يقدر عدد العاطلين عن العمل في البحرين بنحو 15 في المئة إلى 20 في المئة, وذلك بحسب تقديرات محافظة. لكن بدلاً من محاولة معرفة عدد العاطلين الحقيقي أو مناقشة عدم وجود شفافية كاملة ومتجددة لإحصاءات مهمة مثل البطالة, دعنا أولاً أن نتفقد أسباب البطالة في إطار اقتصادات المملكة.
لقد شهد اقتصاد البلد نمواً ليس بقليل (ما يقارب 6.5 في المئة - مقارنة مثلاً مع الصين, دولةً اقتصادية ضخمةً, والتي شهدت نمواً بنحو 10.4 في المئة). و من نتائج الانتعاش الاقتصادي في المنطقة المنبعث من زيادة عائدات النفط في دولها, شهدت المملكة زيادة في الاستثمارات الخاصة. من أبرز تلك الاستثمارات هي تلك التي تتطرق لتحويلات الأموال والمعاملات الإسلامية والاستثمارات العقارية. أما بالنسبة إلى القطاع الحكومي والعام, فأدت زيادة التدفقات إلى توظيف الأموال في المشروعات التوسيعية في القطاعات المختلفة والتي تهدف إلى التنويع الاقتصادي.
لكن ترى ما يعني كل ذلك النمو واستقطاب الاستثمارات للعامل البحريني؟ قبل الإجابة, لنعلم أن في القطاع العام والحكومي يعمل حوالي ثلثي عدد المواطنين, وإن الزيادة في التوظيف في هذا القطاع محدودةً مقارنة مع الدول المجاورة بسبب محدودية حجم الموازنة التي يمكن توظيفها لتشغيل المواطنين. ومن جانب اخر, لدينا القطاع الخاص, والذي يقع على عاتقه توظيف غالبية المواطنين.
على رغم النمو في الاستثمارات الخاصة, معظم الأشغال التي توظفها تلك الاستثمارات هي تقع بين طرفين. طرف تلزمه العمالة اليدوية الرخيصة, وذلك مثلاً في قطاع البناء, وطرف تلزمه عمالة محترفة وذا خبرة مثل تلك التي يتطلبها قطاع المصارف. وعندما نتحقق من سوق العمل في البحرين, فسنجد بأن معظم البحرينيين يواجهون منافسة شديدة في الطرفين من العمالة الأجنبية.
فما هو إذاً الحل؟ وخصوصاً بأن عدد البحرينيين الذين سينضمون لسوق العمل في غضون عشر السنوات المقبلة سيزداد. هل ستستمر البطالة، كما هي عليه, تزداد, أو ربما تنخفض؟ الجواب يعتمد على السياسة التي تلتزمها الحكومة مع القطاع الخاص, والذي في يده جزء كبير من حل مشكلة البطالة.من يقول إن الدولة عليها أن تقيم المنشآت الضخمة لتوظيف الجميع يفقد مصداقيته عندما نجد بأن التوظيف يجب أن يكون مكرساً في جدوى اقتصادية فعالة وليست وهمية. وأن يكون فيه عائد على الاقتصاد الوطني. ولو اتخذنا الدول الأخرى مثالاً لنا, فسنجد بأن الحل هو حقاً ليس مع الاستثمارات الحكومية, بل مع السياسة الحكومية نحو الاستثمارات الخاصة.
وبالنسبة إلى تلك السياسة, فعليها أن توافق بين تهيئة المواطنين للعمل عبر توفير مراكز التدريب والبرامج العملية والتوظيفية, وبين تعزيز العلاقات مع المؤسسات الخاصة الإقليمية والعالمية لتوفير مناخ استثماري يتميز عن غيره بسبب وجود عمالة محلية متخصصة في شتى القطاعات. فالحبكة هي في إيجاد التوافق الصحيح الذي لا يبعد ويهرب الاستثمارات وفي الوقت نفسه يطابق مهارات العمالة البحرينية مع ما يتطلبه اقتصاداً يسعى للتنويع?
العدد 1571 - الأحد 24 ديسمبر 2006م الموافق 03 ذي الحجة 1427هـ