العدد 1574 - الأربعاء 27 ديسمبر 2006م الموافق 06 ذي الحجة 1427هـ

ما هي أميركا...؟

عادل مرزوق Adel.Marzooq [at] alwasatnews.com

-

ما هي أميركا؟ سؤال وجيه من وجهة النظر الفلسفية كما يعنى بذلك الأكاديمي التونسي فتحي المسكيني، إذ يرى أنه الآن فقط «آن الأوان لأن نؤرخ لمشكل لم يجد فلاسفة من حجم هيغل أو هيدغر أو دولوز أو رورتي أي حرج في أن يخوضوا فيه».

ومهما بلغ هذا «المُشكل» من الأهمية، ليصل إلى كونه «أهم حدث معاصر». يبدو المسكيني قلقاً من تأسيس قراءته لأميركا باعتبارها أو وصفها ترتقي أو لا ترتقي إلى «الأهلية الميتافيزيقية» التي تنطوي عليها فكرة «اليونان الرومانسية».

وتبقى أي قراءة للولايات المتحدة - للمسكيني نفسه أو غيره من زاوية أشمل - رهينة بالصورة التي ينطلق منها تأسيس القراءة نفسها. فتستطيع أن تقرأ أميركا من بعد «تأملي» بوصفها حلماً، إذ يقف خلف كل أميركي «حلم». ولعلك بذلك تغرق في ميتافيزيقية أو لاهوتية ما. وقد تقرأ أيضاً بوصفها آلة الحرب المترحلة، كما يصفها الـ «مسكيني»، وحينها سيكون للأيديولوجيا أن تشاركك أحقية التحليل/ التعليل/ التأويل ولاشك في أنها (الأيديولوجيا) ستتفوق في تحديد ماهية ما هو أهم، النتيجة.

ولابد أن مجمل المتغيرات الجديدة على الصعيد الداخلي الأميركي بعد الانتخابات الأخيرة ألقت بظلالها على الحادث الرئيسي في قراءة المستقبل السياسي للولايات المتحدة، فسكنة البيت الأبيض وإن أبدوا امتعاضهم من خيارات الناخب الأميركي التي ألقت بحلفائهم خارج مقار الحكم في الولايات ومجلسي الشيوخ والنواب فإن حرباً أهلية أميركية لم تحدث، وصراعاً بين العسكريين والمدنيين الأميركيين لم نسمع به.

قد يكون هذا المؤثر والعامل التأسيسي في الهوية الامبراطورية للولايات المتحدة - القابلية للتغيير وتصحيح الأخطاء على مستوى التكتيك - أهم العوامل التي لابد من مراعاتها مع أي قراءة/ إجابة/ سبر لإجابة سؤالنا الرئيسي (ما هي أميركا؟).

القابلية للتغيير وفق معطيات المؤثرات الأخرى (مراكز البحث والدراسات - الرأي العام الأميركي - ضوابط النمو الاقتصادي للشركات متعددة الجنسيات) هي ضمانة البقاء التي يعتمد عليها الأميركيون في ضمان بقائهم في صدارة دول العالم على أكثر من صعيد.

الذين يحاولون الإجابة على سؤال (ما هي أميركا؟)، لابد أن يدركوا أن متغيراً رئيسياً يجعل من الأميركيين حالاً ما متصفة بما يشبه الميوعة الفكرية/ الثقافية/ الاجتماعية/ السياسية. وهو ما يقتضى ألا نجازف بإطلاق أي أحكام كليانية قد لا تصل بنا إلى حدود الوصول إلى قراءة واقعية ومنطقية.

الأميركيون أنفسهم لا يدركون - بحسب تعبير الفرنسي دي توكفيل - هذه الميوعة وأنماط حركتها ونتائجها. وعليه، يبقى الحديث عن إجابة أخيرة تامة، مؤجلاً حتى حين، بما لا يصل إلى حد الهروب منها عن جهل أو عجز في المفهوم والفهم. بل، بما يتصل بالخوف من النتائج وما يأتي بعدها?

إقرأ أيضا لـ "عادل مرزوق"

العدد 1574 - الأربعاء 27 ديسمبر 2006م الموافق 06 ذي الحجة 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً