العدد 3929 - الأحد 09 يونيو 2013م الموافق 30 رجب 1434هـ

الحاجة إلى طب نفس الأطفال

سوسن دهنيم Sawsan.Dahneem [at] alwasatnews.com

طب نفس الأطفال بات أكثر إلحاحاً وضرورة في زمن اقتحامات رجال الإصلاح بيوت الآمنين بعد الثانية فجراً. في زمن الرعب المبثوث كالهواء على الأرصفة وفي مساحات الاطمئنان وفي النادر واليسير من الانشغال واللهو. في الخوف من معانقة الساحات واللعب خارج الأبواب، والذهاب لشراء حصة من الحلوى. زمن مُرّ، ولم يفسْده إلا الذين لا ملامح تدل عليهم سوى تخريب الأوقات وإزهاق روح السكينة، حتى السكينة في الأشياء.

طب نفس الأطفال بات أكثر أهمية من أي وقت مضى، في ظلّ نومٍ منتَهَك، ومذاكرةٍ منتَهَكة، وحق في الذهاب إلى الحياة من دون شرط وحواجز وأسيجة، وفي ظل تسميم الحياة بما يسمّى غازات الردع؛ فيما هي غازات قد تودي بحياتك وتترك قلوب أحبتك تنزف لسنوات.

طب نفس الأطفال الذين صار لهوهم ولعبهم الانكفاء والعزلة واتخاذ ركن من أركان البيت موضعاً للسلامة التي لن تورّث سلامةً بقدر توريثها عقداً وموقفاً مبكّراً من الحال المُعقّدة التي يشهدون. صور التشفي والغل ولعنات الانتقام التي لا تعد ولا تحصى؛ هكذا بمحض التوجيه وسيرة وصورة نمطية لبشر لا يستحقون الحياة ويرون فيهم تهديداً للحياة وإساءة لها!

في طب نفس الأطفال الذي يشمل البحث في الظواهر الفينومينولوجية (Phenomenology) ضمن مجموعة المشكلات الداخلية والخبرات التي تؤثر في سلوك الإنسان لكنه لا يدركها، صار هذا الزمن بتكثيف التجاوزات فيه مُدْرَكاً من قبل ضحاياه؛ وخصوصاً الذين هم معنيون هنا: أطفال عرفوا المشكلات وواجهوها ومن المفترض أن يكونوا بعيداً منها.

لا طفل في الدنيا اليوم يُطلَب منه أن يكون جزءاً من المشكلات والعذاب الذي يمسّ الكبار. ليست تلك وظيفته من طرفين: محيطه الطبيعي واليومي والمحيط الذي من المفترض أن يكون مسئولاً عن المحيط العام وموازناً له.

أعلم كمتابعةٍ لحالاتٍ يحتاجها الكبار من ذلك الطب بشقّه المختص بالكبار، لأنهم في الصدر من المسئولية وفي المقدمة من الاطلاع بالدور، لكن جيلاً يولد من الذين للتو جاءوا إلى الحياة لم يسرّهم ولن يمروا بحال السرور تلك في ظل بطش وانتهاك بات اعتيادياً بالنسبة إلى الجهة التي تمارسه، وبالنسبة إلى الذين وعَوه منذ زمن وصاروا قادرين ومحصّنين منه، ربما لبعض الوقت إلى أن تأخذ دورة الحياة وشرْطها موقفاً من كل ذلك.

في انعطافة هنا، يجب القول: إن كل طبّ الدنيا في ظل حصار مسّ مراكز الحق في العلاج لا يمكنه أن يكون شريفاً وصاحب رسالة ويتوخّى شيئاً من فُتات ضمير يمكن له أن يظل متفرّجاً على هذه الحال. حال أخْذ الناس بالظنّة والشُبْهة والإمعان في تكثيف وتكريس كوابيسهم، والتهليل والفرح لذلك كله.

بعد كل ذلك، لن تكون الطفولة مصدر اهتمام، بل على العكس هي مصدر استهداف، لأنها ستمثّل تحدياً من الأولويات مواراته وحجْبه والأخذ بأنفاسه. عن أيّ طب أطفال نتحدث في ظل ممارسة تتعامل مع الموت والإرعاب باعتبارهما مصدرين من مصادر الحياة والطمأنينة، وخصوصاً مع الذين يتم تقرير أنهم طارئون على الحياة؟!

إقرأ أيضا لـ "سوسن دهنيم"

العدد 3929 - الأحد 09 يونيو 2013م الموافق 30 رجب 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 4 | 4:04 ص

      الحمد لله

      ما نلاحظه هو صمود هؤلاء الأطفال ورفعهم علامة النصر في كل مكان على رغم قسوة الوضع إلا أننا جيل بعد جيل نزداد قوة والحمد لله، وأقرب مثال أبناء الأستاذ نبيل رجب وهم يرددون بابا صمود أثناء اعتقاله.

    • زائر 3 | 2:20 ص

      النفس وما أدراك

      قالها حاجي عطيه صاحب الجمرات الوديه.. الضرب ما يعلم لكنه يؤذي الجسم والنفس البشريه..
      مشاكل وعلاج النفس ليس سهلا خاصة وأن من يخلق المشكله لا يستطيع حلها. فالمربين صايرين من المريدن. يعني سعالوه يؤذون أطفالهم ما يندره لوجه الله أو لوجه من؟
      بس تكفك وتزمر على ها الجهال ويش النتيجه.. حالات نفسيه بالهبل زين من ها الاطفال يستحملون ويكبرون بعاهات نفسيه نص مكينه يعني؟ مو عدل؟

    • زائر 2 | 2:15 ص

      ونفس وما سواها..

      من أبواب الطب طب النفس وعلاج مشاكل التي تواجهها في الحياة، لكن من المشهور أن معضم الامهات كما الأباء يستخدمون العنف مع الطفل منذ صغره وتحديد السنوات الاولى من 1 – 4. قاليكم إطلبوا العلم ولو في الصين لكن بعد ويش ما يسمعون. في الصين الحكماء قالوا لا تعالج المسائل مع الطفل بالعنف. مو بديهيه لأنك بتزرع ويش؟ يعني من زرع حصد. علما بأن في البحرين يقال للطفل جاهل. ما دام جاهل تصيروا عقال مع أطفالكم... أو الشيطان ما يقصر يوشوش أو يسوس وسوسه عميه تضرب ولدها أوبتها ليش؟ فجور أوتقوى في ها النفس التي تضرب

    • زائر 1 | 10:25 م

      قفزة

      لقد قفزت الكاتبة شوطا. قبل الطب النفسى للأطفال، هل يعلم الرجل و المرأة كيف يكونان زوجا و زوجة؟ هل يعلم الزوجان كيف يكونان أبا و أما؟ اذا لم يعلموا شيئا من هذين الأمرين كيف يمكن أن ننشأ حياة سعيدة و أجيالا صالحة حتى نوفر فى طبهم النفسى؟؟؟؟؟
      الأهم قبل المهم.

اقرأ ايضاً