انتهى العام 2006 ومر بأفراحه وأحزانه وبه الكثير من الحوادث التي لا يمكن حصرها أو ذكرها، وقد آن الأوان لأن نتخلص من تقويم السنة الماضية لنضع تقويم السنة المقبل؛ لنعيد خططنا وبرامجنا ونحدد أجندتنا لعام جديد مليء بالمفاجآت والغرائب، عام لا يمكننا أن نتنبأ بما سيكون فيه.
في هذه العجالة لن أتحدث عما سيحدث في العام المقبل بل سأتطرق بشكل سريع إلى ما حدث من حوادث وفعاليات في عام مليء بالمفاجآت والغرائب حتى أطلقت عليه «عاماً شجاعاً» استطاع أن يتحمل وزر حراك سياسي واجتماعي وثقافي واقتصادي ورياضي في بلد صغير جداً كان من المفترض ألا يحدث فيه كل ما حدث، وكان من المفترض أيضاً أن يكون بلداً هادئاً بعيداً عن أي صراع، إلا أن الواقع جاء مختلفاً كثيراً فكانت المسيرات والصدامات والاحتجاجات والاعتقالات وأحكام الإعدام التي لم يشهدها البلد منذ نحو عقد من الزمان. وعلى المستوى السياسي، كان البلد مع نقلة نوعية على الصعيد السياسي أدت إلى تغيير ألفبائيات العملية من مواجهات ساخنة بين المعارضة المقاطعة والحكومة، إلى مواجهات مباشرة بين المعارضة التي قررت المشاركة وحصلت على 45 في المئة من مقاعد المجلس النيابي وأصبحت أكبر كتلة برلمانية تشهدها المملكة مع الحكومة والتي اتضحت جلياً من مقاطعة كتلة «الوفاق» الجلسة الافتتاحية وجلسة توزيع المناصب العليا في مجلس النواب. طبعاً كانت الانتخابات أهم حدث سياسي شهدته المملكة، إذ كانت المعركة الانتخابية قد بلغت الشارع العام «حامية الوطيس» وخرجت عن أعرافها المعروفة ودخلت دهاليز الحروب المباشرة واستخدمت فيها كل الأساليب المشروعة وغير المشروعة للوصول إلى المقعد النيابي. المعارضة شككت في نزاهة العملية الانتخابية في عدد من الدوائر التي كان فيها مرشحو جمعية العمل الوطني الديمقراطي (وعد)، إذ كان من الواضح أن مراكز التصويت العامة لعبت لعبتها وقلبت الموازين وتحديداً في دائرتي منيرة فخرو والأب الروحي لجمعية «وعد» عبدالرحمن النعيمي. وعلى الصعيد ذاته، جاءت تعيينات مجلس الشورى مخيبةً للآمال كثيراً فأعيد ثلثا الأعضاء السابقين، في رسالة واضحة وتأكيدية أن المجلس أريد له أن يكون ظاهرةً وجوديةً فقط، لا قيمة لها أو تأثير، ولحقتها في ذلك التشكيلة الحكومية الجديدة التي لم تتغير إلا في أمور قليلة جداً ولم ترتقِ إلى طموح المواطنين فأعيد وزراء رفضهم الشارع وجيء بآخرين دون الأهلية مع اعتماد توزيعة (12 - 6 - 6) من دون الدخول في تفاصيلها حتى لا نتهم بالطائفية. وقبل الانتخابات أثارت قضية الرأي العام وأوجدت صخباً كبيراً حتى سُفِّرَ العنصر فيها قسراً من البلاد وتدخل القضاء لمنع الصحافة من الحديث في الموضوع. كما لا يمكننا نكران الخطوات الفعلية التي بدأتها الحكومة ممثلة في وزارة العمل لحل مشكلة البطالة من خلال المشروع الوطني للتوظيف ومشروع تحسين الأجور في القطاع الخاص، وأخيراً إقرار قانون التأمين ضد التعطل الذي يعد الأول من نوعه على مستوى الوطن العربي. وعلى المستوى الإنساني، شهدت البحرين حوادث كثيرة كان أفجعها رحيل سماحة العلامة الشيخ عبدالأمير الجمري قائد حركة التسعينات التي أدت إلى حدوث الانفراج السياسي في البحرين في العام 2000، بعد عمر ناهز 69 عاماً وصراع مع المرض دام 4 سنوات، ليخرج الناس لوداعه في أكبر جنازة شهدتها وستشهدها البحرين. كما شهدت البحرين حادثين مأسويين، الأول كان ضحيته 58 قتيلاً كلهم من الأجانب وأكثر من 70 ناجياً إثر غرق بانوش «الدانة» قرابة الساحل الشمالي الشرقي للبحرين، وتحميل المسئولية بأكملها مالك السفينة عبدالله الكبيسي من دون أن تكون هناك أية مساءلة لأية جهة رسمية، ما أثار الكثير من الأسئلة بشأن الحادث وتقصير الجهات الرسمية، بعد أن كشف النقاب عن أن البانوش كان فاقداً الكثير من الإجراءات القانونية. أما الحادث الآخر، فكان مصرع 16 عاملاً آسيوياً في حريق سب في بناية يسكنها عمال أجانب في منطقة القضيبية، كانت هي الأخرى مخالفة للشروط والمعايير. أشفق على العام المقبل لما قد يواجهه في بلد صغير بسكانه ومساحته، كبير بحراكه وحركته وعطائه ونشاطه، فالناس في البحرين ذواقون للحوادث، فإن لم تكن موجودةً صنعوها من أجل التغيير، ولا يرضون بالبقاء من دون أن يكون لهم تأثير، يعشقون السياسية ويتأثرون بكل ما يدور من حولهم من حوادث إقليمية أو عربية أو عالمية؛ لذلك تعتبر البحرين قلب الخليج النابض الذي لا يعرف الهدوء أو السكينة وإن عاشها للحظات فإنه يمهد لعاصفة من التحرك?
إقرأ أيضا لـ "هاني الفردان"العدد 1577 - السبت 30 ديسمبر 2006م الموافق 09 ذي الحجة 1427هـ