في تعليقنا على نصوص قانون العمل الجديد رقم (36) لسنة 2012 وقفنا في الحلقات الماضية على بعض نصوص هذا القانون لغاية الباب الثالث عشر فقط، ولمسنا منها كم أن هذا القانون مجحف بحق العمال وغير منصف معهم إلى حدٍ غير مسبوق ، وخلصنا إلى أن قوة إجحافه تكمن في وجهين: (الأول): خلوه من نصوص كانت قَبْله بمثابة متاريس تحفظ للعمال حقوقهم أو تساعدهم على تحصيل المستوى اللائق بهم فأسقطها هذا القانون من مَتْنِه. (والثاني): النص على أحكام تمس حقوق العمال أو تؤثر سلبياً على أوضاعهم.
وتلبية لرغبة بعض القراء سنُجمل في هذه الحلقة (الأخيرة) أهم المآخذ على هذا القانون التي وقفنا عليها سابقاً بالإشارة إليها فقط دون تعليق وبإيجاز شديد، وفقط في إطار الوجهين السابقين منعاً للإطالة، على النحو الآتي:
الوجه الأول : أهم النصوص التي خلا منها القانون ولم يُضَمِّنها مَتْنِه:
1) أغفل جزءاً جوهرياً من المادة رقم (153) من قانون العمل لسنة 1976 الذي يقضي «بأن لا يجوز المساس بما اكتسبه العمال من حقوق اعتاد صاحب العمل على منحها لهم حتى أصبحت جزءًا من الأجر».
2) ألغى المادة رقم (13) في قانون العمل لسنة 1976 التي تنص على «منح الأفضلية للعامل الوطني في الاستخدام، أو في حالة زيادة عدد العمال عن الحاجة».
3) أغفل جوهر المادة رقم (10) من قانون العمل المعدَّلة بالقانون رقم (14) لسنة 1993 في شأن «إلزام وزارة العمل ترشيح المقيدين لديها للوظائف والأعمال التي تناسبهم وتتفق مع سنهم وكفاءتهم الفنية».
4) ألغى المادة (72) من قانون العمل لسنة 1976 التي تنص على «إلزام صاحب العمل في حالة انتهاء علاقة العمل أن يؤدي للعامل أجره وكافة المبالغ المستحقة له فوراً، إلاّ إذا كان العامل قد ترك العمل من تلقاء نفسه فيجب في هذه الحالة أداء أجر العامل وجميع مستحقاته في مدة لا تتجاوز سبعة أيام من تاريخ ترك العمل».
5) أغفل جوهر المادة (40) من قانون العمل لسنة 1976 التي تنص بوجوب أن تُحرر جميع المراسلات والتعميمات والنشرات واللوائح التي يصدرها صاحب العمل لعمالة باللغة العربية.
6) تجاهل تحديد الحد الأقصى لتشغيل العامل في ساعات العمل الإضافية اليومية، بخلاف ما نص عليه قانون العمل القديم الذي جعل حدها الأقصى ساعتين إضافيتين يومياً فقط.
7) التزم الصمت بعدم تحديد نوع الإجازة السنوية؛ هل هي أيام عمل أم أيام حسابية، مما خلق جدلاً واسعاً لايزال قائماً بين أصحاب الأعمال وممثلي العمال، بل وبين دوائر القرار أنفسهم.
الوجه الثاني: أهم النصوص التي تمس حقوق العمال أو تؤثر سلبياً على أوضاعهم:
1) نص في المادة (13) بوجوب ذكر أسباب انتهاء عقد العمل في شهادة الخدمة أياً يكن هذا السبب، مما يجعل هذه الشهادة في مقام الضرر المحض للعامل أحياناً.
2) نَصَ في المادة (22) بمنح صاحب العمل الحق بإلزام العامل على التدريب والتأهيل للقيام بعمل يختلف عن العمل المتفق عليه في عقد العمل خلافاً لرغبة العامل.
3) جَعلَ تشغيل المرأة العاملة ليلاً جائزاً أصلاً بحسب مفهوم المادة رقم (35)، بخلاف ما نص عليه قانون العمل القديم الذي حظر تشغيلها ليلاً من حيث الأصل.
4) نَصَ في المادة رقم (32) على حظر تشغيل المرأة العاملة خلال الأربعين يوماً التالية لولادتها، بما يعني عدم حظر تشغيلها بعد هذه المدة، ليكون ذلك بمثابة ضوء أخضر لصاحب العمل بتشغيلها (برضاها) قبل انتهاء إجازة الولادة المقررة لها قانوناً.
5) خَفَّض فترة الرضاعة بالنسبة للمرأة العاملة من سنتين إلى سنة واحدة استناداً لنص المادة (35).
6) ضاعف نسبة الحجز على الأجر المستحق للعامل أو الاقتطاع منه وفاء للدين والنفقة إلى نسبة 50% استناداً لنص المادة رقم (45) بدلاً من نسبة 25% المنصوص عليها في قانون العمل القديم لسنة 1976.
7) احتسب حقوق العمال على أساس الأجر الأساسي مضافاً إليه العلاوة الاجتماعية فقط طبقاً لنص المادة رقم (47) ، بخلاف قانون العمل القديم الذي نص على احتساب حقوقهم على أساس مجموع الأجر النقدي الذي يصرف لهم بصفة دورية ومنتظمة. كما احتسب حقوق العمال الذي يعملون بالقطعة أو بالإنتاج أو يتقاضون أجوراً ثابتة مضافاً إليها عمولة أو نسبة مئوية على أساس متوسط الأجر خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة، خلافاً لما نص عليه قانون العمل القديم لسنة 1976 باحتساب حقوق هؤلاء العمال على أساس متوسط ما يتناوله العامل من أيام العمل الفعلية في الشهور الثلاثة الأخيرة. وفي هذين الاختلافين انتقاص لحقوق العمال.
8) خرج عن أُطر العقوبات التأديبية المقررة في قانون العمل القديم، بأن أضاف إليها عقوبتين غليظتين بالغتي القسوة هما: تأجيل استحقاق العلاوة السنوية لمدة ثلاثة أشهر، وتأجيل الترقية عند استحقاقها لمدة سنة واحدة، استناداً لما نص عليه في المادة رقم (75)، مما يترتب على ذلك تجاوز الحد الأقصى للعقوبة التأديبية المقررة قانوناً.
9) أعطى لصاحب العمل الحق في توقيف العامل احتياطياً في حالة اتهامه بارتكاب جناية أو جنحة مخلة بالشرف أو الأمانة أو الآداب العامة قبل صدور حكم قضائي يدينه، سواءً ارتكب ذلك داخل دائرة العمل أو خارجها وذلك استناداً لظاهر نص المادة رقم (81) ، بخلاف ما نص عليه قانون العمل القديم وما استقر عليه الفقه والقضاء من أن التوقيف الاحتياطي لا يكون إلاّ إذا ارتكب العامل جناية أو جنحة داخل دائرة العمل، أو بعد صدور حكم قضائي يدينه بها.
10) منح صاحب العمل الحق في فصل العامل متى رأى تدني كفاءته أو نقصها حتى بعد اجتيازه فترة التجربة بنجاح، وبغض النظر عن مدة خدمته السابقة طالت أم قصرت لدى صاحب العمل نفسه وذلك استناداً لنص المادة رقم (109).
11) منح صاحب العمل الحق في فصل العامل خلال الشهور الثلاثة الأولى من بدء العمل دون إخطار وبدون تعويض وبدون أية مساءلة قانونية استناداً لنص الفقرة (أ) من المادة (111)
12) قدَّر التعويض عن الضرر المستحق للعامل الناجم عن فصله بدون سبب أو بسبب غير مشروع تقديراً حسابياً بما يعادل أجر يومين عن كل شهر من الخدمة استناداً لنص الفقرة (ب) من المادة رقم (111) خروجاً عن القاعدة المألوفة والمقررة في قانون العمل القديم بجعل تقدير التعويض من أطلاقات محكمة الموضوع.
13) استناداً لما نص عليه في المادة رقم (132) قضى بأن «لا يجوز لأي من طرفي الدعوى العمالية أن يتقدم إلى المحكمة الكبرى المدنية (وهي المحكمة العمالية المختصة) بأية طلبات أو أدلة جديدة أو إبداء دفع أو دفاع لم يسبق إبداؤه أثناء نظر الدعوى أمام قاضي الإدارة العمالية.
14) استناداً لما نص عليه في المادة رقم (134) اعتبر الحكم الصادر في الدعوى العمالية المختصة (وهي المحكمة الكبرى المدنية) حكما نهائياً لا يجوز الطعن فيه أمام محكمة الاستئناف، أي أنه قضى بإلغاء محكمة الدرجة الثانية مما يترتب عليه تفويت الفرصة على الخصوم من التقاضي أمام هذه محكمة خلافاً للقانون والدستور.
تلك هي فئة من العيوب التي حملها قانون العمل الجديد لغاية الباب الثالث عشر، وهناك عيوب غيرها لا تقل درجةً عنها لم يسع المجال للوقوف عليها والإحاطة بها، وهي في مجملها مساوئ لم يسبق لأي قانون قبله قد حملها؛ منها ما قد أصابت العمال في مقتل، ومنها ما ترتب عليها بخس حقوق العمال، ومنها ما تأتى بها لأصحاب الأعمال الظفر بالعمال أو تقوية مراكزهم فوق العادة على حسابهم. ولهذا وذاك ننتهي إلى نتيجة هي: أن هذا القانون هو أسوأ «قانون عمل» تشهده مملكة البحرين. (انتهى).
إقرأ أيضا لـ "علي محسن الورقاء"العدد 3925 - الأربعاء 05 يونيو 2013م الموافق 26 رجب 1434هـ
قاضي تها .. ومشرع نهى .. وقوانين غفله.. وهزي يانواعم ورقص مع الذئاب
يعني رايح إوجايب له نصوص مستورده وأخل وتعدى على الدستور في وضح النهار. ليس لفضح القضاة ولا لكشف المستشارين المتسترين وراء القانون ولا لتعديل إعواج وإنما لتسيير الناس حسب المزاج. فمشكوراً للمحامي وكاتب هذا العمود كشفت مو ستره لكن سر البطاله المقنعه وسر بطلان القوانين المصنعه مصريا او من مصر أم الدنيا. وقالوها أولاد الــ أيــــــه مش عا رفين ومش دارين أن قانون نيوتن وقوانين أخرى لا تصاغ الا بعلم كما لا تشرع لأنها قد وضعت وقضى الله أمرها. اليس كذلك؟ أو هذه تحتاج وجهة نظر مصريه وآراء كهنوتيه؟
شكرا للمحامي الوطني علي محسن الورقاء
شكرا على هذا العرض الشيق والمفيد. ودامت هذه الاقلام الوطنية الشريفة.
القانون في صاحب العمل
يبدو ان من صاغ هذا القانون هم اصحب المال المتنفذين