شهد العام الماضي (2006) الكثير من الحوادث المهمة التي هزت منطقتنا العربية والعالم من حولنا ومنها ما أخذ يتجه إلى الخمود بعد أن وصل إلى الذروة في الأيام والشهور الماضية، ومنها الذي مازال ينفث حممه وقد ينفجر بركانه في العام الجديد الذي نأمل في أن يكون أسعدَ وأخفَ علينا من سابقه.
العراق عقب موجة القتل والقتل المضاد وحوادث الخطف الجماعي وتكبد القوات الأميركية خسائرَ كبيرةً في العدد والعتاد، انحسرت موجة التأييد الدولي للحرب وأدى ذلك إلى تجرع الرئيس الأميركي جورج بوش وحزبه الجمهوري هزيمةً كبيرةً في الانتخابات النصفية في الكونغرس وأجبره هذا الزلزال على تكليف لجنة «بيكر- هاملتون» بوضع دراسة بشأن الوضع في العراق وزار وزير دفاعه الجديد - عقب أيام من أدائه القسم - بغداد لتفقد الوضع على الميدان ونصح الرئيس بالخطوة القادمة، التي قد تسفر عن تقليل مهمات الجيش الأميركي في العراق وحصر مهماته في بغداد ومحيطها. وعليه فمن المتوقع أن يشهد هذا الملف تخفيفاً وهدوءاً هذا العام.
وفي السودان، يتجه الوضع - بعد أن بلغ حافة الهاوية بشأن أزمة دارفور في الأيام الأخيرة من العام الماضي - إلى العد التنازلي وخصوصاً بعد أن وافقت حكومة الخرطوم عقب تمنع على عمليات مشتركة لقوات إفريقية ودولية لحفظ الأمن في الإقليم.
وفي فلسطين، التي تواجه حصاراً واقتتالاً بين حركتي «فتح»، و»حماس» التي أذهلت العالم عندما اكتسحت الانتخابات التشريعية، بلغت الأمور حد التهديد باشتعال حرب أهلية، لكن متغيرات الأوضاع في الساحتين الإقليمية والدولية قد تجبر القوى الكبرى وحكومة إيهود أولمرت على تهدئة الأمور هذا العام، وقد بدرت إرهاصات هذا التوجه بلقاء عباس وأولمرت بعد ساعات من إصدار مجلس الأمن قراراً بفرض عقوبات على إيران.
وفي لبنان، وعقب حرب حزب الله و»إسرائيل» التي أذاقت الهوان لجيش العدو، انتقل الصراع إلى الداخل وخرجت المسيرات المليونية للمعارضة والموالاة ويواصل الكثير من أنصار المعارضة منذ عدة أسابيع الاعتصام مطالبين باستقالة حكومة رئيس الوزراء فؤاد السنيورة. وساطة الجامعة العربية لم تصل إلى النجاح، ويبدو أن الأمر تحركه أطراف متعددة إقليمياً ودولياً وتطور الحوادث في المنطقة يرشح هذا الملف للانتقال إلى العام 2007 وقد يشهد المزيد من التصعيد.
وفي الصومال، احتدمت المعارك بين قوات «المحاكم الإسلامية» وقوات الحكومة الإقليمية وتدخلت إثيوبيا في الأمر عسكرياً، وقد تستمر المعارك في هذا البلد الممزق خلال العام الجاري؛ لأن هناك بعداً دولياً في الصراع بحجة أن تنظيم «القاعدة» يساند «المحاكم» التي باتت تهدد ليس فقط الصومال بل منطقة القرن الإفريقي بكاملها.
وفي إيران، ومنذ تولي الرئيس محمود أحمدي نجاد السلطة وإصراره على إنجاز برنامج بلاده النووي سواءٌ أشاء الغرب أم أبى، وجدت الولايات المتحدة ضالتها لتحقيق غرضها المبيت تجاه هذا البلد، وعقب صراع طويل في مجلس الأمن نجحت الولايات المتحدة الشهر الماضي في تجاوز العقبات والعراقيل التي كانت تضعها روسيا والصين أمام مشروع قرار أوروبي يقضي بفرض عقوبات على إيران، وصدر ذلك القرار بالإجماع تحت البند السابع، ما يمنح واشنطن مساحةً واسعةً للمناورة حتى تتمكن من الانقضاض على إيران تحت عباءة الشرعية الدولية. ومن المرجح عقب هدوء الساحة العراقية أن يكون هذا الملف والوضع في سورية ولبنان الأكثر سخونةً في العام الجاري?
إقرأ أيضا لـ "ابراهيم خالد"العدد 1577 - السبت 30 ديسمبر 2006م الموافق 09 ذي الحجة 1427هـ