العدد 3932 - الأربعاء 12 يونيو 2013م الموافق 03 شعبان 1434هـ

آخر "المنسيين" في سجن باغرام او غوانتانامانو الافغاني

رسميا، لم يعد الاميركيون يسيطرون على سجن باغرام، لكنهم يعتقلون فيه عمليا ستين اجنبيا حتى اليوم بينهم يونس وامانة الله الباكستانيان اللذان اوقفا في العراق "بدون سبب معروف" ولا يعرفان متى سيغادران "غوانتانامو الافغاني".

فقد سلمت الولايات المتحدة في آذار/مارس الحكومة الافغانية مفاتيح السجن الواقع على سفح جبل شمال شرق العاصمة الافغانية، ونقلت الى عهدها اكثر من ثلاثة آلاف معتقل فيه.

لكن هذا الامر لا يشمل نحو ستين من المعتقلين غير الافغان ومعظمهم باكستانيون وبينهم سعوديون وكويتيون هم ضحايا "ثغرات" قانونية ولم يلتقوا يوما بمحام او توجه لهم اي تهمة. وهم معتقلون "منسيون" في هذا السجن الاميركي.

وبين هؤلاء امانة الله علي ويونس رحمة الله الباكستانيان الشيعيان اللذان ذهبا لزيارة العتبات المقدسة في العراق في 2004، كما قال اقرباؤهما.

وقد اوقفتهما القوات البريطانية لاشتباهها بانتمائهما الى تنظيم القاعدة ونقلهما الاميركيون الى افغانستان، الى سجن باغرام.

وبعد عشر سنوات، امكن الالتقاء بعبد الرزاق شقيق امانة الله في بلدة تضم مصانع للنسيج على مشارف فيصل اباد التي توصف "بمانشستر باكستان".

وفي صورة بالابيض والاسود احتفظ بها بعناية، يظهر شقيقه امانة الله وهو في العشرين من العمر معتزا بشاربيه ولحيته. ثم يظهر في صورة ملونة اكبر سنا.

وقال عبد الرزاق "كان اخي تاجر ارز. توجه الى ايران ورأى هلال محرم، فقرر ان يذهب الى العراق" لزيارة العتبات المقدسة.

وكان الشيعة محرومين في عهد الرئيس العراقي الراحل صدام حسين من هذه الزيارات. لذلك تدفقوا باعداد كبيرة بعد سقوطه الى العراق، مثل امانة الله ويونس اللذين اوقفا معا.

ولم تصدق القوات البريطانية روايتهما.

وبما ان الرجلين يتكلمان الاوردو لم ينقلا الى غوانتانامو بل الى افغانستان حيث لدى القوات الاميركية مترجمون لاستجوابهما.

ولم تتلق عائلة امانة الله اي اتصال منه الى ان تسلمت رسالة في 2005. وقال شقيقه "كنا نعتقد انه قتل او خطف".

وبعد اربع سنوات تحدث امانة الله للمرة الاولى الى اقربائه بالهاتف.

وقال شقيقه "اتذكر انني سألته هل تواجه مشاكل في السجن؟ فاجابني السجن بحد ذاته مشكلة".

ومنذ ذلك الحين يتوجه عبد الرزاق عدة مرات كل سنة الى اسلام اباد التي تبعد 450 كلم عن قريته، ليتحدث مع شقيقه عبر سكايب في اتصال مباشر بين باغرام والفرع المحلي للصليب الاحمر.

واحيانا يقوم الاميركيون بالتشويش على المكالمة او قطعها اذا تناول الحديث مواضيع حساسة.

وتستعد الولايات المتحدة حاليا لاجلاء الجزء الاكبر من جنودها البالغ عددهم 65 الفا من افغانستان قبل نهاية 2014. وقال عبد الرزاق "يجب عليهم الافراج عن شقيقي".

لكن الامر ليس بسيطا.

وردا على سؤال لوكالة فرانس برس قال مسؤول اميركي طالبا عدم كشف هويته ان واشنطن تعتبر هؤلاء المعتقلين "مقاتلين اعداء" لا يملكون الحقوق نفسها التي يتمتع بها المتهمون امام المحاكم المدنية الاميركية.

واضاف انهم سيبقون في السجن طالما ان الاميركيين لم يغادروا افغانستان.

الا ان الاميركيين قرروا الابقاء على جزء من قواتهم بعد 2014.

اما يونس، فقد ابلغت المحكمة البريطانية العليا بتوقيفه، لانه اعتقل من قبل القوات البريطانية. ورأت المحكمة ان نقله وسجنه في باغرام "غير شرعي". ومع ذلك لم يتم الافراج عنه.

وتساءلت المحامية ساره بلال التي تدافع عن معتقلين لم ترهم من قبل "مع الانسحاب من افغانستان يصبح السؤال الملح +ماذا ستفعلون بهؤلاء الرجال المعتقلين حتى الآن؟".

وفي باغرام كما في غوانتانامو يفترض ان تقرر الولايات المتحدة مصير المعتقلين الذين تعتبرهم خطيرين وتحتجزه بعضهم منذ سنوات، مما يساهم في تعزيز مشاعر الاستياء من الاميركيين في العالم الاسلامي.

وقد افرجت واشنطن على مر السنين عن عدد منهم. لكن كل عملية لاعادة معتقلين الى بلدهم تواجه صعوبات كبيرة لانها تفترض انجاز اجراءات في افغانستان ثم في الولايات المتحدة قد تستمر سنوات.

وبذلك تلقى يونس ضوءا اخضر من المجلس العسكري الاميركي في باغرام قبل ثلاث سنوات لكنه ما زال معتقلا.

ويقول كامل شاه انه مر بهذا الجحيم الاداري ويحاول اليوم استئناف حياته الطبيعية في جبال كوهستان حيث ولد شمال شرق باكستان. لكنه يشعر دائما انه خسر في باغرام اجمل سنوات عمره.

ويقول كامل انه توجه الى قندهار ليعتني بصديق مريض. لكن الاميركيين اوقفوه وسجنوه ولم يكن قد بلغ بعد السابعة عشرة من العمر. ويتابع "كانوا يقولون لي +انت عضو في القاعدة، انت طالبان".

وبعد عام نقل الى باغرام حيث التقى امانة الله.

وقال "كنا (المعتقلون) في بعض الاحيان نتصور اننا لن نخرج ابدا من هذا السجن. كنت اقول لنفسي انني لست موجودا وانني مت اصلا".

وبعد سنوات على اطلاق سراحه، ما زال يترتب على كامل ابلاغ الشرطة كلما اراد مغادرة القرية. وهو لا يحمل شهادة ولا وظيفة لديه ويعيش كيفما اتفق.

ويأمل كامل في ان يبرئه الاميركيون رسميا كغيره من عدد من معتقلي باغرام الذين ينتظرون الى اليوم اعترافا لن يأتي ابدا على الارجح.





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً