إنها ليست أزمة الوزارة المعنية، فالوزارة لها من الأراضي والمساحات ما يمكنها التصرف به، وليس أسهل من أن تعلن في يوم ما عدم وجود أراض لتوزع على المواطنين.
بل انها أزمة بلد، بدأت مع مطلع السبعينات عندما سمح قانون التملك العقاري لبعض الجنسيات الخليجية بالتصرف العقاري بيعاً وشراء كأي مواطن بحريني، ولضيق مساحة البحرين، ولكثافتها السكانية العالية، فإن المنطق التجاري البسيط يقول إن الناس في تكاثر والأرض تنقص من أطرافها، وبالتالي فإن أسعارها ستزداد بشكل كبير، الأمر الذي فتح البحرين (البحيرة الصغيرة) على «محيط» من الأموال الاستثمارية التي اكتسحت الأراضي، وسوّت المزارع بالأرض، وخططت، وقسّمت، واشترت وباعت، ولم يبق أمام المواطنين إلا انتظار دفن البحر بين الفينة والأخرى ليشتروا أراضي تتعالى أسعارها بشكل خرافي.
اليوم تجيز القوانين الاستثمارية البحرينية لكل من هو «تعاوني» أن يتملك في البحرين ما يشاء من مساحات وعقارات، وهناك فرجة أيضاً لمن هم خارج هذا الإطار، للتملك وذلك تشجيعاً للاستثمار وجلباً له، وبالتالي يزداد ضغط الطلب الاستثماري عليها، ليزداد الأغنياء غنى، ويتكدس الفقراء ومن هم في الطبقة المتوسطة الدنيا في الشقق أو البيوت الصغيرة.
هذه الحكومة إذا لم تبادر سريعاً جداً لتكون منافساً قوياً للمستثمرين، وذلك بشراء أكبر المساحات الممكنة من الأراضي والعقارات وتحويلها إلى مصالح عامة يستفيد منها العباد على مدى العقدين المقبلين على الأقل، فإن الحكومة ستجد نفسها قائمة على مجموعة من الأملاك الخاصة، والمنشآت العامة القائمة، وليس هناك أي متنفس لأي مشروع إسكاني إلا بردم البحر وتخريبه وجر الويلات على مستخدميه وتقليص مساحاته الضيقة أصلاً.
المشكلة ربما امتدت إلى الوزارة ذاتها، التي نطالبها بإيجاد سكن لنا، وهي لا تزال «تقيم» في بناية بالإيجار... نتمنى ألا يجيء اليوم الذي تلتفت وزارة الأشغال والإسكان فلا تجد أرضاً لبناء مقرها?
إقرأ أيضا لـ "غسان الشهابي"العدد 424 - الإثنين 03 نوفمبر 2003م الموافق 08 رمضان 1424هـ