العدد 1567 - الأربعاء 20 ديسمبر 2006م الموافق 29 ذي القعدة 1427هـ

ولا أعرف لمَ الإصرار على وضع النصب في «الدوارات»!

الهاشمي: اغتربت لأني كنت أحلم

مرهف في خطوته، في حديثه، مرهف عرفته منذ السبعينات، ومثل أبناء جيله، كان مثقلاً بالشارع والإنسان والغضب، من ليننغراد تحيطه التماثيل المنحوتة حمل شهادته الماجستير، وتزوج لتمنع زوجته من دخول البحرين، بقي عشر سنوات عاطلاً على ذمة شهادته وحلمه، فاضطر بسبب ظروفه المعيشية إلى السفر بعيداً عن وطنه، نزل الكويت وفي جسده حلم أكبر منه، أخفى كونه نحاتاً، وامتهن التدريس بصفته متخصص ديكور، يجيد التعبير بالأزميل أكثر من الكلمة، نقل همه الإنساني إلى شكل حوار بين الكتلة والنحات، نحات لا يمتلك أن يعيش بمعزل عن الآخرين، يعمل في صمت، كأنه يعيد ترتيب صلاته، لا تأخذه الأضواء، ويعتقد أن المادة تشغل حواراً في روح الفنان، لذلك فهو يحاورها ويكتشف جمالها الكامن، وقال عن واقع تدريسه: «أحسني أضحك على نفسي، فحين تحاول تمرير ما تملك، وتأخذ بمواهب التلميذ إلى الإبداع، تجد أمامك التفاصيل الوظيفية السخيفة».

الفن بالنسبة إليه قديم قدم الحياة، وجديد يستبق بتصوراته من الواقع إلى المستحيل، يتخطى حدود الزمن، والفن رسالة، رسالة يسجل الفنان من خلالها قضايا معيشته كرؤية وحدث، لذلك يعتبر أن الفن ضرورة حياتية، في سبيل تحقيق النضال الفكري والثقافي للشعوب المهيأة لحياة أفضل.

خليل الهاشمي فنان يشف بهدوء، رأى النور في يوم من سنة 1949، متحصل شهادة الماجستير من أكاديمية الفنون كلية النحت، من ليننجراد منذ العام 1980، شارك في الكثير من المعارض المحلية والعالمية، كما حصل على جائزة البلدية لمسابقة النصب العام 1996، إلا أن عمله بقي على الرف.

يقول الهاشمي في بداياتي الفنية مارست مجالات فنية مختلفة، لكن ميلي للنحت أصبح هو الأقرب لنفسي، خصوصاً بعد مواصلتي الدراسة في الاتحاد السوفياتي في السبعينات، وأعتبر إسهاماتي في مجال النحت متواضعة، وقليلة لأسباب كثيرة، وأنا كإنسان لي تفاعلي مع الحياة، وكنحات يثيرني موضوع الإنسان في معاناته وأحلامه، وصراعاته من أجل البقاء، غالبية أعمالي لا تخلو من شكل الإنسان، هذا الكائن الذي أصبح هشاً في عصرنا، لا يهمني الأسلوب الذي أحاكيه أو أنتهجه، بقدر ما تهمني الفكرة التي تبلور وتجسد العمل، قد أكون واقعياً أو تعبيرياً أو تجريدياً، لإبراز الفكرة أو المحتوى، يخيل إليّ أني أحقق تقدماً يوماً بعد يوم، وهذا ما يدفعني إلى العمل، كما يقول النحات السويسري جياكوموتي: «إننا نتابع العمل عارفين أننا كلما دنونا من الشيء ازداد ابتعاداً، إنه بحث لا نهائي، إن لدي استعداداً لتحطيم ما صنعت بالأمس، لأنني أو هكذا يخيل لي أني صرت أرى أبعد». وعند حديثه عن وضع النحت في البحرين لم يخفِ الهاشمي تململه من هذا الوضع، معتبراً أن النحت في البحرين لم يصل إلى المستوى الذي يستحقه، في حين أن فنون أخرى أخذت مكانة مرموقة كما حدث للرسم والتصوير، كما أكد الهاشمي أن النحت في البحرين لم يلعب دوراً ريادياً، سواء في إبراز مواضيعه وفنيته، أو حتى من خلال تطلعاته، وتأسف على عدم رعاية المؤسسات الرسمية والثقافية للأعمال النحتية، وذلك لأسباب كثيرة، فمنها عدم وعي المجتمع للمجسمات، وابتعاد المؤسسة الرسمية عن مسئوليتها من الاهتمام بهذا الفن.

وفي ختام أمسية الهاشمي بأسرة الأدباء والكتاب، قال الهاشمي: «عندما تشاهد الأعمال القبيحة كنصب، تشعر أنه لا يوجد فن نحت في البحرين، ولا أعرف لماذا الإصرار على وضعها في دوار»، حتى الأعمال التي صارت نصباً في بعض الدوارات نالها الكثير من الحذف، في حين أن نحاتاً في روسيا أزيل من أجل وضع عمل له بالقرب من المطار بنائين، «لأن الأعمال النحتية الضخة لا تتنفس إلا في الساحات والميادين والحدائق والشوارع» كما ذكر الهاشمي?

العدد 1567 - الأربعاء 20 ديسمبر 2006م الموافق 29 ذي القعدة 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً