المتحدة غيّرت موقفها، بالتخلي عن شرط تنحّي الرئيس السوري بشار الأسد، وتضغط على المعارضة للمشاركة في المفاوضات والتخلي أيضاً عن تنحي بشار كشرط مسبق للمفاوضات، كما ستضغط الولايات المتحدة على حلفائها وخصوصاً تركيا ومجلس التعاون والأردن لتبنّي الموقف ذاته.

الموقف الأوروبي وخصوصاً الثلاثة الكبار، بريطانيا وفرنسا وألمانيا، تقترب من الموقف الأميركي ولم تعد تطرح إزاحة الأسد. ونوّه المحاضر لقضايا رئيسية وهي تفكك المعارضة، وعدم قدرتها على طمأنة الأقليات وخصوصاً العلويين، وفشلها في تقديم البديل لنظام الأسد، وانفصالها عمّا يجرى على الأرض. ومن الناحية العسكرية فإن الجيش الحر بقيادة اللواء إدريس، لا يسيطر على جميع المقاتلين، بل ولا حتى على جميع تشكيلات الجيش الحر، حيث هناك عدة فصائل أصولية مسلحة، والكثير من منتسبيها من جنسيات عربية وإسلامية. من هنا تخوف روسيا من تبعات هؤلاء على القفقاس، خصوصاً الشيشان، والتخوف الأميركي من انتقال عملياتها إلى الولايات المتحدة ذاتها كما دل على ذلك تفجير بوسطن. وذلك من أهم أسباب التوافق الروسي الأميركي لعزل التشكيلات الأصولية السياسية والعسكرية، من تركيبة مؤتمر جنيف 2 وتركيبة السلطة القادمة.

وفي رده على سؤال حول الأداء الأفضل للقوات السورية، علّل الصايغ ذلك بأن السوريين استفادوا من التدريب الإيراني وحزب الله والدعم الاستخباراتي اللوجستي والتسليحي لإيران وروسيا، وكذلك الدعم الاستخباراتي واللوجستي لحزب الله، والاستماع لنصائح حلفائهم سواء في ميدان المعركة أو في الميدان السياسي.

وفي ردّه عن أسباب دخول حزب الله الحرب بعد سنتين من اندلاعها، علّل الصايغ ذلك بأن حزب الله كان يراهن على حسم القوات السورية للحرب، غير أن هزائم الجيش السوري تتالت، وتوسعت معها سيطرة قوات المعارضة. لكن العامل الحاسم في دخول حزب الله للحرب، هو إدراكه بأنه بعد سيطرة قوات المعارضة وخصوصاً الأصولية منها (جبهة النصرة والألوية الأخرى) فإنها ستستدير إلى لبنان وتلتحم بقوى لبنانية أصولية، في مواجهة حزب الله واستئصاله، كما أدرك حزب الله خطورة الدور الإسرائيلي في الحرب بما في ذلك تدمير إمداداته السورية من الصواريخ وغيرها، كما تبين من الغارات الإسرائيلية على سورية وصراحة أهدافها. إذاً فحزب الله أدرك أن الأمر يتعدى الصراع في سورية وانه يستهدف قوى المقاومة المناهضة لـ «إسرائيل»، وفي مقدمتها سورية وحزب الله ومن خلفهما إيران.

وعن توجهات مجلس التعاون الخليجي تجاه الأزمة السورية في ضوء موقفه الداعم لقوى المعارضة بما في ذلك المجموعات الأصولية وإمدادها بالسلاح والمال وتسهيل وصول المتطوعين والإجراءات الانتقامية ضد حزب الله وضد لبنان، أوضح صايغ أن مجلس التعاون الخليجي سينصاع للقرار الأميركي في الوصول إلى تسوية سلمية للصراع في سورية من خلال جنيف 2.

* الباحث في جامعة اكسفورد رافائيل لافيفر، ذهب إلى أن هناك صراعاً خفياً بين السعودية وقطر حول من يوجّه الثورة في سورية، حيث هيمنت قطر سابقاً على القرار، إلا أن السعودية عادت مرةً أخرى إلى الصدارة، والتدخل النشط مع المعارضة دعماً سياسياً ومادياًً، خصوصاً في ضوء ما يقال من تغييرات قادمة في قطر. ومما له أهميته زيارة وفد رفيع المستوى للإخوان المسلمين برئاسة المرشد العام البينوني للسعودية. كما لاحظ تقارب الإخوان المسلمين مع فرنسا وليس أميركا. ومن النقاط التي أثارها أن الإخوان المسلمين حركة متجذرة في سورية منذ 50 عاماً، ولهذا فلها هيكليتها وخطها وآلياتها، والتي لا تتفق مع الطارئين الجدد، خصوصاً المجموعات الإسلامية المتطرفة. وتتجه حركة الإخوان المسلمين إلى الانسحاب من المجلس والهيئة، ولها خياراتها في أن تعمل مستقلة، لتحافظ على مصداقيتها ووحدتها الداخلية، وتحالفاتها. وفي ظل تفكك قيادة المعارضة، فإن هناك مشكلة ستواجه جنيف 2 في من يمثل المعارضة، وإذا ما تم ترجيح معارضة الداخل فإن الإخوان موجودون أيضاً.

إقرأ أيضا لـ "عبدالنبي العكري"

العدد 3935 - السبت 15 يونيو 2013م الموافق 06 شعبان 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 6 | 4:22 ص

      إلى مزبلة التاريخ

      مهما حاولتم فالأسد إلى مزبلة التاريخ هوة و من يسانده ..

    • زائر 4 | 2:07 ص

      حلو السرد

      ممتاز السرد وعرض اراء الاخرين , ولكن ما هو رايك يا سيدي الفاضل

    • زائر 3 | 12:19 ص

      تحليل رائع

      ننتظر الحلقة القادمة دكتورنا العزيز

    • زائر 2 | 10:52 م

      والله كلام خطير

      الله يستر

    • زائر 1 | 10:34 م

      يتلاعب الغرب بمصير الدول العربية مثل قطع الشطرنج

      بدون اي اعتبار لهذه الامة التي اصبحت كغثاء السيل اذا ليس لها قيمة تذكر وتسير كيما تسيرها المصالح الغربية فقط لأن هناك حكاما يخافون على كراسيهم فلتذهب الشعوب العربية الى الجحيم ولتبقى الكراسي والحكام.
      ولدينا من المسلمين فئة متعطشة لسفك الدماء ورائحة الدماء فتراهم اينما وجدت الدماء يشمونها من على بعد الالاف من الاميال. هذا الفكر الذي تستحمره المخابرات الغربية لتطوعه في الحروب القذرة

اقرأ ايضاً