أسلم الشيخ عبد الأمير الجمري الروح إلى بارئها فجر أمس بعد صراع مرير مع المرض أقعده على الفراش طويلا، ومن ألمانيا ومرورا بالرياض ومن ثم المستشفى العسكري وأخيرا في مجمع السلمانية الطبي كان الشيخ الراحل يتنقل في رحلة علاجية طويلة بين مستشفى وآخر بعد أن بدت عليه معالم الإنهاك الذي خلفته معتقلات التسعينات.
استشاري جراحة الكلى والمسالك البولية بمجمع السلمانية الطبي محمد حسن الدرازي الذي لازم الإشراف على صحة الشيخ من بعد عودته من ألمانيا حتى الفترة التي سبقت وفاته، عبر عن عميق حزنه لرحيل الشيخ الجمري، وقال: «بدأت في متابعة حال الشيخ عبدالأمير الجمري من بعد عودته من رحلة العلاج في ألمانيا العام 2002 إذ أجريت له هناك عملية جراحية في الظهر في الثاني عشر من يونيو/ حزيران من العام 2002 وعلى رغم نجاحها فإنه تعرض في الرابع عشر من الشهر نفسه إلى نزيف حاد ثم جلطة في موضع العملية بعد يوم واحد».
جلطات متتابعة ورحلة من ألمانيا إلى الرياض
ويضيف الدرازي «الشيخ رحمه الله أصيب أيضا بجلطتين في الدماغ وكانت إحداهما في الواحد والعشرين من الشهر نفسه وأصابت تحديدا الخلايا المسئولة عن النطق ما استدعى تدخل الأطباء لتذويب الجلطة وأثرت الجلطة على قدرته على النطق وبعد متابعة حالته لعدة أشهر واتخاذ اللازم من علاجات تحسنت صحته قليلا ثم نقل إلى المملكة العربية السعودية وبقي نحو ستة إلى تسعة أشهر لمتابعة العلاج وخصوصا العلاج الثانوي، لأن دور العلاج الجراحي في هذه المرحلة انتهى بالنسبة إليه، وأدى علاجه في ألمانيا إلى اصابته بعاهة دائمة وهي عدم القدرة على الحركة والشلل النصفي وعدم قدرته على الاعتناء بنفسه ما استلزم مواصلته العلاج الطبيعي في السعودية».
وواصل الدرازي «عاد الشيخ إلى أرض الوطن في العام 2003 وأشرفت على علاجه في منزله عندما كان يتعرض لوعكة صحية أو مرض بالإضافة إلى الإشراف على حالته عندما تتدهور حالته وينقل لمجمع السلمانية الطبي إذ كان يتعرض لضيق في المسالك التنفسية ومشكلات أخرى، وكانت حالته الصحية مستقرة قبل العام 2003 إلى قبل ثلاثة أشهر على رغم عدم قدرته على الكلام بسبب المرض، وكنت أزوره في منزله مرتين في الشهر أو إذا احتاج أي علاج أو معاينة وأحيانا يصاب أحيانا بالتهابات موضعية أو التهابات في الدم، وأحيانا أطلب زيارة طبيب المركز الصحي وبعض استشاريي الأمراض التنفسية واستشاريي المخ والأعصاب للاطمئنان على صحته».
وأردف الدرازي «قبل شهر رمضان الماضي أصيب بالانتكاسة الأخيرة التي أدت إلى وفاته إذ تعرض لجلطة شديدة في المخ أدت إلى تدهور حالته الصحية، وبعد أن أدخل إلى المستشفى في المرة الأخيرة كان قد فقد القدرة على الكلام، ولم يكن يستطيع تناول طعامه ووضع له أنبوب خاص في المعدة لمساعدته على التغذية (...)، واستمر التدهور في صحته إلى أن توفي فجر أمس».
يهنئ بصدور «الوسط» وهو على فراشه بألمانيا
إلى ذلك صرح مصدر طبي بمجمع السلمانية بأن الشيخ الجمري أصيب بعدة جلطات منذ سنوات وكانت الأخيرة التي أصيب بها بعد شهر رمضان الماضي، وأضاف ان حالته الصحية كانت «مستقرة قبل السماح له بمغادرة المستشفى قبل عشرة أيام».
وكانت «الوسط» نشرت في الثاني عشر من سبتمبر / أيلول من العام 2002 خبر تحسن صحة الشيخ الجمري وحديثه مع أفراد أسرته بالهاتف - على رغم الإجهاد - وبعد أسبوع من نقله من مستشفى كارلزباد جنوب مدينة فرانكفورت إلى مصحة شنايدر القريبة من الحدود الألمانية - السويسرية بتوجيه من الاختصاصي بوزارة الصحة عمر ياسين الشريف الذي كان له دور واضح في إعطاء تقييم دقيق لحال الجمري، ومساعدة أسرته على اتخاذ قرار نقله إلى هذه المصحة التي اختارها بعد زيارة عدد من المصحات الألمانية، وفي اتصال هاتفي مع ابنه منصور الجمري ومعرفته بصدور الأعداد الأولى من صحيفة «الوسط»، قال الشيخ الراحل: «نحمد الله عز وجل الذي حقق بعض الأماني ذات الارتباط العام بحياة الأمة، ونأمل أن تسهم الوسط في تغطية ما يحتاج إليه الناس والدفاع عن قضاياهم».
كما نشرت «الوسط» في الخامس من ديسمبر/ كانون الأول من العام 2002 خبر نقل الشيخ من المصحة الألمانية بالقرب من شتوبجارد إلى مستشفى متخصص جنوب ألمانيا لفحص الكلى وإجراء تخطيط للقلب وإجراء مجموعة من الفحوصات، وبحسب الأطباء فقد كانت الذاكرة تعود للشيخ بين فترة وأخرى ولكن لفترات قصيرة ويحاول الأطباء إعادة القوى التوازنية لجميع أعضاء جسده، وفي السابع والعشرين من الشهر نفسه صرحت زوجة الشيخ الجمري (أم جميل) لـ«الوسط» عن استقرار حالته الصحية وعدم تغيرها للأفضل خلال ثلاثة أشهر، وقالت: «مازال لا يستطيع الخروج من فراشه بسبب الجلطتين اللتين تعرض لهما منذ إجراء عملية الظهر قبل سبعة شهور، وطلبنا من وزارة الصحة نقله إلى مستشفى الملك فيصل التخصصي بالرياض لأن ما هو متوافر حالياً من علاج طبيعي وعناية خاصة في ألمانيا متوافر أيضاً في السعودية»، إلى ذلك بدأت إجراءات واستعدادات نقله للسعودية من قبل سفارتي البحرين في برلين والرياض بالتنسيق مع وزارة الصحة البحرينية التي تعهدت بعلاجه منذ سفره إلى ألمانيا.
ست سنوات فصلت بين الجلطة الأولى التي أصيب بها الشيخ الجمري الذي ألمت به بعد ظهوره الأخير على شاشة التلفزيون ليصاب بعدها في مايو/أيار من العام 2000 بجلطة في القلب وبين الجلطة الأخيرة التي ترجل بعدها عن فرسه مع بزوغ فجر أمس (الاثنين). مساحة زمنية لم تكن طويلة في حساباتها العددية، بينما بلغت مداها طولاً وثقلاً على قلوب عائلة الراحل ومحبيه فضلاً عن قاعدته الجماهيرية?
العدد 1565 - الإثنين 18 ديسمبر 2006م الموافق 27 ذي القعدة 1427هـ