العدد 1573 - الثلثاء 26 ديسمبر 2006م الموافق 05 ذي الحجة 1427هـ

مواجهة مشكلة التضخم في قطر

جاسم حسين jasim.hussain [at] alwasatnews.com

باتت ظاهرة التضخم (أي ارتفاع الأسعار وبقاؤها مرتفعة) حقيقة مرة في جميع دول مجلس التعاون الخليجي بلا استثناء. لكن يبدو أن هذه الظاهرة مقلقة في بعض الدول أكثر من غيرها وخصوصاً دولة قطر.

بحسب مجلس التخطيط القطري، بلغت نسبة التضخم 8.2 في المئة في النصف الأول من العام 2006. ويعتبر هذا الرقم مرتفعاً مقارنةً بالفترة نفسها من العام 2005 عندما تم تسجيل ارتفاع قدره 4.8 في المئة. ويشار إلى أن نسبة التضخم بلغت 8.8 في المئة على مدار العام 2005. بالمقارنة تم تسجيل نسبة تضخم أقل من واحد في المئة في العام 2002. لاشك في أن هناك عوامل تفسر هذا الارتفاع غير الطبيعي لمستويات التضخم في قطر في السنوات القليلة الماضية.

الإيجارات في ارتفاع مستمر

إن أكثر شيء يلفت النظر فيما يخص ظاهرة التضخم في قطر هو ارتفاع الإيجارات، فضلاً عن بعض السلع والخدمات. فقد بلغ معدل متوسط ارتفاع الإيجارات نحو 26 في المئة في العام 2005، فضلاً عن 21 في المئة في العام 2004. كما حدث ارتفاع قدره 4.5 في المئة في كلفة الرعاية الصحية، فضلاً عن 3.1 في المئة في كل من المأكولات والمشروبات والتبغ.

وعليه لم يكن مستغرباً اتخاذ السلطات لقرار بتحديد ارتفاع قيمة الإيجارات بواقع 10 في المئة كحد أقصى سنوياً، ابتداء من العام 2006. بيد أن التقارير الصحافية تتحدث عن تمكّن بعض المستثمرين من فرض زيادة أكثر من 10 في المئة، وذلك بالاستفادة من الثغرات الموجودة في القانون. وكرد فعل على أزمة ارتفاع الإيجارات تتحدث تقارير أخرى عن شيوع ظاهرة إرسال بعض المحترفين لأفراد أسرهم إلى بلدانهم الأصلية لغرض توفير مبلغ من المال. بالمقابل يقوم هؤلاء باقتسام كلف السكن مع زملاء آخرين لهم. المؤكد أن هذا التطور لا يخدم العلاقات الأسرية، الأمر الذي ربما يترك أثره على الظروف النفسية للعاملين وبالتالي إنتاجيتهم.

زيادة الرواتب

كشفت دراسة حديثة أن الزيادة في الرواتب في مؤسسات القطاع الخاص في قطر هي الأعلى بين دول مجلس التعاون. واستناداً إلى دراسة قامت بإجرائها شركة «غالف تلنت» ومقرها إمارة دبي، تم منح زيادة قدرها 11.1 في المئة في متوسط الأجور في الفترة ما بين أغسطس/آب 2006 و2005 في قطر، أي الأعلى بين شركات القطاع الخاص في دول المجلس. وبحسب الدارسة نفسها، فإنها المرة الثانية على التوالي التي تحافظ فيها قطر على تسجيل أكبر نسبة نمو في الرواتب، إذ تمّ تثبيت زيادة قدرها 7.9 في المئة في العام الماضي.

لاشك في أن الهدف النهائي لهذه الزيادة هو تشجيع العمالة الوافدة، والتي تشكل بدورها الغالبية العظمى في القطاع الخاص، للبقاء والعمل في قطر. لكن على رغم كل ذلك، تعاني قطر من نقص في العمالة الأجنبية الماهرة لسد احتياجاتها، وذلك على خلفية النمو الاقتصادي المنقطع النظير للاقتصاد القطري. وبحسب مجلس التخطيط، بلغت نسبة نمو الناتج المحلي الإجمالي في المتوسط 28 في المئة في السنوات الخمس الماضية، إلاّ أن نسبة النمو الحقيقية أقل من ذلك بعد طرح عامل التضخم.

من جهة أخرى قررت السلطات القطرية في وقت سابق تنفيذ زيادة قدرها 40 في المئة في رواتب المواطنين.

استقطاب العمالة البحرينية

ولغرض سد النقص في القوى العاملة، تعمل السلطات القطرية على استقطاب عمالة من مملكة البحرين. وتوفر العمالة البحرينية إضافة جديدة للمؤسسات القطرية نظراً للعوامل الثقافية المشتركة بين الشعبين. يشار إلى أن الروابط الأسرية بين العائلات في كل من قطر والبحرين متميزة. كما تتمتع العمالة البحرينية ببعض الصفات الايجابية ومنها القدرة على التعامل باللغة الانجليزية، وفي ذلك إشارة تقديرية للمناهج الدراسية التي تلزم الطلاب بدراسة الانجليزية في مرحلة مبكرة.

كما أن ذهاب بعض البحرينيين للعمل في قطر سيساهم في الحدّ من أزمة البطالة التي تعاني منها البحرين. وعلى هذا الأساس هناك مصلحةٌ متبادلةٌ بين الطرفين بخصوص تشجيع العمالة البحرينية للذهاب والعمل في قطر.

يشار إلى أن قطر غير ملزمة في الوقت الحاضر بفتح أسواقها أمام مواطني دول مجلس التعاون. ومرد ذلك أن هذه الخاصية مطلوبة عند تنفيذ مشروع السوق المشتركة بين دول المجلس في نهاية العام 2007، إذ يتم منح حرية الحركة لعوامل الإنتاج في الدول الست، ومن بينها العمال.

ختاماً... هناك شبه اتفاق بين علماء وأساتذة الاقتصاد بأن التضخم يعد أكبر عدو في أي الاقتصاد، والسبب في ذلك هو أن التضخم يضرّ الجميع حيث ترتفع الأسعار على الفقير والتاجر. طبعاً الحال لا ينطبق بالضرورة على البطالة حيث يتركز الضرر على العاطلين. وعليه فإن المطلوب من السلطات محاربة أشكال التضخم كافة حفاظاً على مصالح جميع أفراد المجتمع.

(نلفت عناية القراء الكرام إلى احتجاب مقالنا ليوم غد الخميس على خلفية سفرنا للديار المقدسة لأداء فريضة الحج)?

إقرأ أيضا لـ "جاسم حسين"

العدد 1573 - الثلثاء 26 ديسمبر 2006م الموافق 05 ذي الحجة 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً