العدد 1573 - الثلثاء 26 ديسمبر 2006م الموافق 05 ذي الحجة 1427هـ

حشو «لغة»

عادل مرزوق Adel.Marzooq [at] alwasatnews.com

-

كلما انتهت مرحلة من العمل السياسي في البحرين كنا نصفها بالمهمة، عاجلتنا أخرى. أستحضر الآن توجيهات رئيس التحرير لنا في الاستعداد الجيد لتغطية الحوادث، ومتابعتها، وتحليلها. ولا يبدو لي، أن يوماً ما يأتينا فنهدأ.

قبل الانتخابات كان محورنا مشاركة الجمعيات السياسية المعارضة في الانتخابات النيابية، ومن ثم كان لنا أن ننشغل في التغطيات الإخبارية والتحليلية بشأن الانتخابات، ولا ضرر أن تستمر حال التأهب هذه حتى اليوم أمام هذا المجلس النيابي «القلق»، والباعث للقلق، ولا يحتاج رئيس التحرير الى إخبارنا بذلك.

يبدو الجميع - ولعلِّي في الركب - مشغولين بالعملية الديمقراطية، نحن من جهة إعلامية، والقيادة السياسية ومؤسسات المجتمع المدني ورؤساء الجمعيات السياسية من جهات أخرى. وفي خضم هذه الانشغالات والاشتغالات كان لي أن أفكر دائماً في الإجابة على سؤال بسيط: هي الوصول الى تجربة ديمقراطية بالكامل لا عُقد فيها أمر صعب... إلى هذا الحد؟

ولأصنع لي إجابة، حاولت تتبع الخطابات السياسية لشتى الأطراف الفاعلة في العملية السياسية، وكانت الإجابات عدة. إجابات الجمعيات السياسية المعارضة وجدتها جاهزة، وكذلك هي الإجابات في خطاب السلطة. كلاهما صاحب خطاب جميل الشكل والمضمون. ويبقى أن أسأل، مادامت الإجابات وافرة، أين المشكلة؟

ولأنني أيضاً، أشدّد على أن وظيفة الإعلام تقتضي أن لا يسأل الإعلامي قراءه، فالمفترض من الإعلامي أن يجيب، لا أن يسأل. وجدت ما يشبه الإجابة على أسئلتي كافة، وهي الإجابة - بالنسبة إليّ على الأقل - تبدو مقنعة. قدّم هذه الإجابة لي الباحث في علم الاجتماع السياسي «أندره كونت سبونفيل»، إذ لخص الخطاب الديمقراطي في مجمله بأنه لا يزيد عن كونه مجرد «حشو لغوي». وأن شتى الأطراف التي تحيط بالعمليات السياسية في العالم الثالث ليست أطرافاً جادة في الإصلاح السياسي والتحديث والديمقراطية. هذه المؤسسات ليست أكثر من مؤسسات صناعة خطاب مؤثث بحشو لغوي مُتكلف، مفاده الإصلاح السياسي والنهوض نحو «التجارب المدنية» لكنه خطاب فقير الآلية فارغ تماماً.

وعليه، غداً وبعد غد، لنا ولكم أن ندخل إطاراً جديداً من الحشو اللغوي عن الديمقراطية/ الحرية/ الإصلاح/ محاربة الفساد/ المؤسسات المدنية/ الاقتصاد المفتوح/ الشفافية. ولنا أن نمارس - كإعلاميين - الدور ذاته في صناعة مؤسسات خطابية جديدة قوامها «الحشو اللغوي». وهدفي الذي لا أخفيه - وقد يعترض بعض الزملاء الصحافيين على ذلك - هو أن أبدع أكثر في صناعة حشو «لغوي» أكثر قوة وجمالاً وإثارة. ذلك أن شيئاً مما يعنيه خطابي «أنا» أو خطاب من أحشو فيهم، لن يتحقق?

إقرأ أيضا لـ "عادل مرزوق"

العدد 1573 - الثلثاء 26 ديسمبر 2006م الموافق 05 ذي الحجة 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً