مازالت أحداث تركيا تسيطر على وسائل الإعلام والقنوات الإخبارية والإعلامية المختلفة في العالم، فما حدث في المدن التركية لا يمكن أن يتغاضى عنه أي مراقب في شأن منطقة الشرق الأوسط.
ذلك أن النموذج التركي كان دائماً نموذجاً يُضرب به المثل في البلدان العربية ولاسيما التي شهدت ثورات الربيع العربي، على اعتبار انه نموذج ناجح بين زواج العلمانية والإسلام، إذ استطاع هذا النموذج أن ينقل تركيا في ركب التقدم والتطور، ما جعلها تسبق دول المنطقة التي تعيش تقلبات شبه يومية في المزاج السياسي.
المفاجأة التركية لم تخرج من فراغ ولكن من تراكمات بدأت منذ العام 2010 وانفجرت في 31 مايو/ آيار 2013 لتعكس حالة التنافر بين الإسلاميين والعلمانيين، المتمثلة في التخوف من تغييرات تؤدي إلى فقدان المكتسبات المتمثلة في شكل الدولة المدنية والحريات العامة بشتى أشكالها، بدءًا من الحرية الفكرية وصولاً إلى حرية الإعلام وغيرها.
لقد أعطى الانفجار الاجتماعي في ميدان تقسيم باسطنبول بعد الاعتداء على متظاهرين في منتزه جيزي، ولادة جديدة لتركيا غير تلك التي أسسها حزب العدالة والتنمية (حزب رئيس الوزراء رجب طيب اردوغان)، وهي ولادة تحمل في طياتها ملامح حراك جديد قد يرمي بظلاله علي باقي دول المنطقة، التي قد تتأثر بسرعة بما يحدث في كل مدينة تركية خصوصاً أن العالم العربي يفتقد أو يكاد يخلو من أي نموذج سياسي ديمقراطي ناجح.
الاحتجاج التركي لم ينصب فقط على تصريحات أردوغان التحريضية ضد المتظاهرين (لصوص والمعارضة تخدع الجماهير) وقمع المظاهرات السلمية باستخدام القوة المفرطة من قوات مكافحة الشغب التركية متمثلة في قنابل مسيلات الدموع وخراطيم المياه ورذاذ الفلفل والضرب بالهراوات والاعتداء على عامة الشعب نساءً ورجالاً، بل يرجع إلى التغييرات التي سعى إليها حزبه في صلاحيات الدستور التركي التي أثارت استياء الليبراليين والديمقراطيين والكماليين (نسبة إلى مؤسس الدولة في تركيا كمال أتاتورك) وهؤلاء كانوا في يومٍ يدعمون لسنوات حزب التنمية الذي قاد الدولة التركية إلى مفاوضات مع الاتحاد الأوروبي وتسهيل النمو الاقتصادي وهي عوامل كانت مثار إعجاب في الأوساط التركية.
وعن ذلك كتب الصحافي التركي قدري غورسيل في مقاله «تلبية تركيا الحديثة» في موقع المراقب قائلاً: «كانت السمة الأساسية لتركيا (القديمة) الجهود التي تبذلها النخب الموالية للغرب الحداثي وتحديداً العسكرية البيروقراطية وذلك لتحويل بقايا الإمبراطورية القديمة إلى الأمة التركية العلمانية. وكانت من أدوات الدولة لعقودٍ فنجحت بعض هذه الأهداف وفشلت في البعض الآخر».
وعن دور حزب العدالة كتب غورسيل: «حزب العدالة والتنمية مثل المصالح المشتركة للكوادر السياسية الإسلامية، والمحافظة (الأناضول البرجوازية) أي بروز الطبقة الوسطى الجديدة المحافظة والجماهير التي تقي الفقراء من المدن الكبرى الذين هاجروا من الأناضول (...) في هذه الأثناء هناك مازالت أزمة الطبقة السياسية التقليدية السابقة في بلد حيث لا يوجد فصل بين السلطات، حيث الضوابط والتوازنات التي لا تعمل ويتم تقييدها عبر وسائل الإعلام، وجميع القوى في يد رجل واحد يريد تغيير تركيا وفقاً لتطلعات الإسلامية التي في ذهنه».
وأضاف الصحافي التركي عن رسالة شباب تقسيم لأردوغان: «مع 31 مايو 2013 خرجت حسابات جديدة لأردوغان من قبل الجيل الشاب في تركيا، وهي رسالة قادمة من تقسيم ولا ندري إن فهم الرسالة أم سيستمر على دربه من التسلط مزعزعاً أركان تركيا واستقرارها، وهو أمر لا مفر منه وهو ما يعني خسارة حزبه وطموحه في جعل تركيا نموذجاً يُحتذى به في الشرق الأوسط. ولهذا على أردوغان أن يفهم من هم من مئات الآلاف من الشباب الذين ثاروا ضده وماذا يريدون».
وبحسب استطلاع أجرته جامعة «بلجي» في اسطنبول في 3 يونيو/حزيران 2013 على الانترنت وتجاوب معها 3 آلاف من المتظاهرين على مدى فترة 20 ساعة، بين أن الهدف لم يكن حزب العدالة والتنمية لكن زعيمه أردوغان. فقد أشار استطلاع الجامعة إلى أن هؤلاء الشباب الذين يقودون اليوم ربيعاً تركياً، أن «81 % يعرفون أنفسهم بأنهم المدافعون عن الحريات. أما 92 % فأكّدوا أن السبب الأبرز في الاحتجاج هو موقف أردوغان الاستبدادي، أما 91 % أوضحوا أن الدافع الآخر في الخروج هو وحشية الشرطة التركية. وبالنسبة نفسها عبّر آخرون بأنه انتهاك صارخ للحريات، في حين رآى 84 % صمت وسائل الإعلام التركية عن تغطية الحدث، بينما وجد 56 % قطع الأشجار في المنتزه خطاً لتشييد مركز تجاري محلها».
كل ما جاء ذكره يشير أن هناك مؤشرات جديدة مقبلة عليها تركيا من قبل جيل لا ينتمي في غالبه إلى تنظيمات سياسية، ولكنه خرج بشكل تلقائي ضمن حراك عفوي- حسب رأي أكثر من مراقب- وهم يرون في أردوغان مصدر تهديد لحياتهم ولهذا فهم يعارضونه بخلاف جيل آبائهم وأجدادهم الذين عاصر مراحل أشد قسوةً من تلك التي عايشها جيل «الربيع التركي».
إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"العدد 3928 - السبت 08 يونيو 2013م الموافق 29 رجب 1434هـ
مقال رائع ريم
نسلمي ريم فعلا مقال وتحليل رائع
السراب - يحسبه الضماء ماء لكنه لا شيء
من الاسئله هل تعرف لا شيء، بينما من الاجوبه لا أعرف. وهذا الحال من بعضه. يعني بصيص أمل للفوضى الخلاقه لن ترجع الا ساد راس مثل ما يقول المثل المحلي. وهذا يعني أن السحر قد إنقلب على الساحر. وصارت حتى إوربا تتهزهز وجايتنها الهاويه الماليه المستر عليها من قبل مستر وليم. يعني ويش ليهم بالعراق وسوريا ما يدرون من عندهم راقد؟ أو عشان سرقة ذهب من أماكن مقدسه بالهمج على طريقة رعات البقر الامريكي. بس بأيادي إسلام بالافغاني والذي صدق أردغان عندما إنقلب على أربكان. مو عدل؟
الديمقراطية
الدولة ليست ملك لفئة واحدة فهى لجميع الطوئف والديانات و كل واحد حر فى معتقداته ليس من حق احد ان يفرض رائيه او اجنداته على الآخرين تركيا دولة علمانية ونظلمها علمانى و لكل حق ان يعيش بسلام واذا اراد احد ان يفرض على الشعب اجنداته و ايدوليجياته متطرفة فهو بيطلع خسران فى النهاية لان شعب التركى واعى لديمقراطية اتا ترك
صادق
أما 91 % أوضحوا أن الدافع الآخر في الخروج هو وحشية الشرطة التركية .....
-------------------------
وحشية الشرطة !!؟؟ الشرطة الأتراك لم يطلقوا رصاصة واحدة تجاه المتظاهرين ولا حتى شوزنة واحدة! لم يوجهوا قذائف مسيلات الدموع تجاه رؤوس الأطفال! لم يهدموا مسجداً! لا يمارسون التعذيب في المعتقلات! ولو مات واحد (واحد فقط) تحت التعذيب لسقطت الحكومة في الأسبوع التالي وحوكم الوزير المسئول!
ولد الرفاع
من اسباب المظاهرات في تركيا وغضب شارع التركي بسبب ازالة حديقة وبناء مسجد مكانة علمأ ان اردوغان منع الخمر من العاشرة مساء حتي ال6صباحأ
هؤلاء علمانيون يريدون الخمرة والرقص في الشوارع
معروف السبب هؤلاء علمانيون يريدون الإباحية وشرب الخمر في الشوارع والنساء الاتي معهم كلهن سافرات متبرجات
أسعد طه ...
يقول الاعلامي أسعد طه .. أسباب المتظاهرين الأتراك للمطالبة بإقالة أردوغان هي نفس الأسباب التي تدعوني للتصويت لرئيس !!! صدق والله .. أما من يتحسس من أي تجربة إسلامية ناجحة فتراه يتمسك بقشه لدعم آرائه الخيالية .. وفي الأخير أرقام أردوغان تتكلم عن ما قدمه هو وحزبه لتركيا .. أما مطالب النخبة الفاشلة فستتحطم كعادتها عن أبواب صناديق الاقتراع .. فلا مكان لمن يؤمن بالديموقرطية ويكفر بالنتائج ولا حيلة له إلا الفوضى
أردوغان الاستبدادي
مثل ذلك خارج اطار الدولة الديمقراطية و خارج التاريخ
باختصار خصوصا علاقته و مواقفة الخارجية ستدمر تركيا
مرض نفسى عام
عبارة too longينطبق على اردوغان الذى بقى فى السلطة لعشر سنوات و بمرور الزمن تصور نفسه خليفة بعمر خالد. هذا المرض النفسى يصيب كل الأفراد بدرجات مختلفة عندما يحاط بهم المنافقون و المنتفعون و يعظمونهم و يكبرون أعمالهم. الشباب يكرهون تأليه الفرد و سوف لا يهدؤن حتى ازالة المتأله.