في يومٍ أقل ما يمكن وصفه بـ «اليتيم» انتقل سماحة الشيخ عبدالأمير الجمري من دنياه إلى لحدٍ لا يقل بياضاً عن تاريخه المشرف، طاوياً سيرة بدأت بالنضال وانتهت بالنضال، نضال لإعلاء كلمة الحق ونصرة المظلومين، بيد أن انتهاءها بلاشك رسّخ مبادئ وقيماً لا يمكن محوها، خطها بحبر صموده ليرددها جيل تلو جيل، لا عامة الناس فحسب وإنما كل من خطا على طريق رسمه «رحمه الله» فضلاً عن سواه من المنادين بالحياة الديمقراطية، فالمناداة بالوحدة الوطنية ونبد التفرقة ومحاربة الطائفية لم تكن وليدة عهدنا وإنما تجلت إبان موقفه الإسلامي من الأزمة التي عصفت بالبلاد في التسعينات، وها هي اليوم تتردد على كل الألسن ولكن بفارق جذري، تتردد بلا خوف وبلا قيود.
خمسون ألف بحريني وقفوا مهللين فرحين بالإفراج عن الشيخ الجمري بعد اعتقال انفرادي دام أكثر من ثلاث سنوات في سجون لا تعرف الرحمة وبالعدد ذاته وأكثر يقفون مجدداً ولكن في موقع آخر، يقفون دامعين يهيلون التراب على «أب الشعب»، وقبل ذلك كانت لهم وقفه على صفحات منتدياتهم، وقفة حزينة وراثية وأخرى مؤرخة تاريخه الطويل والحافل بالصمود.
صور الأب الحنون تتصدر المنتديات
المتصفح لشبكة المعلومات وتحديدا المنتديات لا يخفى عليه انتشار صور الأب الحنون الشيخ الجمري على صفحاتها الرئيسية مذيلة بعبارات لا تقل حزنا عن الموقف، هذا وعمد البعض منها إلى فتح باب التنفيس - إن جاز التعبير - ليشمل قسما يعنى بطرح تعازي المواطنين والقراء بمختلف فئاتهم.
في حين تفنن البعض الآخر في إبداء حزنه العميق بنظم الشعر وسطر الخواطر الرثائية، وتدافع الكثيرون للتعبير عما يجول بخلجاتهم عبر تلك السطور لتشهد شبكة المعلومات ضغطاً أبطأ من سرعة التصفح فيها.
هذا وعمد آخرون إلى كتابة مذكراتهم مع الشيخ الجمري قبل رحيله مسطرين مواقف تجمعهم به، في حين تغيرت معظم تواقيع أعضاء المنتديات لتتضمن صورا للشيخ الجمري مذيلة بعباراته المأثورة، وصنف موضوع فقد الجمري من ضمن الموضوعات المتميزة في معظم المنتديات.
هذا واستغل البعض الآخر تلك المساحة لبث رسالة معنونة بـ «كونوا أوفياء لأب الشعب بحضور جنازته»، داعين بذلك إلى التجمهر لتشييع الفقيد الى مثواه الأخير والتعبير عن الوفاء له تقديرا لتضحياته.
وبدورهم سعى القائمون على تلك المنتديات إلى تحميل مقتطفات من حياة الشيخ الجمري بالصوت والصورة، تعيد بنا الذاكرة الى الوراء، بعضها ابان الإفراج عنه والبعض الآخر يشمل عبارات مشهورة له كـ «شعب كهذا يستحق الحرية».
تحميل أناشيد ولطميات باسم الجمري
وبحركات سريعة عمد أبناء شعب البحرين إلى إعداد وتنفيذ لطميات تحمل اسم الجمري أدى البعض منها الرادود الحسيني مهدي سهوان، في حين تهافتت الفرق الإنشادية إلى تحميل رثائياتها على صفحات المنتديات عرفانا بجميل أبي جميل.
هذا ولم تخل تلك المنتديات من تأريخ مسيرة الشيخ الجمري، اذ دأبت على تخصيص موضوعات ارشيفية تبدأ بمولد الفقيد وتنتهي بإعلان خبر مفارقته الحياة?
العدد 1565 - الإثنين 18 ديسمبر 2006م الموافق 27 ذي القعدة 1427هـ
