نعود لـ «بُسبس» وحكاياتها... وقد أهدتني حديثاً كتاباً ظريفاً طريفاً ليس مقامه هذه الزاوية، لأسباب متعلقة بالوعي المجتمعي وأخرى بالنشر والاختصاص الموضوعي. وأشكرها جزيل الشكر على تلك الهدية، فهي أضافت جديداً وروّحت عما يختلج بالنفس من لوعة الواقع المرِّ الذي بانت عتمته بعد أن «طقّ المطر وانكشف المستور».
تواصل «بُسبس» حكاياتها عن الانتخابات التي خاضتها للظفر بالمنصب المنتخب، وأذهلتني بمعلوماتها المتشعبة عن فضائح تلك الجمعيات التي تدعي تمثيل الإسلام، وأخلاق المسلمين منها براء.
تقول «بُسبس»: إن المترشح الذي ينازعها الدائرة، وهو شيخ دين ويعتلي منبر الكرامة والشرف، منبر الرسول (ص)، قام هذا المترشح وأطلق العنان لأصغريه في الشتم والتجريح، تارةً بالتلميح وأخرى بالتصريح، ومما قاله وهو يروّج لآخر: «انتخبوا (فلاناً) العاقل خير من المجانين»! وحينما هاج وماج عليه القوم، «أراد أن يكحلها فعماها»، فاستشهد بالمثل الشعبي «يودوا مجنونكم لا يجيكم اللي أجن منه»! فـ «زاد الطين بلّة»، وأردف قائلاً: إنما أنا أعني الجنون السياسي. الأخ الشيخ مارس التقية السياسية فمنعته من قول الحقيقة! فعلقت «بُسبس» على هذا الموقف: هكذا مشايخ الدين و(إلاّ بلاش)!
السؤال: هل هذا المترشح يصلح لأن يرتقي منبر الرسول (ص)؟ هل يصلح لبرلمان يمثل فيه الأمة؟ وتضيف «بُسبس»: مرشح آخر، من التبع الميع، يقول في حضرة مشايخ تلك «الجمعية» ومترشحيها: «علمنا أحمر (في مزايدة واضحة، إذ هل المترشح المنافس ينكر هذا الأمر؟) ولعنة الله عليه (وذكر اسم المترشح المنافس) وعلى «ظفار»! بالله عليكم هل يرضى مشايخ الدين، ومنهم من هو مترشح للبرلمان (ومع الأسف أوصلوهم إليه)، بهذا القول؟!
وبعد ذلك يكتب أحدهم أن المترشح (فلان) صبّ علينا اللعنات! أيها الأخ العزيز... طيلة فترة الانتخابات وأنتم تروّجون أن (فلاناً) شيوعي فكيف يلعن الشيوعي؟! هل يقول لعنة «لينين» و «ماركس» و «ماو» حلَت على المرشح فلان؟! يخدعون الناس، ويأبى الله إلا أن يخرج من أفواههم ما يدينهم. فلا يستقيم الاتهام بالشيوعية واللعن! فكيف لمن لا يؤمن بالله أن يلقي لعناته أو يجيزها (كعادته كما ذكر الأخ) على الناس ويبدأها باسم الله؟! إنها هرطقة جديدة تضاف إلى قديم هرطقاتهم بشأن التشكيك في معتقدات الناس وإيمانهم؛ وبالتالي إخراجهم من الإسلام وتكفيرهم!
إذاً، المخالفات الصريحة للقوانين، والتأسيس لأعراف مخالفة لعاداتنا وتقاليدنا وأخلاقنا الاجتماعية، وتقديم رشا سياسية وإفساد الذمم بها، وخداع الجماهير بالاتفاق من تحت الطاولة وقبض الرشا من أعلى... جميع هذه الأمور ليست من الإسلام في شيء. وبعد ذلك؛ يدندن البعض بأنه سيطبق الشريعة الإسلامية! يا أخي... طبّقها على نفسك أولاً ومن ثم طبقها على الآخرين والمجتمع!
الآن، الكرة في ملعب «بُسبس»، فعليها أن تركل هذا الدجل وتلك الخزعبلات التي يدندن بها من يدّعون تمثيلهم للإسلام، ويدعون أنهم سيطبقون مبادئ وشريعة الله على الأرض. وبالتالي، تكون «بُسبس» في حِلٍّ من أمرها، وخصوصاً أنني وإياها، اتضح لنا، بما لا يدع مجالاً للشك؛ الإفلاس والضحك على الذقون الذي تمارسه تلك الجماعات... وتلك الأمثلة ليست إلاّ نماذج بسيطة، وشذرات قليلة مما يتم فعله تحت ستار تطبيق شريعة الله وحماية المجتمع!
فعلاً، المجتمع محتاج إلى الحماية، ولكن حمايته من من؟! من أصحاب الإقصاء والتكفير، ومن الذين أجازوا التزوير، ومن حماة سرّاق المال العام وزملاء البيعة البائرة. هذا النوع من الحماية هو ما يحتاج إليه المجتمع البحريني?
إقرأ أيضا لـ "محمد العثمان"العدد 1571 - الأحد 24 ديسمبر 2006م الموافق 03 ذي الحجة 1427هـ