العدد 3928 - السبت 08 يونيو 2013م الموافق 29 رجب 1434هـ

علينا جميعاً الحذر من إقحامنا في مواقع الفتنة والاحتراب

الشيخ ناصر العصفور comments [at] alwasatnews.com

عالم دين بحريني

(ملاحظة: أصدر الشيخ ناصر العصفور بيانا توضيحيا بخصوص الكلمة التي ألقاها بمناسبة الإسراء والمعراج في جامع الفاتح هذا العام والتي تناقلتها بعض الصحف المحلية يوم الجمعة وذكر أنها نقلت بصورة مغايرة ومختلفة عن أصل ما تناولته الكلمة... وهذا نص الكلمة الأصلية):

 

الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد المبعوث رحمة للعالمين وعلى آله الطاهرين وصحبه المنتجبين.

في هذه المناسبة الكريمة والمعجزة الربانية العظيمة، نحن أمام وقفاتٍ ومحطاتٍ لها دلالاتها الكبيرة في واقعنا ووجودنا كأمة، في هذه المناسبة لابد وأن نستحضر هذه الآية كمحطة مضيئة وارتباطاتها بالحاضر والمستقبل .

تبقى هذه المعجزة الربانية آيةً باهرةً من دلائل النبوة وعظمة نبي الاسلام (ص)، وتبقى البشرية عاجزةً عن إدراك كل أبعادها وأسرارها، وما وصل إليه إنسان اليوم من تقدم وإنجازعلمي هائل يقرّب من فهم هذه المعجزة ويجعلها أكثر وضوحاً وفهماً لبعض أبعادها ودلالاتها. فهذه الحادثة تشكل حافزاً ودافعاً للمسلمين كأمة لينفتحوا على آفاق المعرفة الرحبة والارتقاء بأنفسهم، عقيدةً وفكراً ورؤيةً وبصيرة، وعملاً وإبداعاً، ليصنعوا واقعاً راقياً حضارياً حقيقياً لترتقي الأمة في كافة ميادين الحياة ومجالاتها المختلفة وعلى كل الصُعد لتكون نموذجاً للأمة الحية الشاهدة.

أيها الحفل الكريم: في هذه الفترة الحرجة وفي ظل هذه الأجواء المحمومة والأحداث المتسارعة من إرهاصات في المنطقة والعالم من حولنا، نحتاج إلى وقفة جادة مع أنفسنا وتقييم أوضاعنا وواقعنا كمسلمين حريصين على إسلامنا وديننا وأوطاننا.

إن على المسلمين كافة بكل طوائفهم وانتماءاتهم، أن يكونوا في أقصى درجات الحذر والتنبه واليقظة من أن يُقحموا في مواقع الفتنة والاحتراب، وأن يكونوا على وعي تامٍ وبصيرة لما يُراد لهم أن يقعوا فيه، ويُقحموا في أسوأ فتنة وأعظم محنة.

إن أسوأ العداوات وأشدَها وأخطرَها هي العداوة الدينية والفتنة المذهبية. إن علينا كأمة أن نستحضر دائماً وأبداً، وصايا الرسول الكريم وهدي النبي الأمين (ص) والذي لا زالت تحذيراته وإنذاراته تقرع الآذان وتدَوّي في الزمان، وهو يردد «اللهم إني قد بلغت اللهم فاشهد».

وكما في الرواية المشهورة عن ابن عباس (رضي الله عنهما) أن رسول الله (ص) خطب الناس يوم النحر فقال: يا أيها الناس أي يوم هذا؟ قالوا يوم حرام، قال: فأي بلد هذا؟ قالوا بلد حرام، قال فأي شهر هذا؟ قالوا شهر حرام، قال: فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا، وأعادها مراراً، ثم رفع رأسه فقال: اللهم هل بلغت؟ اللهم هل بلغت؟ قال ابن عباس (رضي الله عنهما) فوالذي نفسي بيده إنها لوصيته إلى أمته فليبلغ الشاهد الغائب، لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض.

نعم كما قال الإمام علي (ع): «بلّغ عن ربه مُعذراً ونصح لأمته مُنذراً، ودعا إلى الجنة مُبشّراً، وخوّف من النار مُحذّرا».

أراد (ص) في ذلك اليوم العظيم والمشهد الكبير تذكيرَ الأمةِ والتشديد والتأكيد بما يعلمون ويستشعرون حرمته وقداسته وهو حرمة الزمان -اليوم والشهر- والمكان وربط ذلك بحرمة الدم والمال والعِرض. وإذا لاحظنا الشريعة الإسلامية نجد أن أكثر الأشياء شدّد عليها الدين وأكّد على حرمتها واحترامها ومراعاتها هي هذه الأمور. والمفارقة العجيبة أن نجد الاستهانة والاستخفاف بحرمة هذه الأمور التي شدّد عليها الدين من قبل المسلمين أنفسهم.

الواقع إننا بحاجةٍ الآن أكثر من أي وقت مضى، إلى الحد من غلواء التشنج الطائفي والتوتر المذهبي والعمل على خلق المناخات الإيجابية وتهيئة الأرضية لاحتواء كل أشكال التعصب والانفعالات وتذويبها، وهذا دور العلماء والمفكرين وأهل العقل والحكمة في توجيه الناس وتذكيرهم وتوعيتهم لحجم هذه المخاطر والأضرار. والمشكلة الحقيقية الكبرى هو حينما يتحوّل هؤلاء من عامل احتواء وتخفيف، إلى عامل تصعيد وتأجيج.

وإذا كانت مسألة الحوار والتعايش السلمي بين أتباع الأديان السماوية مسألة ضرورية وحيوية ومهمة كما يراها المفكرون والدعاة، فكيف إذا كانت في دائرة الدين الواحد بين المذاهب المتنوعة فهي بلا شك أكثر ضرورةً ومحوريةً، وليست نفلاً ولا ترفاً، فإن الانفتاح على الآخر والتواصل معه لتعميق مبادئ التعايش والسلم الأهلي أصبح من الضرورات التي لا يمكن تجاهلها أو إغفالها في ظل هذه الأجواء المشحونة والتوترات المتسارعة من صراعات دينية وطائفية وعرقية، وخصوصاً حينما حوّلوا الدين من كونه عامل توحد وتقارب ومحبة وانسجام، إلى سبب للقطيعة والصراع والاحتراب والانقسام. ومن الواضح أن أخطر الأسلحة فتكاً وتدميراً هو استخدام الأديان والمذاهب وتسخيرها في إدارة الحروب والصراعات وإضرام نار الأحقاد والعداوات.

ما أكثر المساحات الكبيرة والفضاءات الواسعة في دائرة منظومة المبادئ والقيم الاسلامية والانسانية، وفي مجمل المجالات الحياتية والاجتماعية التي يمكن لأتباع المذاهب الإسلامية كمواطنين في أوطانهم وبلدانهم أن يعملوا جميعاً من خلالها للوصول إلى معالجة الكثير من المشكلات المعاصرة، والحدّ من الأزمات الحاضرة، فإن الجميع في مركب واحد وسفينة واحدة، وعليهم أن يعملوا من أجل رفعة بلدانهم واستقرار أوطانهم وتنمية مقدراتهم والاستفادة من طاقاتهم وإمكاناتهم. وهذا ما يتطلب معالجة كافة الأمور والقضايا بالحكمة والعقلانية من أجل صنع واقع أفضل ومستقبل أكثر إشراقة.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

إقرأ أيضا لـ "الشيخ ناصر العصفور"

العدد 3928 - السبت 08 يونيو 2013م الموافق 29 رجب 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 24 | 4:09 م

      ليتهم فهموا كلمات الشيخ في هذا المقال فقط

      أبي أقول إلى تجار الفتن إتقوا الله وتذكروا أن كل شئ مكتوب عند الله وستحاسبون عليه يوم القيامة. فرغم إختلافنا مع الشيخ إلا أننا نكن له ولعائلته ولكل الأسر البحرينية كل الإحترام والتقدير وقريبا سيجتمع شمل البحرين وسيندم أهل الفتن. أتمنى لهم الهداية والتفكير في مصلحة الوطن الحاضن لجميع أبنائه

    • زائر 23 | 3:49 م

      كلمة متناغمة مع خطبة الجمعة

      بحق إن هذه الكلمة الذي تفضل بإلقاءه الشيخ ناصر يجب ان تنقل على تلفزيون البحرين وتعاد كل يوم حتى يستيقظ النائمون مما يحاك لنا من طبخات الهدف منها إثارة الفتنة بين المسلمين لا لشئ إلا من اجل المال والسلطة والعقد النفسية وأكل الحرام
      كلمة الشيخ ناصر عن الفتنة جاءت بعد الدعوة المباركة التي اطلقها سماحة الشيخ عيسى قاسم في خطبة الجمعة في الإسبوع السابق والذي حث فيها المسلم كل من موقعه إن يجهر بصوته رفضا الفتنة ، وتنبيه المسلمين من ان ينساقوا او يعينوا عليه .
      والحمدلله رب العالمين

    • زائر 21 | 10:45 ص

      أعاد الله عليكم المعراج والاسراء وكل مناسبات آل بيت محمد

      الاسراء والمعراج ليست من البدع لكن من المشهور أنه يقال كل بعده ضلاله ، بينما لا يقال أن كل بدعه هي ضلاله وضلاله لن ينال قائلها شيء يوم لا ظل إلا ظله.. ويش مستويه عدله في النار أو في جهنم جهة الضلاله وإحسب وعدد وإغلط وشوف كم فتوه أفتوا وكم ضلاله ضلوا ولم يهتدو ويمكن إتغوو. أليس كذلك؟

    • زائر 20 | 9:08 ص

      قول الزور في شهر رجب الحرام

      قبل مدة ليست ببعيدة اتهم الاستاذ الكبير نبيل رجب بالقول الغير لائق ضد اهالي المحرق والاستاذ أوضح ما قال لكن اجهزت الدولة زجت به بالسجون نكالة به. والان احد الجرائد ذات التزوير الكبير ولمدة سنين وهي تنتهج نفس المنهج دون احد يردعها. نحن لا نلوم الشيخ علي الفعل المشين الذي قامت به الجريدة الصفراء. لكن نعاتب المركز والإدارة التي نظمت هذا الاحتفال لعدم رفع دعوة قانونية ضد شخص شاركهم أفراحهم كما له ولأسرته مكانة بين الناس حكومة وشعبا.

    • زائر 18 | 5:54 ص

      شكراً للوسط الوطنيه

      شكر و عرفان لصحيفتنا الوسط الوطنيه على ما تبذلوه من جهود جباره للوطن والمواطن وفي ميزان حسناتنكم إن شاء الله

    • زائر 17 | 5:54 ص

      نشكر جريد الوسط الوطنيه

      هائلاء ياسماحة الشيخ الفضيل في مرض واحقاد في صدورهم متعششه ويحتاجون بان يوضعوا في مصحه نفسيه لكي يتعالجوا من ذا الشحن الطائفي ولكن المشكله هذا هومصدر قوتهم واذا تمت معالجتهم من هو الذي سوف يتكلف بدفع لهم؟

    • زائر 15 | 4:04 ص

      دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام

      عن ابن عباس (رضي الله عنهما) أن رسول الله (ص) خطب الناس يوم النحر فقال: يا أيها الناس أي يوم هذا؟ قالوا يوم حرام، قال: فأي بلد هذا؟ قالوا بلد حرام، قال فأي شهر هذا؟ قالوا شهر حرام، قال: فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا، وأعادها مراراً، ثم رفع رأسه فقال: اللهم هل بلغت؟ اللهم هل بلغت؟ قال ابن عباس (رضي الله عنهما) فوالذي نفسي بيده إنها لوصيته إلى أمته فليبلغ الشاهد الغائب، لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض.

    • زائر 13 | 2:38 ص

      نريد من الشيخ الرد على

      ما تناقلته المواقع الألتروكنية وبعض صحف الفتنة بأسمه من التهجم على المعارضة والطائفة المستهدفة من قبلهم ، وذلك لأخلاء ساحته من الأتهامات التي سيقت في تلك المواقع والصحف ، خاصة هذه الأيام ينشط المتربصون المفتنون والذين يهمهم ايقاع الناس ببعضها ويتلذذون بذلك تعويضا عن فشلهم في جر الساحة للعنف والتصادم المذهبي وتصادم المذهب ببعضه .

    • زائر 12 | 2:29 ص

      الى متى

      اما انا الاوان لوقف هذه الفئه التي تزيف الحقائق والافتراء على بعض الشخصيات في المجمتع لخلق الفتن !!
      وخصوصاً في الجرائد الرسمية لماذا الكذب,, كفاكم تمزيق ..
      نحتاج الى التقارب وفي امس الحاجه لذرء الفتن والخلافات انهم يقومون بذلك لمصالح رخيصه..
      اللهم احفظ وطننا الغالي من الفتن ويحفظ شيخنا الجليل.

    • زائر 11 | 1:38 ص

      تحريف القول

      اننا نستغرب من بعض الصحف التي تفبرك وتأجج وتنسب الكلام الى اشخاص هم ابعد من هكذا مهاترات اشخاص اتصفوا بالاتزان والعقلانيه انهم يريدون تمزيق المجمتع بالفتن لمصالح رخيصه في الوقت الذي نحتاج الى التقارب وفي امس الحاجه لذرء الفتن والخلافات يقومون بذلك لمصالح رخيصه..

    • زائر 10 | 1:18 ص

      الكلمة الصادقة

      شكرا للوسط على نقل الكلمة كاملة ...
      ووفق الله الشيخ الجليل الى سواء السبيل
      على هذه الكلمات الصادقة والجامعة والمتحضرة
      والمتعايشة مع واقعنا والطموحة لمستقبلنا
      المستمدة من ديننا الحنيف لبناء وطننا
      وشكرا لكم

    • زائر 9 | 1:14 ص

      بارك الله فيك

      هذا كلام العقل كثر الله من امثالك

    • زائر 7 | 1:09 ص

      كشف التزوير وفضح التلاعب بمقالات الآخرين

      لكم لعب الاعلام الرسمي بتزوير كلمات وانتقاء الفاظ سيئة من اجل ضرب مكون معين من هذا البلد. الانتقائية السيئة والمقيتة وتحوير كلام الناس ومن اجل ماذا من اجل اشعال الفتن. تصوروا يا عالم ان الكذب المباح هو في فقط حالة الاصلاح بين الناس ولكن انظروا كيف يتم استخدام الكذب والتزوير والبهتان من اجل الفتن والاحتراب الطائفي
      الا يوجد من عاقل في هذا البلد يوقف هؤلاء الموتورون عند حد قبل خراب البصرة

    • زائر 5 | 12:25 ص

      فبركة المواضيع

      بالأمس القريب قرأنا في إحدى الجرائد المحلية موضوع مغاير لما تنشره اليوم في هذه الجريدة الغراء، و سؤالي إلى الشيخ هل سوف تقوم بمقاضاة الجريدة المحلية التي فبركت الموضوع و نشرته على إحدى الصحف؟؟

    • زائر 4 | 10:59 م

      هكذا يجب ان نكون

      بارك ألله فيك هذا منطق العقل والتعقل .. اسأل الله ان ينجينا من الفتن ما ظهر منها وما بطن

    • زائر 3 | 10:20 م

      اهل التزييف روجوا لفيديو مزيف للشيخ

      حسنا فعلت الوسط بنشر الكلمة فقد تداول اهل التزييف و الكذب شريطا بدبلاج يظهر الشيخ وهو يهاجم فئة معينة و يتهمها باثارة الفتنة

    • زائر 2 | 10:17 م

      سبيل الوحدة والتقارب

      إحترام الرأي الآخر أياً كان رأيه ، و جعل المواطنين على درجة واحدة من المساواة و تكافؤ الفرص بينهم .. هو السبيل الوحيد لخلق حالة الثقة والوحدة والإنسجام بين المواطنين في البلد الواحد .. أما إقصاء الآخر وتجريمه لمجرد إبداء رأي مخالف ! مع حالة التمايز والطبقية المتفشيه في المجتمع يعد سبباً رئيساً لحالة التمزق و الفتنة بين فئات المجتمع الواحد ..

    • زائر 1 | 10:12 م

      سماحة الشيخ

      ما ذكر في احدى الصحف المريضة لكلمة سماحتكم والذي استغل وروج له في وسائل الاتصال مناقض تماما لما ذكر هنا

    • زائر 22 زائر 1 | 10:57 ص

      أرى :-

      إن من حق بل من واجب فضيلة الشيخ ناصر ,,,,,
      إقامة دعوى قضائية على الصحيفة المذكورة,,,,
      ليس لحقه الشخصي بل لحرمة الدين ,,,و علماء الأسلام,,,,,
      و حتى لا تتكرر هذه الحادثة ,,,,,
      و ان لا يكون التلاعب بأقوال أئمة المساجد,,,,,سهل متيسر,,,,,,

اقرأ ايضاً