العدد 1564 - الأحد 17 ديسمبر 2006م الموافق 26 ذي القعدة 1427هـ

وخسرت «الوفاق» حلفاءها في المعركة الانتخابية

سكينة العكري comments [at] alwasatnews.com

الجمعيات السياسية الأربع (الوفاق، وعد، أمل، التجمع القومي)، قاطعت الانتخابات النيابية السابقة (2002) وسميت حينذاك بالجمعيات المقاطعة، ونجحت في تشكيل سياسي قوي أحرج المشاركين مرات عدة. «التحالف الرباعي» نجح في أداء مهماته بحسب طبيعة المرحلة والأدوار التي رسمت له، على رغم أن الرغبة حينها كانت تتجه منذ بدء التشكيل والتأسيس إلى تشكيل تحالف يضم أكبر عدد ممكن من الحلفاء، لا يكون قاصراً فقط على الجمعيات السياسية التي قاطعت، ولكن نتيجة الجهود أفرزت تحالفاً قائماً فقط على المقاطعين، الذين يشكلون أساساً على الوضع الدستوري في البحرين باعتباره أبو المشكلات.

أربع سنوات مرت من عمر التحالف الرباعي، كانت تحمل طابع تنسيق الجهود والتعاون في المحطات والمفاصل السياسية المختلفة، وما أكثرها إذا حاولنا سردها أو حتى تذكرها في أذهاننا. وكانت هناك محاولات كثيرة من البعض للانتقاص من التحالف أحياناً، والنيل منه أحياناً أخرى، والحط من قدر التجربة السياسية. وعلى رغم التكهنات التي كانت تشير بين الفينة والأخرى بأنه لن يستمر وأن هناك إرهاصات عدة ستكون بمثابة عقبات تقف أمام التحالف فتعيق من نجاحه، وكان أعداء التحالف يتنبأون بأن الصخرة التي سيصطدم بها التحالف حتماً فيتفتت إلى أجزاء صغيرة لا يمكن ترميمه بعدها، هي قرار المشاركة أولاً، والمعركة الانتخابية ثانياً، لصعوبة ظنهم في إحداث تنسيق وتوافق بين أطراف التحالف. ولكن الأيام كانت كفيلة ببيان آثار النبوءة السياسية التي تحدث عنها البعض وصدّقها البعض الآخر، كما كانت هناك محاولات لوأده وهو جنين .من خلال المتابعة والمراقبة للشأن السياسي نجد أن تلك المحاولات التي كانت تستهدفه تنقشع ويظل التحالف باقياً. فقرار المشاركة بالنسبة للمقاطعين، سبقتهم فيه الوفاق بإعلانها لقرارها المشاركة، وكانت الأنظار تتجه إليها كونها تملك الشارع والقواعد الشعبية. على أن الدوائر الانتخابية تم تصميمها بشكل غير عادل ومع ذلك بدت الوفاق الأوفر حظاً من غيرها من الجمعيات السياسية في حصدها للمقاعد النيابية. قررت الوفاق المشاركة ورغبت في أن تأخذ معها حلفاءها تحت قبة البرلمان، لا أن تكون الجمعية المعارضة الوحيدة، فحلفاؤها أيضاً قفزوا معها الحواجز وعبروا بصحبتها القنوات وتوقفوا معها بالمحطات تلو المحطات، وقد أحسّت الوفاق حينها بأهمية التنسيق والتحالف، ونجحت في رسم خريطةٍ للتحالفات السياسية وهي تمدّ يدها للجميع.

ما حصل أن سقف الطموح كان للأسف الشديد عالياً لدى البعض، ما عرضه لخسارة كبيرة حتى قبل الدخول في العملية الانتخابية، والبعض الآخر وقفت الوفاق معه وقفة قوية ولكن حصل ما حصل . وبالنظر إلى التجربة على انها تجربة فتية وتحتاج إلى جهود كبيرة بغرض التغيير والتجديد، ليس فقط من خلال إزالة المعوقات الميدانية، وإنما إزالة الرواسب العالقة في ذهنية الشارع من خلال خلق أعراف حزبية عصرية جديدة.

ومع ذلك أظن بأن الوفاق نجحت إلى حد بعيد في التمسك بلون وطني مشرف طوال إدارتها لملف الانتخابات ورسم خريطة التحالفات السياسية، إذ سعت بكل ما في وسعها، على الأقل لا توجد أي قوى سياسية أخرى توازي في جهودها ما فعلته الوفاق على الأرض، حتى ان الأطراف الأخرى التي دخلت في مواجهات ساخنة في الانتخابات النيابية السابقة، نجدها هذه المرة تسير وفق توافقات مشتركة. نعود من جديد إلى الحلفاء، نجد أن الوفاق خسرت البعض قبل الانتخابات وتفقد البقية الباقية بعد انتهاء العمليات الانتخابية، وهي خسارة لا يمكن تعويضها. فقدانهم لم يكن مصادفة، فليس للوفاق أدنى مصلحة من خروج حلفائها صفر اليدين، والثمن إيصال مستقلين يمثلون امتداداً للتوجهات الحكومية، وأعداد أكبر من النواب الموالين، على رغم أن وجود «وعد» و«التجمع القومي» وغيرهما من تيارات سيساهم في إثراء التجربة السياسية في البلد، ولكن للأسف الشديد ينظر إلى وجودهم في المشهد السياسي على انه يمثل تهديداً.

وعلى رغم ما سعت إليه الوفاق من إحداث وفاق طوال ستة أشهر على الأقل سبقت الانتخابات؛ لتحقيق مكاسب لها ولحلفائها، إلاّ أن جهات محددة كانت أسرع في الخطوات وأجرأ في الطرح، وبغرض إثبات أن الشارع الآخر (السني) موالٍ، في حين أن الشارع الشيعي هو المعارض، لغاية في نفس يعقوب. ولطالما سمعنا تحليلات تنافي الواقع، بهدف تغييب الصوت الآخر بكل قوة، كون هذا الأمر يضعف حججها التي تسوّقها.

أظن أن الوفاق خسرت فعلاً حلفاء لها في منعطف سياسي مهم جداً، ويمثل تحدياً كبيراً يحمل طموحات الشارعين السني والشيعي، فالوفاق تحمل البعد الوطني في سائر برامجها ومشروعاتها ولا تعمل بأجندة طائفية أبداً. ولن تجد الوفاق ما يعادلهم كفاءة أو يماثلهم وفاءً، ولكنها لن تعدم التنسيق والتعاون معهم من الخارج فالأهداف والغايات واحدة، يدعم حيناً وينتقد حيناً، ويقيّم الأداء، يشجعه ويحفزه.

وأعتقد بأنه لا تزال هناك مساحات شاغرة من التنسيق والتعاون تحتاج إلى ملئها، فتوفر مستشارين وخبراء في العمل السياسي يسهمون في إنضاج التجربة.

وما بوسع الوفاق أن تفعله فعلته، بغرض التأكيد على أهمية التحالف. ولكن لم يكن في الحسبان أن تخرج «وعد» و«أمل» و«التجمع القومي» من المعركة الانتخابية هكذا، ولا وزر على الوفاق في ذلك بل على من قاتل لإبعادهم وإسقاطهم، من دون أن يضع أمامه خير وصلاح البحرين، لأن وجودهم دون شك كان سيثري التجربة السياسية، وسيكون له طابعه الوطني المتنوع، أما الآن فإن المجلس ناقص غير متنوع، فالسمة الغالبة على المجلس هو التيار الإسلامي بألوانه المختلفة، ولا يمكن القول إنه يمثل المجتمع البحريني بتلاوينه المختلفة?

إقرأ أيضا لـ "سكينة العكري"

العدد 1564 - الأحد 17 ديسمبر 2006م الموافق 26 ذي القعدة 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً