العدد 1562 - الجمعة 15 ديسمبر 2006م الموافق 24 ذي القعدة 1427هـ

وسيلة أنجع للتعامل مع العملات الآسيوية

مصباح الحرية comments [at] alwasatnews.com

مشروع مصباح الحرية

إن الدعوات التي تنادي بالتنسيق الحكومي فيما يتعلق بنسب تبادل العملات من أجل إدارة الاختلالات العالمية هي دعوات في غير محلها. ولاستخراج درس بشأن أن التدخل في تبادل العملات يمكن أن يؤدي إلى إنزال فوضى مالية عارمة، ما عليك إلاّ أن تنظر إلى اتفاقات بلازا واللوفر.

مجموعة الأمم الصناعية الخمس (الولايات المتحدة والمملكة المتحدة واليابان وألمانيا وفرنسا) كانت قد اجتمعت في نيويورك في العام 1985 للاتفاق على عمل مشترك هدفه تخفيض قيمة الدولار. لم تكن الصين عنصراً يؤخذ في الاعتبار، إذ إن احتياطاتها من العملات الأجنبية لم تكن تتجاوز 12.7 مليار دولار، وكان مجمل حسابها الجاري في توازن تقريباً. لقد أدى تدخل الأمم الصناعية الخمس في سوق تبادل العملات الأجنبية، بالإضافة إلى التغييرات التي حدثت في السياسات المالية، إلى المساعدة على تخفيض قيمة الدولار، لكن بعد عامين اثنين من ذلك بلغ العجز في ميزان الحساب الأميركي الجاري ذروةً مقدارها 3.4 في المئة من الإنتاج المحلي الإجمالي، الأمر الذي حدا بالدول الست (مجموعة الأمم الصناعية الخمس بالإضافة إلى كندا) للاجتماع مرة أخرى في باريس لعكس ذلك التطور.

وأسوأ من ذلك أنه بعد اتفاق العام 1987، ابتاع بنك اليابان الدولارات وسمح للقاعدة النقدية بالنمو سريعاً، وبالتالي خلق اقتصاد الفقاعة نهاية عقد الثمانينات. وانفجرت الفقاعة في العام 1990 بعد أن خفض بنك اليابان المركزي تخفيضاً حاداً النمو النقدي في منتصف 1989.

إن البلدان التي عانت المعاناة الأشد من غيرها نتيجة الأزمة المالية الآسيوية التي تلت ذلك كانت هي البلدان التي أخطأت في إدارة سياساتها النقدية. وكما لاحظ كبير الاقتصاديين في إنفيسكو آسيا جون غرينوود: «الدرس العام هو أنه من أجل السيطرة على نمو النقد والائتمان ضمن حدود معقولة تتفق مع تضخم منخفض على المدى البعيد، فإن قيمة العملة الخارجية يجب أن تترك حرة للتأقلم، وخصوصاً صعوداً».

واليوم هنالك عوامل أخرى تجعل من أي اتفاق بشأن قيم التبادل أقل احتمالاً في النجاح. فقد ارتفع العجز في حساب الولايات المتحدة الجاري بما يزيد على 6 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي. الصين الآن هي ثالث أكبر أمة تجارية في العالم. والبنوك المركزية الآسيوية تلعب دوراً مهمّاً في تمويل العجز في موازنة الولايات المتحدة. إن اتفاقاً جديداً على غرار اتفاقات بلازا - لوفر سيتطلب مجموعة أكبر بكثير للتوصل إلى اتفاق «مجموعة العشرين» ومن دون وجود آلية للتنفيذ ذات فعالية وصدقية.

إن المفاوضات التي تجرى من أجل حل الاختلالات التجارية تفترض أن «الخبراء» هم على معرفة بقيم تبادل العملات السوقية ذات العلاقة، وأن الحكومات تستطيع الاتفاق على تطبيقها، وكلاهما لم تثبت صحته. إن الأسواق المالية هي أكثر تعقيداً بكثير الآن مما كانت عليه في عقد الثمانينات، كما أن التدفقات الرأس مالية الخاصة تغرق التدفقات الرسمية. أية قيمة تبادل تكون في جوهرها غير متوازية ستتعرض في النهاية إلى الهجوم ولن تكون الحكومات في وضع يتيح لها الحيلولة دون ذلك. يضاف إلى ذلك، كلما تأخرت فترة التأقلم ارتفع الثمن بالنسبة الى سوء تخصيص الموارد. وبدلاً من اتفاق جديد على غرار بلازا - لوفر فإن توجهاً بديلاً لإصلاح الاختلالات العالمية هو في جعل السلطات النقدية تتفق على مبادئ وأهداف مشتركة. الهدف من ذلك سيكون خلق صدقية عن طريق التزام المصارف المركزية باستقرار الأسعار على المدى الطويل.

وقد اقترح المدير التنفيذي للأبحاث في سلطة نقد هونغ كونغ هانز جينبرغ خلق «منطقة استقرار مالي» في شرق آسيا. الخطوة الرئيسية لتحقيق ذلك تكمن في اتفاق على نظام ثابت فيما يتعلق بأهداف التضخم.

وحتى تكون منسجمة مع حرية تدفق رأس المال، يتوجب على المصارف المركزية عدم التدخل لتحديد قيم التبادل. إن المعلومات المستقاة في نظام قيم مرنة تكون ذات نفع في إدارة السياسة النقدية، وقد تختار بعض السلطات النقدية اتباع النموذج السنغافوري باستخدام قيم التبادل كهدف عملياتي. بموجب ذلك تحتفظ هونغ كونغ بمجلس النقد وتحدّد قيمة العملة.

ومع استقرار الأسعار على المستوى الإقليمي والاندماج المالي فإن نسب الفوائد ستتلاقى بحيث تصبح قيم التبادل أقل هياجاً. ومع الأخذ في الاعتبار احتمال قيام عملة موحدة - إما للإقليم أو، وهذا أكثر احتمالاً، لمجموعة أصغر من البلدان - فإنه لن يكون ضرورياً تحقيق تلك المنافع.

تحتاج الصين إلى مصرف مركزي مستقل من أجل استقرار نمو الدخول الاسمية المعمول بها والحيلولة دون التضخم. كما أن تخفيض الرقابة على رؤوس الأموال ستقلل من الضغوط على نسب التبادل بين اليوان والدولار، بينما لبرلة نسب الفوائد ستسمح بتخصيص أكثر كفاءة ونجاعة لرأس المال.

المشكلة هي إقناع الصين بتبني مبادئ اقتصادية ليبرالية في وقت يتسم فيه نظامها السياسي بنقيض الليبرالية. أن تهدد الولايات المتحدة الصين بإجراءات حمائية بسبب عدم انتهاجها للمبادئ الليبرالية هو عمل من شأنه إحداث أثر عكسي، ذلك أن تنفيذ مثل هذا التهديد سيجعل الصين والولايات المتحدة أقل ليبرالية سواء بسواء.

جيمس إيه. دورن

نائب رئيس للشئون الأكاديمية في معهد كيتو بواشنطن العاصمة. و هذا المقال ينشر بالتعاون مع «مصباح الحرية»

www.misbahalhurriyya.or?

إقرأ أيضا لـ "مصباح الحرية"

العدد 1562 - الجمعة 15 ديسمبر 2006م الموافق 24 ذي القعدة 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً