نقل مراسل هيئة الإذاعة البريطانية في دلهي سوتيك بيزواس، تحذيرات، عالم اقتصادي معروف، من الآثار الضارة للعولمة على الخدمات العامة التي تقدم للمواطنين في دول ناهضة بالعالم الثالث.
وقال جوزيف شتيغلتز، الحائز على جائزة نوبل في الاقتصاد: إن العولمة تؤدي إلى نقص موارد الحكومات وأن سبب ذلك هو حرية حركة التبادل التجاري في العالم.
وأضاف شتيغلتز «أن نقص مداخيل حكومات دول العالم الثالث من المكوس والضرائب، يؤدي إلى نقص الموارد التي يمكن أن تنفقها تلك الحكومات على مواطنيها».
تكتسب مثل هذه التصريحات حول العولمة أهميتها وخطورتها بسبب المكانة العلمية والسياسية التي تحتلها الشخصية التي أطلقتها. فإلى جانب نيله جائزة نوبل في الاقتصاد في العام 2001، عمل شتيغلتز في البنك الدولي، وقبل ذلك كان الرئيس كلينتون قد اختاره ليكون رئيساً لمجلس مستشاريه باعتباره كان خبيراً وأكاديمياً يؤمن بأن الرأسمالية هي التي ستحقق النجاح. مع ذلك رأى الرجل بعد بعض الوقت أن هذه الرأسمالية التي يعمل في خدمتها ليست رأسمالية فحسب، بل هي رأسمالية متوحشة. ورأى على خلاف دعاة اقتصاد السوق أن للدولة دوراً سامياً وحيوياً في التنمية الاقتصادية، وأنه لا يمكن الاعتماد على قوى السوق بشكل أعمى. وأن وصفات صندوق النقد والبنك الدوليين، هي وصفات للخراب الاقتصادي، وأن من يدفع ثمنها هم الفقراء. وأن الدول الصناعية حين تضغط على الدول النامية لكي تلغي الضوابط وتحرر نظمها المالية، تصبح النتيجة الحتمية هي هزيمة الأمل المشروع لدى تلك الدول في النمو الاقتصادي.
هذه الرؤية هي التي حدت بالاقتصادي الليبرالي شتيغلتز إلى الاستقالة من البنك الدولي ومن خدمة الرئيس كلينتون، وعودته إلى موقعه الأكاديمي قائلاً: «إنني شعرت بأنه من المهم لضميري الثقافي أن أكون قادراً على التعبير عن نفسي بالقوة التي أراها مناسبة. بعيداً عن ضغوط البنك الدولي وصندوق النقد الدولي. وقد دون ذلك كله في كتاب شهير «العولمة ومساوؤها»، انتقد فيه العولمة مشخصاً فيه الآثار الضارة الذي تتركها المؤسسات المالية والتجارية الدولية على الاقتصاد والمجتمعات عموما».
تثير تحذيرات شتيغلتز أسئلة كثيرة حول العولمة، التي بدورها كثرت الأقوال حول تعريف معنى محدد لها، حتى أنك لا تجد تعريفاً جامعاً مانعاً يحوي جميع التعريفات وذلك لغموض مفهوم العولمة، ولاختلافات وجهة الباحثين فتجد للاقتصاديين تعريفاً، وللسياسيين تعريفاً، وللاجتماعيين تعريفاً وهكذا، ويمكن تقسيم هذه التعريفات إلى ثلاثة أنواع: ظاهرة اقتصادية، وهيمنة أميركية، وثورة تكنولوجية واجتماعية.
فقد عرفها الصندوق الدولي بأنها: «التعاون الاقتصادي المتنامي لمجموع دول العالم والذي يحتّمه ازدياد حجم التعامل بالسلع والخدمات وتنوعها عبر الحدود إضافة إلى رؤوس الأموال الدولية والانتشار المتسارع للتقنية في أرجاء العالم كله».
وعرفها الأمين العام لمؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والنمو، روبنز ريكابيرو بأنها «العملية التي تملي على المنتجين والمستثمرين التصرف وكأن الاقتصاد العالمي يتكون من سوق واحدة ومنطقة إنتاج واحدة مقسمة إلى مناطق اقتصادية وليس إلى اقتصادات وطنية مرتبطة بعلاقات تجارية واستثمارية».
أما الباحث الاقتصادي ماين فوصف العولمة على أنها «الفرصة النادرة لإنقاذ مستقبل العالم»، ويرى فيها ثورة عالمية تنسف الأوهام وتسقط الضمانات الخادعة وتجبر السياسة على إدارة العملية الاقتصادية الشاملة بكفاءة وانتهازية.
ويقول المفكر العربي السوري صادق جلال العظم معرِّفاً العولمة «وصول نمط الإنتاج الرأسمالي إلى نقطة الانتقال من عالمية دائرة التبادل والتوزيع والسوق والتجارة إلى عالمية دائرة الإنتاج وإعادة الإنتاج، إنها رسملة العالم على مستوى العمق بعد أن كانت رسملة على مستوى سطح النمو وهي نقل دائرة الإنتاج الرأسمالي إلى الأطراف بعد حصرها هذه المدة كلياً في مجتمعات المركز ودوله»?
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 1570 - السبت 23 ديسمبر 2006م الموافق 02 ذي الحجة 1427هـ