العدد 1574 - الأربعاء 27 ديسمبر 2006م الموافق 06 ذي الحجة 1427هـ

إعادة البحرين إلى العصر الجاهلي

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

قبل يومين، كان السفير البحريني السابق (في بيروت وتونس ونيويورك وبكين وطهران) حسين راشد الصباغ، في زيارةٍ لـ «الوسط»، والرجل «أرشيفٌ كبير» من الذكريات. من بين هذه الذكريات التي يحنّ إليها كثيراً، سرده قصص العلاقات التي كانت سائدةً بين الناس، قبل أن يتدخّل التفكير الطائفي في تلافيف حياتنا ويسمّم أجواءنا. وسمعت منه أكثر من مرة، أن جدّه من جهة الأم (راشد خليفة الظاعن) كان يمتلك بستاناً كبيراً في جزيرة سترة اسمه «بستان الشيخة»، قريباً من «عين الرحى»، وكانوا يقضون أياماً في فترة الصيف بالستينات هناك.

قبل أسابيع كتب السفير الصبّاغ في «الوسط» عن بساتين الدير العامرة بالنخيل وأشجار التين والبطيخ والباباي، وسرَدَ بحنينٍ بالغٍ ذكرياته عن «عين التينة» و«ريّة». هذه البساتين تحوّلت غالبيتها إلى قسائم سكنية وبيوت بفعل الطلب على المأوى في ظل مشكلةٍ إسكانيةٍ متفاقمة.

عندما تسمع منه حكايات الزمن السابق، تشعر أنت برغبةٍ جامحةٍ في الخروج من بين الجدران الطائفية الفاصلة التي يتفنّن البعض في إقامتها بين المواطنين، تعميقاً للأزمات والمشكلات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي يعاني منها الناس.

إن قراراً من قبيل منع شراء وبيع الأراضي في محافظة المحرق - فضلاً عن كونه تعدياً صارخاً على حقوق المواطنين وانتهاكاً لحقوق الإنسان الأساسية في التملّك - يعد وصمةَ عارٍ وضربةً غادرةً لقيم المواطنة في الصميم، لن ينساها شعب البحرين أبداً.

سيقال الكثير من الناحية السياسية عن هذا الإجراء غير الشرعي، وغير القانوني، وغير الإنساني، الذي ينتهك براءة البحرين وعذريتها ويستبيح تاريخها، إلاّ أن الأخطر من كلّ ذلك أنه يعيد هذا البلد العربي المسلم إلى مرحلة ما قبل الإسلام، ويقذف به في حضن الجاهلية من جديد. وهي نقلةٌ ستُحدِث انقطاعاً لتاريخ البحرين الإسلامي المتدفق منذ 14 قرناً، مذ تلقى المنذر بن ساوى رسالة النبي الأكرم (ص) يدعوه وقومه إلى الدين الجديد. ومن مفاخرنا نحن البحرينيين، جيلاً بعد جيل، أن بلادنا هي البلد الثاني من بعد المدينة المنورة استجابةً إلى الدعوة الإسلامية الجديدة.

قرار منع تملّك المواطنين أراضي في بلدهم إلاّ بإذن خاص، يُحدث قطيعةً مع التاريخ، فلم يحدث في أية حقبةٍ من تاريخ البحرين الإسلامي أن طُبّق مثل هذا القرار الأعوج، فانتبهوا لأنفسكم ماذا تصنعون.

قبل الإسلام، كان العرب قبائلَ متناحرةً تتقاتل للاستيلاء على المراعي وتجمّعات المياه ومساقط الأمطار، يخوضون الحروب لسنوات من أجل العشب والكلأ، وكانت بعض الحروب تنشب من أجل فَرَسٍ أو ناقةٍ عجفاءَ. بل إن أشهر حربٍ في تاريخ العرب الجاهليين، حرب «داحس والغبراء»، كانت بسبب سباقٍ بين الفرس الفحل «داحس» لأحد أبناء قبيلة عبس، وبين الأنثى «الغبراء» لأحد أبناء قبيلة ذبيان، مراهنةً على مئة بعير. فأعد صاحب الغبراء كميناً لداحس فأسقطته، ولكن المؤامرةَ انكشفت، وخاف الأشخاص الذين نفّذوا الكمين، وندموا على فعلتهم المتنافية مع الشرف العربي، فحكم المحكِّمون لداحس بالرهان. انتهى السباق ولكن الفتنةَ لم تخمد، إذ استمر مسلسل الشتائم، ليتطوّر إلى طعناتٍ بالرماح استمرت أربعين عاماً.

هذا ما نقرأه من قصص العصر الجاهلي، والتفكير القبلي، والعقلية البدوية، فهل هناك من يريد أن يعيدنا إلى ذلك العصر بعد أن أعزّنا الله بالإسلام؟ أتريدون أن تقيموا الجدران الفاصلة بين أبناء الوطن الواحد؟ أيضرّكم أن يعيش السني والشيعي في بيتين متجاورين؟ أم أنه حملةٌ تطوعيةٌ تمهّد الطريق لإدخال هذا البلد الآمن عصر الفوضى الأميركية المدمرة؟ صارحونا... يرحمكم الله?

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 1574 - الأربعاء 27 ديسمبر 2006م الموافق 06 ذي الحجة 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً