العدد 1577 - السبت 30 ديسمبر 2006م الموافق 09 ذي الحجة 1427هـ

الأيام دول

معاذ المشاري muath.almishari [at] alwasatnews.com

لقد اختارت الولايات المتحدة الأميركية توقيتاً خبيثاً لتنفيذ حكم إعدام الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين، يظهر فيه صدام كبطل قومي للسنة العرب، ومجرم حرب وطاغية في عيون الشيعة، فتنفيذ الحكم في صبيحة عيد الأضحى جاء ليكرس روح الاستعلاء والهيمنة المتمثلة في شخصية الرئيس الأميركي بوش، محذراً الإرهابيين المتعاونين مع النظام الصدامي بتحويل أعيادهم الى أحزان، وكأنه يقول إذا كنتم ترجمون الشيطان في يوم عيدكم ضمن مراسم الحج، فإني قادر على إعدام شيطان آخر لا يتعاون معي بشكل جيد، وفي يوم واحد تظهرون فيه علامات البهجة، والاستغراب مما حدث.

مما لاحظته بعد ساعات من تنفيذ حكم الإعدام، أن عددا كبيرا من السنة يتحفظ على هذا التوقيت، وأن أكثرية الشيعة كانت تنتظر تنفيذ الحكم باشتياق وترقب، فتذمر البعض بإحساس المهانة، تقابله نشوة عارمة بإعلان نهاية طاغية، فتلك ازدواجية غير مخطط لها من جانبنا، إلا أن أميركا قد خططت لذلك مبكراً وارتكبت خطأ جسيماً بما تعتقده «تسليم الشيعة» حبل المشنقة، و»إهداء السنة» مراثي العزاء بهذا المصاب، وخطأ آخر سيوقد شعلة الانتقام والثأر لدى أنصار صدام من البعثيين والتكفيريين مقابل استعداد جبهات أخرى تحسباً لأي طارئ، دون الاكتراث بالضحايا الأبرياء من الطرفين، ولذلك فعلى العراقيين أن يدفعوا ضريبة احتفالات رأس السنة الميلادية في الغرب، ونحن كعرب علينا أن نوجه الرسائل الخاطئة ارضاءً لطبيعة خطاب الرئيس الأمريكي المتغطرس والبعيد عن احترام حقيقة فشل قواته في العراق.

لا يرضى أي إنسان عاقل بتلك الجرائم الكبرى التي ارتكبها صدام في حق العراقيين أكراداً وسنة وشيعة وغيرهم، ومن المستحيل نسيان ما اقترفته يداه في حق جيرانه في إيران والكويت، ولكن ذلك لا يبيح لنا بأن نجعل من إجرامه منهجاً ونتخذه قدوة وراية باطلة للتلذذ بإعدامه بشكل يوحي بامتداد ظلمه إلى نفوسنا، أو إرسال اشارات مرعبة للتباكي عليه في يوم العيد، أو حتى الاحتفال برحيل حامي حمى السنة على يد محكمة عراقية تأتمر بتعليمات الولايات المتحدة، وهنا يكمن الخلل بضرورة الاعتدال في تقييم الموقف، وتفويت الفرصة على الطائفيين من جميع الأطراف لخلق الفتن والقلاقل بين أفراد المجتمع الواحد.

بدلاً من انتشار حالة التذمر الخجول بصوت يتناسب مع تجمعات النمل، أو الانفعال المؤقت لامتصاص ردود الأفعال، علينا أن نفكر وبعمق في كيفية صناعة الطاغية وبروزه وتمجيده وتأليهه، حتى إذا ما غرس أنيابه في رقاب شعبه حاول الناس الفكاك منه دون جدوى، بعد أن سلموا رقابهم لمشانق التاريخ، وآمالهم لقبور الخيانة، وبعد طي صفحة مثقلة بالمآسي والجراح في تاريخ العراق المعاصر، يحق لنا أن نسأل الولايات المتحدة عن البديل الناجح لقيادة العراق ومحاصرة بؤر الإرهاب والتكفير?

إقرأ أيضا لـ "معاذ المشاري"

العدد 1577 - السبت 30 ديسمبر 2006م الموافق 09 ذي الحجة 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً