ليس بغريب أن تحتشد منافذ المنطقة الشمالية من البلاد بأعداد غفيرة من المواطنين تدفقوا من شتى مناطق البحرين لتوديع الشيخ عبدالأمير الجمري، تلك الشخصية النضالية التي عرفها أهل البحرين منذ أكثر من أربعين عاماً في ساحات النضال والعمل الوطني، منكراً لذاته، ومقدماً الأولوية لأبناء وطنه في تحقيق مطالبهم الشعبية.
سمعت عنه من الذين سبقوني عمراً، وكيف وقف ضد قانون «أمن الدولة» السيئ الصيت، وكيف وضع يده مع الآخرين للحيلولة دون تنفيذه، ما أدى إلى حل البرلمان في العام 1975، ودخلت البحرين بعد ذلك في حال من الظلام السياسي التي يمقتها كل بيت بحريني أياً كانت توجهاته.
ثم عرفت - كما عرف أبناء جيلي - الشيخ الجمري ضمن نضالات التسعينات، إذ تصدر العرائض النخبوية والشعبية المطالبة بعودة الحياة البرلمانية والحقوق السياسية وإرساء دعائم العدل الاجتماعي، ولاقى ما لاقى من معاناة استمرت معه طويلاً... وعندما انفرجت الأوضاع السياسية لم يستمر معنا كثيراً، بسبب ما أصابه من مرض ألزمه فراشه حتى وافته المنية فجر أمس.
منذ أمس والخبر الذي شغل بال الشارع البحريني، وغطى على كل الأخبار الأخرى، هو رحيل الرمز التاريخي الذي طرح نهجاً وحدوياً وساهم بشكل مباشر في رص الصفوف وتقريب النفوس بين الشيعة والسنة، وبين الإسلاميين والوطنيين، وبين مختلف الفئات التي أخلصت لتراب هذا الوطن.
غياب الشيخ الجمري عن الساحة ترك فراغاً واضحاً، والمسيرة الوطنية تفخر بأن الشيخ الجمري كان وسيبقى من أهم رموزها الذين ضحوا، وأفنوا حياتهم في ساحات النضال والعمل الوطني?
إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"العدد 1565 - الإثنين 18 ديسمبر 2006م الموافق 27 ذي القعدة 1427هـ