نحن نعيش في عالم متعدد، له ادبياته وخصوصياته ومن خصوصياته هذا الواقع ان نعيش حياة تعددية، بمعنى آخر ان يحترم كل منّا الآخر من دون ان نفرض عليه ما نؤمن به بالقوة. لذلك ينبغي علينا كمجتمعات فسيفسائية ان نحترم الاديان فلا نزدريها، وان نحترم الآخر وخصوصياته وحقه في الحياة والعيش المشترك خصوصاً اذا ما آمنا بالنظرية الانسانية الداعية الى احترام الآخر وتقديره لكرامته الانسانية ولآدميته كبشر، له حق العيش على طريقة (اما اخ لك في الدين او نظير لك في الخلق). وفي عالمنا اليوم نحن في حاجة باعتبارنا بشراً الى تلمس جميع القواسم المشتركة بيننا، وان نتصالح لتوظيف ايجابياتنا لصالح البشرية على ان يحترم كل واحد منا خصوصية الآخر من دون ان يسلط عليه سيف القناعة الذاتية والقبول بأية فكرة وانتماء خاص. واذا ما اريد ذلك فلابد ان يكون الحوار العلمي والمعرفي الطريق الى طرح النظرية والفكرة.
الاسلام كأديولوجية إلهية طرح على مستوى الامم السابقة ليس بقوة السيف، وانما طرح بطريقة الاقناع والحوار، لذلك نجد هناك عشرات الآيات الداعية الى محاورة الآخر عن طريق البرهان «قل هاتوا برهانكم ان كنتم صادقين» (البقرة: 111). وآية الاشتراك الداعية إلى مصافحة الآخر بما يحمل من مشتركات مع الاديان الاخرى «قل يا اهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد الا الله» (آل عمران: 64).
الاسلام لا يدعو إلى التطرف ونبذ الآخرين، ولم يدع يوما إلى أية نزعات استئصالية، لذلك ينبغي علينا باعتبارنا مسلمين الاّ نلغي بعضنا بعضاً بحجة احتكار الجنان.
لهذا ينبغي ان نرفض اي خطاب اسلامي يدعو إلى التصادم بين المسلمين انفسهم او يدعو الى التقوقع البشري الضيق.
أما بالنسبة إلى الاديان الاخرى فالاسلام دعانا إلى عدم ازدراء الاديان ودعانا إلى الحوار معهم، والبحث عن القواسم المشتركة. اما موقف الاسلام من المجتمعات الاخرى فقد دعانا إلى «البحث عن الحكمة اين كانت» ما دامت تصب في خدمة البشرية. لهذا فالاسلام على مستوى الواقع السياسي ايضا ركز على المطالب باسلوب سلمي احتجاجي بعيدا عن لغة العنف وقتل الابرياء.
الاسلام دين تسامح منفتح وفق ايقاع توازني لا يدعو إلى دروشة او افكار كهفية مغلقة قد تفقد المشروع الاسلامي وجوده على الأرض فتغرقه في الخيال واليتوبيا والفشل. لهذا ينبغي ان نفكر كثيراً في بناء دول تقوم على التعايش واحترام خصوصية الآخر وتمايزات البشر من دون الغاء?
إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"العدد 392 - الخميس 02 أكتوبر 2003م الموافق 05 شعبان 1424هـ