هذه المعادلة تبدو بسيطة في ظاهرها، ويمكن لأي طفل في المرحلة الابتدائية أن يجيب عنها، لكنها في عالم السياسة معادلة معقدة جدا، وعلى رغم الفارق الكبير بين شطريها إلاّ أن كفتها الأولى بيدها أن تحافظ على استمرارية هذه المعادلة أو تعطيلها أو حتى نسفها.
(17+1) هي أصوات المعارضة في المجلس المتمثلة في كتلة الوفاق والصوت الوطني المتحالف معها عبدالعزيز أبل، في مقابل (22+40) وهي الكتلة الكبيرة المتناغمة مع الإيقاع الرسمي غالباً في المجلسين.
(17+1) هو تحالف الأقلية على رغم أن عموده الفقري هي الكتلة الأكبر في المجلس، ولكن على رغم ذلك فإن (17+1) يملك أدوات ضغط كثيرة ومؤثرة ومن بينها: قوة الشارع، والقدرة على رسم الصورة للوضع السياسي في البحرين أمام العالم، والماكنة الإعلامية لهذا التيار نشطة جداً وبإمكانها إفراغ المجلس من واجهة ترتكز عليها السلطة وتحالفها العريض، وهو صدقية المشاركة في مؤسسات المشروع الجديد ووضعها على محك التجربة الحقيقية والتلويح بورقة الشارع كثيراً.
في المقابل فإن تحالف (22+40) لا يملك جزءًا من الشارع لكنه يملك السلطة كلها، فهو يعيش في حضن السلطة الدافئ وينعم بحماية أمنّها له الدستور الجديد واللائحة الداخلية للمجلسين، ويتمتع بميزة الهيمنة على غالبية مقاعد المجلس الوطني، وقد لا يجد ضيراً من مشاركة «ثلث» معارض بحكم التوازنات المفروضة.
مقاطعة الوفاق لجلسات النيابي ومشاركتها التالية حيرت الناس، الوفاق طرحت مبرراً يرجع المشكلة في خلاصته إلى تفصيل الدستور الجديد ومجلسي الشورى والنواب وتوزيع الدوائر والنظام الانتخابي، لكن يبدو أن أمين عام الوفاق الذي سوّق لهذه الخطوة أراد منها توجيه رسائل مختلفة مبكراً، وحتى قبل اختبار تفاعلات التجربة الجديدة، ومن أهمها الرسالة الموجهة للشارع الوفاقي الذي انتخب «الكتلة الإيمانية»، أن خيار الكتلة أكثر وقعاً من مستقلين سيبدون وكأنهم «طرشان وسط الزفة»، وتحمل في مضمونها طمأنة الشارع بأن فشل المعارضة في الحصول على الغالبية ليس نهاية المطاف، ولن يوقف عجلة الزمن، والرسالة الثانية هي للحكومة تبلغها أن الاقتران بها ممكن ولكن لا مفر من وجود مهر حتى لو كان مؤجلاً لدور أو دورين!
الأمور سرعان ما عادت إلى سابق عهدها من غياب نظرية التوازن في توزيع المناصب الرئيسية في المؤسسة التشريعية، فقد غاب تمثيل فصيل رئيسي من الشعب عن كعكة المناصب الرئيسية لمجلس النواب الجديد، وفي المحصلة النهائية فان هيئة المكتب (الرئيس ونائباه ورئيسا اللجنتين المالية والتشريعية) لم يعد للمعارضة نصيب فيها، وحتى لو حصلت الوفاق على كرسي واحد من أصل خمسة كراسي، فإن هذا الكرسي سيكون أما بصّاماً لما يقرره أصحاب الكراسي الأربعة، أو رافضاً تاماً دون أن يترك أدنى تأثير على القرار.
الحل الواقعي الآن للمسلسل المعروض في سينما السياسة البحرينية هو أن تجاري الكتلة الوفاقية كتلة الأغلبية في أولوياتها، وبمعنى أكثر وضوحاً: تترك وراءها ملفاتها الأساسية كالتعديلات الدستورية وملفات التجنيس والتمييز والتحقيق في القضية المثيرة للجدل إلى أجل غير مسمى مقابل الدفع بالملفات الخدمية إلى الأمام، وهي ملفات تتقاطع في مجملها مع أولويات كتلة الموالاة، وإلاّ فإنها ستصطدم بجدار عريض ان أرادت تعدّي الخطوط المرسومة لها أصلاً.
تراتبية الحوادث الأخيرة أكدت الحاجة إلى إصلاح النظام الانتخابي الذي لا يساوي بين المواطنين في التمثيل، وهذا المشروع يتطلب من المعارضة جهداً شعبياً ومؤسساتياً وإعلامياً مؤثراً يصاحب الحملة لبيان أهمية العدالة في تثبيت أركان الاستقرار السياسي، وحتى ذلك الحين فإن حل المعادلة النيابية أعلاه سيكون كالآتي:17+1(ثلث معارض)x 22+40 (غالبية لا يمكنها أن تعمل من دون ذلك الثلث)، ونتيجة المعادلة خلال السنوات الأربع ليس بوسع أحد التكهن بإجابتها إلاّ من رسم قواعد اللعبة وحدد بوصلتها سلفا?
إقرأ أيضا لـ "حيدر محمد"العدد 1570 - السبت 23 ديسمبر 2006م الموافق 02 ذي الحجة 1427هـ