أصابني الإحباط حينما زرت مقبرة الحورة بالمنامة بغرض الترتيب لجنازة إحدى قريباتي، فكلما بحثنا عن فُسحةٍ قال الدفّان الآسيوي إنها لا تكفي، وبالكاد وجدنا مساحة مناسبة بحسب الاشتراطات. جلتُ ببصري في أصقاع المقبرة التي بدت لي أشبه بقسائم سكنية، جرى استملاكها كما استُملكت أراضي (المِلْحان) الآن، وقلت: أين سنجد مكاناً في هذه المقبرة التي غصّت بالشواهد المصنوعة من الألمنيوم وبالبنيان؟ بادرني أخي مطمئناً: «لا تخف، ستجدُ مكاناً شاغراً إن شاء الله»! أجبته: «أظن أننا سنُدفن في مدينة حمد - الحورة!» تعجب مني، فقلت له ساخراً: «إنني أتصوّر أن جنوبي مقبرة الحورة يشبه مدينة حمد التي جرى (نفيُ) الكثيرين إليها، ولاسيما من لا يملكون أراضي قرب مناطقهم، وهو ما عجزت سياسة «التسكين» عن وضع حل له في مناطق كالمنامة». استمع منصتاً فأضفت: «ألا ترى المقبرة وقد ازدحمت بشواهد القبور من الألمنيوم، وتلك المجصّصة والمحاطة بالطوب الأحمر... فعلاً نحتاج إلى أرض للإسكان في المقبرة لبناء مقبرة سكنية جديدة»! وجرّنا الحديث ونحن نتخطّى القبور المتلاصقة إلى المقارنة، فمقابرنا مثل شوارعنا ومشروعاتنا تفتقد التخطيط المدروس، فكلها «طارئة» و «مؤقتة» لا تلبث أن تفتح لتتداخل الطرق وتزدحم المسارات. ثم أخذنا نقارن مقبرتنا بمقبرتي النصارى واليهود اللتين تعدّان مثالاً للمقابر النموذجية، إلاّ أن قرب المقبرتين لم يشفع في استفادة مقبرة الحورة من تخطيطهما، كحالنا ومدينةٍ مثل دبي?
العدد 1574 - الأربعاء 27 ديسمبر 2006م الموافق 06 ذي الحجة 1427هـ