دعت فعاليات سياسية واقتصادية الحكومة إلى «إبداء شفافية أكبر في المعلومات المتعلقة بالإيرادات الحقيقية والمصروفات التي تشتملها موازنة الدولة للعامين 2013 و2014، والتي لاتزال في أدراج مجلس الشورى ولم تقر للآن.
من جانبه، بيّن رئيس اللجنة المالية بمجلس النواب سابقاً عبدالجليل خليل في حلقة حوارية عقدت حول موازنة الدولة للعامين 2013 و2014، أقامتها جمعية الشفافية في فندق جولدن توليب في المنامة مساء الأحد (9 يونيو/ حزيران 2013) أن «موازنات التسليح والديوان الملكي لاتزال سرية، على رغم المطالبات المستمرة بإبداء شفافية أكبر إزائها، وفقاً للدستور والقانون».
وذكر خليل أن «السؤال المطروح الآن هل أن الموازنة تأتي فعلاً بشفافية إلى مجلس النواب؟ المادة 109 من الدستور واضحة بأن (الحكومة تعد الموازنة شاملة للإيرادات والمصروفات)، وأن (لا مصروف إلا بقانون)، ولكن هل الحكومة قدمت الموازنة شاملة لكل ذلك، بحكم خبرتي في هذا الأمر، أقول لا، موازنة الديوان الملكي لا تعرض على النواب مطلقاً».
وأضاف أن «السلطة تتحجج بأن موازنة الديوان الملكي خاصة مستندة إلى المادة الدستورية 33، فيما تشير المادة إلى أن موازنة الديوان تصدر بمرسوم، وهذا المرسوم لم يصدر مرة واحدة».
وأكمل أن «موازنة التسليح غير معلومة، هم قالوا إن موازنة التسليح 70 مليون دينار في 2010، بينما نحن أثبتنا أن هناك صفقات لشراء أسلحة تفوق 300 مليون دينار في ذلك العام».
وأردف أن «موازنة وزارة الدفاع وهي أكبر موازنة، ومع ذلك فلا توجد أية سنة إلا وتجاوزت فيها الوزارة الموازنة المخصصة لها».
وواصل خليل «لم ألاحظ في اجتماع النواب مع وزارة الداخلية، التركيز في الحديث عن توظيف 20 ألف مواطن، وهو الوعد الذي أعلنته الوزارة سابقاً، حيث كان رد الداخلية على ذلك أن هذا الوعد كان تصريحاً وليس قراراً، ومضى الموضوع من دون التوقف عنده».
وأوضح أنه «تم تخصيص 120 مليوناً لوزارة الإسكان في الموازنة، و173 مليوناً من المارشال وبذلك تكون موازنة الإسكان هي الأضخم في تاريخ البحرين، وقس على ذلك بقية الجهات الخدمية، ولكن ذلك يجب أن يكون مرتبطاً بنسبة الإنجاز في المشاريع وليس بالمبالغ المعتمدة فقط».
وختم خليل بأن «الدين العام وصل 43 في المئة، وهي نسبة عالية جداً، وفي تقديري أنهم قاموا برفع السعر المقدر لبرميل الموازنة إلى 90 دولاراً، من أجل تخفيض العجز المتوقع فيها».
«الشفافية»: ندعم نظام البطاقة التموينية للمواطنين
وفي كلمة الجمعية البحرينية للشفافية، ذكر نائب رئيس الجمعية السيدشرف الموسوي أن «القانون أعطى الحق لوزير المالية توزيع مبلغ 197 مليون دينار ضمن حساب تقديرات أخرى في المصروفات المتكررة ولم يضع مقترح القانون معايير واضحة لصرف هذا المبلغ ويمثل هذا المبلغ ما نسبته 3.5 في المئة».
وأضاف «لم يرد ضمن الموازنة أية إيرادات من شركة ممتلكات المسئولة عن إيرادات استثمارات البحرين سواء المحلية أو العربية أو الدولية».
وأردف أن «تم تخصيص مبلغ 170 مليون دينار للمشاريع في شركة طيران الخليج على رغم مما تتعرض له الشركة من خسائر متراكمة منذ سنوات طويلة، في الوقت الذي تبلغ فيه تكاليف الدعم الحكومي للمواد الغذائية للعامين 134 مليون دينار فقط. ودعم التعليم العالي (جامعة البحرين، البوليتكنيك ومعهد البحرين للتدريب) لا يتجاوز 119 مليوناً للسنتين ومصروفات المشاريع مقدر لها 4 ملايين دينار فقط لجامعة البحرين، أي أنه لا يوجد اهتمام في الاستثمار في التعليم العالي على رغم الضغط المتزايد على جامعة البحرين لزيادة أعداد الخريجين من التوجيهي الذي يتطلب أن يقابله زيادة كبيرة في الاستثمار في التعليم العالي ومنذ فترة طويلة يعتقد المهتمون في هذا المجال بأهمية إنشاء جامعة حكومية جديدة أو تقديم الدعم المباشر للجامعات الخاصة القائمة من خلال دعم رسوم التعليم لحين إنشاء جامعة حكومية».
وتساءل: «هل تتمتع البيانات المعروضة وبيانات الموازنة المعروضة على مجلس النواب بالشفافية الكافية؟»، مجيباً «هذا السؤال ستجيب عليه حلقتنا الحوارية هذه ولكن لنا في الشفافية بعض الملاحظات ومن أهمها ما يأتي: لا تتضمن الموازنة أية مصاريف تتعلق بالديوان الملكي، ولا توضح الموازنة المخصصة لوزارة الدفاع والبالغة 465 مليون دينار (أي نسبة 17 في المئة من إجمالي المصاريف المتكررة) تفاصيل هذا المبلغ، إذ من الممكن إعطاء تفاصيل أكثر وهذا ما يؤكد التقييم الذي صدر عن الشفافية الدولية حول موقع البحرين في شفافية المصاريف العسكرية من أنها غير شفافة».
وبيّن أن «المصاريف المخصصة للشئون العسكرية والأمنية تصل إلى مبلغ 854,170,000 دينار أي ما نسبته 30 في المئة بينما تصل المبالغ المخصصة للتنمية الاجتماعية مبلغ وقدره 616,772,000 دينار أي بنسبة 22 في المئة».
وأوضح أنه «لا تبين الموازنة أو تشير إلى كيفية التعامل مع الفوائض المالية التي لم يتم صرفها في موازنة 2012 وخاصة تلك المخصصة للدعم الاجتماعي حيث استرجعت وزارة التنمية نحو 18.5 مليون دينار كانت مخصصة لعلاوة الغلاء، كما لم توضح الموازنة كيفية التصرف في المخصصات المالية التي لم يتم استخدامها في المشاريع للعام نفسه».
وتابع الموسوي «ارتفع الدين الحكومي في العام 2012، ليصل إلى ما نسبته 36.4 في المئة من إجمالي الناتج المحلّي الإجمالي، وذلك مقابل 32.6 في المئة في السنة المالية للعام 2011، ما يعزز أن الدين العام من المتوقع أن يتجاوز 40 في المئة بعام 2013 إذا لم يتم بيع النفط بسعر 122 دولاراً للبرميل».
ولفت إلى أن «عدم استخدام موازنة المشاريع سيؤثر بشكل مباشر على برامج التنمية المستدامة، ومن المتوقع أن تصل المبالغ المستحقة لهيئة الكهرباء على جهات حكومية وتجارية مبلغ 62 مليون دينار».
وأكمل الموسوي «توصي الجمعية البحرينية للشفافية بزيادة البيانات المالية والشروحات والمعايير في البنود الواردة في الموازنة المعلنة، وأن تتضمن الموازنة كل المصاريف المتعلقة بجميع الهيئات والوزارات الحكومية ويمكن التحفظ على ذكر تفاصيل المشتريات العسكرية ولكن لابد من إيضاح ذلك».
وأضاف «وأن يتم ذكر كيفية التصرف في الأموال المعادة لخزينة الدولة وذكر الآثار السلبية التي تنتج عن عدم استخدام المبالغ والمخصصات وخاصة المشاريع وأثرها على التنمية المستدامة».
وواصل الموسوي «وأن يقوم مجلس النواب بدور أكثر صرامة في المطالبة بالتفاصيل الدقيقة والمطالبة بنشرها على الموقع الإلكتروني لوزارة المالية ليس الكشوف المعروضة حاليا»ً.
وشدد على أن «يتحمل مجلس النواب مسئوليته بمنتهى الجدية في متابعة تنفيذ التوصيات الواردة في تقرير ديوان الرقابة المالية والإدارية للسنوات السابقة وكذلك أن يفعل دورة في محاسبة الحكومة بشكل جدي عند مناقشة الحساب الختامي للدولة».
وأوضح أنه «لابد أن يكون لمجلس النواب دور واضح في مراقبة الدعم الخليجي الذي تم بموجبه تخصيص 10 مليارات دولار لمدة عشر سنوات والمخصص لدعم مشروعات التنمية وتنفيذ الاستراتيجيات والبرامج والمشاريع التي ترتقي بالمستوى الحياتي والخدماتي للسكان».
وأشار إلى أن «إيرادات شركة ممتلكات لا ترقى للطموح على رغم ضخامة رأس مال الشركة واستثمارات البحرين المتعددة محلياً وعربياً ودولياً حيث لاتزال شركة ممتلكات لا تساهم بمبالغ مؤثرة في إيرادات الدولة مقابل ما تتحمله الموازنة العامة من أعباء لصالح بعض الشركات مثل الحلبة وطيران الخليج وغيرهما من الاستثمارات. كما أن إيرادات الشركة الوطنية للنفط والغاز والبالغة 113 مليون دينار في العامين 2013 – 2014 تعتبر إيرادات متواضعة جداً».
وختم الموسوي بأن «لابد للحكومة من أن تضع خطة واضحة ومدروسة من أجل استفادة المواطنين فقط بالدعم الحكومي وهنا ترى الشفافية أن اتباع نظام البطاقة التموينية كما هو الحال في بعض دول الخليج العربي الذي يتم من خلاله توفير الدعم الحكومي للمواطنين هو أنسب معيار لتوفير الدعم المباشر للمواطنين وليس للقطاع التجاري كما هو الحال الآن في تقديم الدعم الحكومي سواء للغداء أو للمحروقات، هذه السياسة من الممكن أن توفر على الدولة مبالغ كبيرة تساعد في تخفيف الدين العام على البحرين».
حسين: إعادة هيكلة الدعم خيار خاطئ
وفي مداخلته، قال النائب السابق الاقتصادي جاسم حسين: «تفاجأنا بتراجع إيرادات حقل أبوسعفة، وهذا الموضوع لم يأخذ نصيبه من المناقشات، مجلس التنمية الاقتصادية ذكر أن النمو الاقتصادي تراجع في البلد بسبب تراجع إنتاج حقل أبوسعفة».
وأفاد حسين بأن «المديونية العامة موضوع خطير، البنك الدولي حذر من ارتفاع المديونية، في 2008 كان الدين العام 10 في المئة، والآن 36 في المئة، وفي 2018 سنصل إلى 60 في المئة من الناتج المحلي، هذا الموضوع سيؤثر كثيراً». وتابع أن «الإحصاءات عن العجز في 2012 بلغ العجز 600 مليون دولار، لذلك فالحديث عن زيادة الرواتب يجب ألا يكون، يجب أن يكون الحديث عن توفير فرص عمل، حيث لا يمكن تقليص المصروفات الأمنية في الظروف العادية، فضلاً عن الظروف الحالية».
وختم «الخوف أن نصل إلى إعادة هندسة الدعم المحلي، وهذا سيكون خياراً خاطئاً وسيسبب ضرراً بالغاً على المواطنين والوافدين».
الدرازي: الحديث عن زيادة الرواتب دعاية انتخابية
فيما أوضح عضو اللجنة المالية بمجلس النواب علي الدرازي أن «الموازنة يجب أن تكون نتاجاً إلى برنامج حكومي، ولكن للأسف الحكومة لا تقدم أي برنامج مرحلي، ولدينا مشكلة أن الحكومة لا توجد فيها وزارة تخطيط».
وأضاف أن «هناك مشكلة موجودة في البلد في تتمثل في غياب خطة على الأقل خمسية، وكم حققت الحكومة منها».
وبيّن أن «تفاصيل دعم المحروقات هي مشكلة لدينا، دعم المواد الغذائية يبلغ 5 في المئة فقط من إجمالي الدعم، وهو رقم بسيط جداً من إجمالي الدعم».
ولفت إلى أن «البعض يظن أن الدعم يجب أن يقدم فقط للبحرينيين، ولكن إذا تم ذلك فإن أسعار المشاريع التي يديرها غير البحرينيين سترتفع وبالتالي سترتفع كلف الحياة في البلاد على الجميع».
وأشار الدرازي إلى «عدم الخروج من حيز الدولة الريعية، 90 في المئة من الشعب يعتمد على الإسكان الحكومي، ولا توجد أية خطة لتقليل المصروفات المتكررة، والقطاع الحكومي يحتاج إلى إعادة هيكلة».
وأكمل أن «مصروفات المشاريع تنخفض ولا ترتفع، وهناك هامش كبير في الفرق بين دخل العاملين في القطاعين العام والخاص، لدينا نحو 5000 مواطن يتسلمون 200 دينار وأقل في القطاع الخاص، بينما أقل مواطن في القطاع العام يستلم راتباً يبلغ 412 ديناراً».
وتابع أن «35 في المئة فقط يعملون في القطاع العام والبقية في القطاع الخاص، ومن يتكلم عن زيارة رواتب القطاع العام يتحدث فقط عن الدعاية الانتخابية، لذلك لابد على الدولة أن تقلص الهيكلة الحكومية».
وختم الدرازي «لدينا سوء تخطيط في مشكلة البطالة، فنحن لدينا 600 ألف من العمالة الأجنبية، ويمكن بكل بساطة استيعاب أعداد العاطلين البحريين».
سيادي: الجهات الأمنية تستنزف الموازنة
أما الناشط يعقوب سيادي فقال: «إن موازنة الدولة يجب أن تصرف على المواطنين، غير أن ملف الأمن والدفاع يستنزف الموازنة، الجهات الأمنية الأربع (الدفاع، الداخلية، الأمن الوطني، الحرس الوطني) تأخذ نحو 26 في المئة من الموازنة، بينما الوزارات الخدمية جميعاً لا تتجاوز حصتها 20 في المئة، وتنخفض مساهمتها إلى 19 في المئة في العام 2014».
الجمري: نحتاج للصرف أكثرعلى موازنة المشاريع
من جانبه، أوضح النائب السابق محمد جميل الجمري أن «الدين العام الآن وصل قرابة 6 مليارات دولار، وهي في تصاعد، والأجيال المقبلة ستفكر كيف تدفع هذه الديون».
وأضاف الجمري أن «الدخل النفطي بسبب زيادة الإنتاج وارتفاع الأسعار ساهما في زيادة الإيرادات، ولكن كيف ينعكس ذلك على الدولة».
وذكر أن «اليوم 88 في المئة من إيرادات الموازنة يأتي من النفط، وهذا يدل على كيفية إدارة اقتصاد البلد، وعدم الصرف على المشاريع هو الذي يقلص المصروفات».
وأشار إلى أن «10 سنوات مرت بدل أن نورد للموازنة مبالغ أفضل، وجدنا أننا تراجعنا وفي أفضل الأحوال بقينا على ما نحن عليه».
وتابع «نحن نحتاج إلى أن نصرف أكثر على موازنة المشاريع من أجل تحريك الاقتصاد وزيادة فرص العمل».
وختم الجمري «شخصياً لا أحمل مجلس النواب الحالي مسئولية الوضع الحالي، فالمجلس يجب أن يكون قوياً ذا صلاحيات واسعة، ولكن الآن الحكومة هي الممسكة بكل شيء، وهذا يبين حجم التركة المتخلفة التي خلفها الوضع السياسي على البلد».
الصايغ: زيادة الرواتب فقط لا يحقق التنمية المستدامة
من جهته، أشار رئيس جمعية الاقتصاديين البحرينية جعفر الصايغ إلى أن «الدولة في الاقتصاد الحر تستخدم الأدوات الاقتصادية في حلحلة الاختلالات، وفي البحرين لدينا أداة واحدة لتحقيق رؤيتها الاقتصادية هي السياسة المالية، وهذه الأداة ليست مفعلة بالشكل الذي يمكن من خلالها حل مجمل القضايا الاقتصادية التي تواجهها البحرين».
وأكمل الصايغ أن «طريقة معالجة ومناقشة هذه الأداة الاقتصادية ليست مفعلة لدينا، وما نراه أن كيفية تحليل هذه الأداة هو أننا نحاول أن نحل مشكلة واحدة هي زيادة الرواتب وتحسين المستوى المعيشي للبلد، وهذا الأمر موجود في بقية دول الخليج، وهذه ليست طريقة مناسبة لتحقيق التنمية المستدامة، وذلك إهدار للأموال العامة».
العدد 3930 - الإثنين 10 يونيو 2013م الموافق 01 شعبان 1434هـ