العدد 1571 - الأحد 24 ديسمبر 2006م الموافق 03 ذي الحجة 1427هـ

هل أسمّيهم نُبلاً نُبلاً؟

جعفر الجمري jaffar.aljamri [at] alwasatnews.com

-

هل أسمّيهم واحدًا واحدًا... نجمًا نجمًا... قلقًا قلقًا... نبلاً نبلاً؟ لن تفي مساحات القلب، عدا مساحات أخرى للوفاء بتعبهم وسهرهم، وذهابهم الجميل إلى اقتناص فرص من ذهب. ذهب الكتابة، وأحيانًا ظلامها.

ربما يعودون خائبين، ولكنها عودة ليست كتلك التي عهدناها وعهدها كثيرون. خيبة العودة من الكتابة بمثابة نصر آخر، وعودة بأكثر من ظفر، إذ يكفي اجتراح مثل ذلك الذهاب الذي يؤسس لأولى المحاولات، يقيم عمارته برؤى تتحايل وتتجاوز لعبة التأويل إلى ما بعدها بمراحل.

هل أسمّيهم كنزًا كنزًا. أم أكلمهم رمزًا؟ ففي الترميز أكثر من شمس، وأكثر من ضحًى ماثل. إلا أن ما يبعث على الأمل دائماً، أنهم حين يتركون كنوزهم أمام أبوابنا، نفاجأ بها في الصباح التالي وقد امتدت لتسدّ عين الأفق. على رغم بساطتها أحيانًا ولكنها تدعنا في أكثر من زاوية من الحرج.

هل أسمّيهم وقتًا وقتًا؟ هم المشغولون بتأثيث أوقاتهم بما يقتنصون من ذهب الكتابة ومائها، لا يحتاجون إلى أن تشغلهم القوائم، والأجندات، والتقاويم؛ لأنهم يصنعون كلَّ ذلك بثقة غامرة وبالغة.

لن نرتكب خطأ استدراج من قِبل ذاكرة كثيرًا ما تضع صاحبها في خانة المساءلة وأحيانًا التهمة؛ لأنها في النهاية لها بُعدها وانشغالها العاطفي الذي كثيرًا ما يمس الحاد والرهيف منها، ففي حين تحسب أنها تختزل الوجوه والأسماء والأمكنة حتى الخفي من ذلك، تفاجأ بها وقد طالت بنسيانها حتى ملامحك.

لا نسوّق لأحد في هذا المقام، ثم إن الذين نحن بصددهم ليسوا بحاجة إلى مثل ذلك التسويق، إذ ثمة حضور لهم فرض نفسه هنا وهناك، وكاد يستحوذ على المشاهد كلها. ليست فقط تلك الخالية من نبض وروح وقيم، فحتى المشاهد التي تضج بكل ذلك استطاعوا أن يمتلكوا ناصيةَ الحكمة والبلاغة والمثل والأخلاق.

وحين نمعن في مثل هذا الذهاب، إنما نعيد ترتيب أولويات توهّم كثيرون أنه لا يمكن المساس بها، بحكم أن الذين سبقوا في الحضور هم أولى بأن يختطفوا المشهد كله، بل مصير ذلك المشهد بكل ما يرتبط به من بشر وقيم ومُثل.

ثم إن إعادة ترتيب الأولويات ليست هي الغاية القصوى من كل هذا الرصد والمتابعة، ومحاولة خلق تجسير حقيقي - من دون مزايدات - لتعلم هذه الساحة وزنها الحقيقي، وشعراءها الحقيقيين، وكذلك حقيقة إنجازهم وفاعلية مشروعاتهم وعمق توجهاتهم، إذ إعادة الترتيب تلك إنما تتوخى كسرَ مسلَّمات ظلت ثابتةً باعتبارها نصًا مقدّسًا لا يمكن المساس به أو النيل منه حتى محاولة محاورته واستنطاقه، كأن الذي سبق في حضوره له الحق كل الحق في أن يمعن في فعل الاختطاف والمصادرة بحكم الأسبقية تلك?

إقرأ أيضا لـ "جعفر الجمري"

العدد 1571 - الأحد 24 ديسمبر 2006م الموافق 03 ذي الحجة 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً