يمكن اعتبار التوصيات المهمة التي خرج بها مؤتمر المصالحة الوطنية الذي عقد في بغداد هو «الجزرة» الأخيرة التي تقدمها الحكومة العراقية إلى كل المعارضين للعملية السياسية، وعليهم قبولها قبل تفعيل «العصا». فعلى رغم أن بعض توصيات المؤتمر يمكن عدها تنازلات جدية من جانب الحكومة، فإن مصلحة الوطن وحقن دماء الأبرياء تمنح هذه التوصيات الشرعية المطلوبة، كونها سحبت البساط من تحت أقدام المتصيدين في الماء العكر، من صدّاميين وظلاميين وتكفيريين، وتفتح الباب على مصراعيه لترتيب البيت العراقي من الداخل. التوصيات استجابت تقريباً لكل مطالب القوى المعارضة، دعوة صريحة إلى عودة ضباط الجيش العراقي السابق ومنح الراغبين منهم في التقاعد رواتب مجزية، إعادة النظر في الدستور الجديد الذي صوّت عليه الشعب العراقي، إعادة البعثيين ممن لم تلطخ أيديهم بدماء الأبرياء إلى وظائفهم، وتحويل هيئة اجتثاث البعث من هيئة سياسية إلى قضائية، وتفعيل قرار حل الميليشيات المسلحة وحصر السلاح بيد الدولة.

الكرة الآن في ملعب «الطرف الآخر» الذي يجب عليه أن «يلعبها صح» قبل فوات الأوان، وعليه أن يتذكر دائماً أن عقارب الساعة لن تعود إلى الوراء، وأن القتل والتخريب هو شهادة وفاة لهم ليس إلاّ، وأن الحوار مع أبناء الوطن على رغم الاختلافات هو الطريق الصحيح للوصول إلى بر الأمان والتعايش السلمي والكريم في وطن يتسع للجميع?