ندعو وزراء المالية والاقتصاد في دول مجلس التعاون الخليجي الابتعاد عن الحماس غير اللازم فيما يخص تنفيذ مشروع الاتحاد النقدي. حسب الخطة, والتي تم التأكيد عليها أثناء القمة السابعة والعشرين والتي عقدت في الرياض، ترغب دول مجلس التعاون الخليجي في تحقيق اتحاد نقدي بين أعضائها في العام 2010. ولوحظ أن سلطنة عمان أبدت عدم قدرتها تنفيذ شروط العضوية في الاتحاد النقدي مثل التأكد بعدم ارتفاع الدين العام عن 60 في المئة من حجم الناتج المحلي. فالأوضاع الاقتصادية في السلطنة تلزم السلطات بتنشيط الدورة الاقتصادية حتى يتسنى القضاء على تحديات مثل ايجاد عدد كافٍ من الوظائف.
سلبيات كثيرة ومتشعبة
تتمثل السلبيات بعدم قدرة أي دولة من الدول الأعضاء معالجة مشكلاتها الاقتصادية بمنأى عن الدول الأخرى. فالعملة الموحدة تحرم الدول الأعضاء من تبني سياسات اقتصادية أحادية تعالج أوضاعها المحلية بسبب الشروط المفروضة مثل ضمان عدم ارتفاع معدل المديونية عن نسبة معينة. كما أن هناك شروطاً أخرى بخصوص مستويات عجز الموازنة العامة فضلاً عن التضخم. فلكل دولة ظروفها وتحدياتها الاقتصادية. على سبيل المثال تعاني البحرين من أزمة بطالة. من جانبها تعاني الكويت من مشكلة التضخم (لاحظ قرار الحكومة في رفع قيمة تغيير الدينار إلى الدولار بنسبة 1 في المئة بسبب تدني قيمة الدولار مقابل العملات الرئيسية الأخرى زاد من قيم السلع المستوردة بعملات اليورو والين الياباني والجنية الإسترليني). والحال نفسه ينطبق على قطر حيث قررت السلطات حديثاً زيادة الرواتب.
تجربة اليورو المرّة
بدورنا ندعو إلى عدم الاستعجال في تنفيذ خطة تبني عملة موحدة ولنا في تجربة منطقة اليورو عبرة في ذلك. فقد ارتفعت قيمة اليورو بنسبة 35 في المئة في غضون أقل من 4 سنوات. في الوقت الحاضر بمقدور يورو واحد شراء دولار و27 سنتاً. بالمقابل كان بمقدور اليورو شراء أقل من 85 سنتاً من العملة الأميركية عند بداية طرح العملة. بيد أنه تكمن مشكلة ارتفاع قيمة اليورو إلى إلحاق أضرار بصادرات دول منطقة اليورو وبالتالي الدورة الاقتصادية وعليه سوق العمل. فارتفاع قيمة العملة يخدم الواردات إذ تصبح أقل كلفة لكنه ينال من القدرة التنافسية للصادرات إذ تصبح المنتجات أغلى من ذي قبل الأمر الذي ينال من القوة الشرائية لليورو. يشار إلى أن ليس بمقدور أي دولة في منطقة اليورو تبني سياسات اقتصادية أحادية لمعالجة مشكلاتها الاقتصادية مثل البطالة بسبب شروط الانضمام للعملة الموحدة مثل ضرورة المحافظة على نسب معينة للمديونية والعجز والتضخم. حقيقة نعتقد بأن الظروف غير مهيأة للحديث حول تطبيق الاتحاد النقدي في الوقت الذي لم تنتهِ دول المجلس من مرحلتي الاتحاد الجمركي والسوق المشتركة. يهتم الاتحاد الجمركي بأمور مثل تبني سياسة موحدة فيما يخص التعامل مع الدول الأخرى. بالمقابل يؤكد مشروع السوق المشتركة على إفساح المجال لعوامل الإنتاج بحرية كاملة داخل دول المجلس. من المفروض أن يتم الانتهاء من الاتحاد الجمركي وبدء العمل في السوق المشتركة في نهاية العام 2007. فعلينا الانتظار لنرى ماذا يحدث لهذين المشروعين المهمين قبل الخوض في تفاصيل مشروع الاتحاد النقدي. نقول ذلك آخذين في الاعتبار تأخر تنفيذ مشروع الاتحاد الجمركي لمدة سنتين من العام 2005 إلى العام 2007?
إقرأ أيضا لـ "جاسم حسين"العدد 1568 - الخميس 21 ديسمبر 2006م الموافق 30 ذي القعدة 1427هـ