العدد 1565 - الإثنين 18 ديسمبر 2006م الموافق 27 ذي القعدة 1427هـ

إلى عليين يا أبا جميل

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

رحل عن الدنيا فجر أمس (الاثنين) الوالد العزيز الشيخ عبدالأمير الجمري، رحل جسده عنا وبقيت روحه معنا... عاش مع الناس وإلى الناس، تذوق آلام شعبه، وكانت سعادته في خدمة شعبه، مردداً «الخلق عيال الله، وأحبهم إليه أنفعهم لعياله»... ارتبط بالناس مباشرة، ومجلسه كان مفتوحاً دائماً للجميع، وكان دائماً في المقدمة عندما يحتاجه الآخرون... كان يعطي من نفسه الكثير حتى لو كان ذلك على حساب راحته، ويباشر أكثر أعماله بنفسه، يعود الفقراء والمرضى، ويلتقي علماء الدين والشخصيات الاجتماعية، ويعتبر من علماء الدين القلائل الذين تحركوا نحو عمل يشمل الجميع، وكانت جهوده واضحة في العريضة النخبوية العام 1992 والعريضة الشعبية العام 1994، وتصدر الحركة المطلبية في تسعينات القرن الماضي، وعرفه الجميع مدافعاً صلباً عن المبادئ، معتدلاً في الطرح، مضحياً من أجل بلاده ومجتمعه.

كانت أمامه خيارات عدة، وكان بإمكانه أن ينهج ما ينفعه شخصياً ويرتاح من متاعب الدنيا التي تنزل على من يضع نفسه في موقع المتصدي للدفاع عن قضايا الناس... وكانت العروض المطروحة عليه كثيرة شريطة أن يتخلى عن الدفاع عن الناس وأن يهتم بنفسه وأولاده فقط... ولكنه قال كلمته الشهيرة «كل أبناء الشعب أبنائي» رافضاً أن يتنازل عن نشاطه مقابل أن يفرج عن أبنائه من السجن ويسمح لمن كانوا في المنفى أن يعودوا ويعيشوا معه هانئين بأنفسهم... ولكن كان يرى سعادته من سعادة الناس كلهم وليس هو وعائلته فقط.

دخل السجن حاله حال أبناء شعبه، وكان في فترة من الفترات معه في السجون القريبة منه أربعة من أبنائه وبناته، ولكنه اعتبر ذلك قدره في هذه الدنيا... أن يتألم كما يتألم أفراد مجتمعه، وأن يعيش معهم السراء والضراء... خرج من السجن وهو متسامح مع نفسه ومع الآخرين، وبادر مرة أخرى ليلعب دوره الريادي في ترشيد الساحة السياسية، ولكنه كانت قد اعتلت صحته كثيراً. ومنذ منتصف العام 2002 أصبح منزله الدائم المستشفى أو الغرفة الخاصة التي جهزت لرعايته... حتى أسلم نفسه إلى بارئه فجر أمس... مطمئناً برحمة خالقه، وتاركاً خلفه إرثاً كبيراً يحمل في طياته معاني الإنسانية والعطاء المستمر من أجل حياة أفضل لكل أهل البحرين.

عندما أصبح طريح الفراش، كان في غرفة قريبة من رفيقة عمره (أم جميل)، التي عاش معها نحو خمسين سنة... صاحبته إلى النجف الاشرف 11 عاماً حتى عاد وانتخب في المجلس الوطني العام 1973، وكانت أقرب الناس منذ أن عرفا بعضهمابعضاً... عندما كان في السجن كان يكتب الشعر السياسي وكان يكتب أيضاً الشعر المخصص لها فقط، وكانت تصادر أشعاره، ولكنه كان يحفظها... وكانت تلك هي الأبيات التي يرددها عندما لمّ الله شمل العائلة مرة أخرى في العام 2001، حتى ألم به المرض العضال. فإلى عليين يا أبا جميل... وإلى ربك حيث رحمته الواسعة، فلقد قدمت ما لديك إلى محبيك ونشرت الفضيلة والعمل الصالح بينهم... وذكرك يؤلف بين قلوبهم على الخير بإذن الله?

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 1565 - الإثنين 18 ديسمبر 2006م الموافق 27 ذي القعدة 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً