الجو بارد جداً، تتسلل برودته إلى العظام في فصل شتاء لم يسبق للبحرين أن مر عليها أبرد منه. الأمطار غزيرة، لم تتوقف حتى أغرقت بعض الأحياء البحرينية وبعض البيوت، لتفضح الاستعدادات التي طالما قيل إنها موجودة. الوضع السياسي متأزم، لم تكد الانتخابات تنتهي، حتى بدأت الحوادث تتوالى؛ العيد الوطني، تعيين الحكومة الجديدة، تعيينات الشورى، افتتاح المجلس الوطني، ثم مقاطعته، اختيار رئيس ونائبي رئيس مجلس النواب. أسئلة كثيرة مطروحة على الساحة السياسية: ماذا بعد؟ هل من استحقاق يمكن أن يغير الوضع؟ هل يمكن أن تحل مشكلات طالما بحث المواطنون لها عن حلول، أم أن كل ما نراه ونسمع عنه مسرحية لا يعدو أن يكون أفرادها ممثلين بارعين، وضع خيوط شخصياتهم كاتب، أو كتاب سيناريو محترفون بامتياز؟
وسط كل ذلك، يرحل عنا الشيخ الجمري، كأنه يريد أن يقول: كفاكم تمثيلاً وتحركوا، حاولوا التغيير. يرحل الشيخ الآن، كأنما ليذكرنا بقصة طويلة مريرة خاضها أفراد هذا الشعب، ولايزالون بانتظار القطاف الأحلى، والأغلى. يرحل الشيخ في هذا الوقت بالذات، والنفوس مشحونة، والأعصاب مشدودة، من شدة البرد أو من حدة التوتر السياسي، ليوجه لنا جميعاًَ رسالة يحفها الصمود والكفاح والصراع من أجل المبدأ والحقوق، ومن أجل المواطنين، ليقول لنا: ابحثوا عن الماضي، وتعلموا دروسه، وحاولوا التحرك للأمام. يرحل الشيخ الجمري ليذكرنا بكل ذلك، فهل نتذكر؟ وهل نتعظ؟?
إقرأ أيضا لـ "ندى الوادي"العدد 1566 - الثلثاء 19 ديسمبر 2006م الموافق 28 ذي القعدة 1427هـ