هل صحيح أن الجمري رحل؟ طبعاً لا، فهو خالد خلود العظماء، فهو الشمعة التي أتت على نفسها من أجل أن تنير دروب الآخرين، والمحارب الذي رفض أن يستريح، وهو الشيخ الجليل، والرجل الأصيل الذي حمل هموم الناس من دون أن يحملوا همومه... هو الذي ضحى بماله وعياله من دون أن ينتظر يوماً أي مقابل.
مهما كتبت وكتبت في حق الشيخ الجمري فلن أستطيع أبداً أن أبلغ جزءًا يسيراً من حقه أو من حق تلك الكلمة التي أبكته وأبكت الجميع، والتي لم ولن أنساها يوماً. تلك الكلمة التي مازالت ترن في أذني عندما كنت جالساً في أول الصفوف بجامع الإمام الصادق (ع) بالدراز بعد أن فك الحصار عنه، والإعلان عن الميثاق الوطني. قالها بكل ما لديه من شوق: «أيها الأحبة... يشهد الله أني اشتقت إليكم اشتياق يعقوب إلى يوسف، وكم أتمنى لو أني أستطيع تقبيل يد كل فرد منكم عرفاناً بحقكم».
كم أنت جميل يا أباجميل، فمع كل ما فعلته من أجل أبناء هذا الشعب، تريد أن تقبل أيديهم عرفاناً بحقهم، فكيف يمكن لكل هؤلاء أن يردّوا لك هذا الجميل، حتى لو خرجوا عشرات الآلاف في جو شديد البرودة ليودّعوك؟ لا يمكن إلاّ أن نقول لك: أيها العظيم... إننا اشتقنا إليك اشتياق يعقوب إلى يوسف?
إقرأ أيضا لـ "هاني الفردان"العدد 1567 - الأربعاء 20 ديسمبر 2006م الموافق 29 ذي القعدة 1427هـ