العدد 3923 - الإثنين 03 يونيو 2013م الموافق 24 رجب 1434هـ

«الصحة» وزراعة الأعضاء البشرية... ما هكذا تورد يا سعد الإبل

أحمد سالم العريض comments [at] alwasatnews.com

استشاري أمراض وزراعة الكلى

لمن لا يعرف سعداً فإنه أحمق العرب، وله أخٌ يدعى «مالك ابن زيد مناه»، ومالك آبل زمانه (أي أفضل من يقوم على رعاية الإبل). قرّر مالك أن يتزوج وفي ليلة عرسه أورد الإبل لأخيه سعد، ولم يحسن القيام عليها والرفق بها، فهاجت الإبل وماجت فاقتلعت خيام قبيلة زيد مناه، ومنها خيمة الزواج لمالك، فهوت الخيام على رؤوس ساكنيها. فعكّرت على مالك صباح عرسه... فقال لأخيه هذا البيت:

أوردها سعد وسعد مشتمل... ما هكذا تورد يا سعد الإبل

ومعنى «مشتمل» أي متلفعاًً بشمله، وليس هذا حال من يخرج لرعي الإبل، فصارت مثلاً يُضرب لمن يقع في الخطأ من حيث أراد الصواب، كما يضرب لمن قصّر في الأمر. وهذه حالنا في وزارة الصحة لإعادة إحياء برامج زراعة الأعضاء: الكلى، القرنية، القوقعة، ونخاع العظم والخلايا الجذعية.

فالظاهر أن المسئول القيادي في وزارة الصحة لا يحب الزراعة والزارعين، ولكنه مرغمٌ على مواصلة ودعم هذه البرامج. بتاريخ 28 مايو/أيار 2013 دعي لاجتماع فريق زراعة القوقعة للأطفال، وهو البرنامج الذي بدأه أحد الجراحين المتخصصين في مجال الأنف والأذن والحنجرة منذ عقد من الزمان، وتمت على يد هذا الجراح المبدع إجراء أكثر من مئة زراعة قوقعة. هذا الجراح لم يُدعَ للاجتماع وهُمّش وأُبعد مع أنه كان متواجداً في البحرين وفي مجمع السلمانية الطبي خلال ذلك الاجتماع، والسبب لهذا الإبعاد والتهميش غير معروف إلا عند هذا المسئول.

كما عقد بتاريخ 23 مايو 2013 اجتماع آخر للتنسيق مع الفريق السعودي لزراعة الأعضاء التابع لمستشفى فهد وحضر الاجتماع بعض أعضاء فريق زراعة الأعضاء في مجمع السلمانية، واستبعد كذلك رئيس الفريق وهو الاستشاري الجراح الذي بدأ بإنجاح المشروع منذ العام 2000 بعد سفر البروفسور جورج ابونا. وهو كذلك الاستشاري الذي أجرى أول عملية زرع كلى من متوفي دماغياً في البحرين وأول من قام بالتنسيق مع المركز السعودي لزراعة الأعضاء في المملكة العربية السعودية، وكذلك مع مركز زراعة الأعضاء في دولة الكويت، وذلك لوضع البروتوكولات لتبادل زراعة الأعضاء من المتوفين دماغياً في دول مجلس التعاون الخليجي. وكذلك كان السبب للإبعاد والتهميش غير معروف إلا عند هذا المسئول السعدي (نسبة إلى «سعد» المذكور أعلاه).

وكذلك حال فريق زراعة القرنية، وفريق زراعة الخلايا الجذعية وغيره من الفرق العلاجية التي ساهمت خلال العقود الماضية في وضع البحرين على خريطة الدول التي تقدم مثل هذه العلاجات لمواطنيها. حال هذه الفرق لا يختلف عن سابقها، وإبعاد وتهميش من ساهموا في إنجاح هذه الفرق من قبل مثل هؤلاء المسئولين شاهد للعيان.

هذه الفرق العلاجية يا سعادة الوزير، ويا سعادة الوكيل... قدّمت عدة دراسات لنجاح تجاربهم وإنجازاتهم في عدة ندوات واجتماعات علمية عربية وإقليمية ودولية وحصل أعضاؤها على أوسمة وشهادات عالية وتشجيعية في مجالات تخصصاتهم خلال العقود الماضية، فلِمَ تهميشهم الآن وإبعادهم عن مجالات عملهم؟ ألا يستدعي هذا النظر مرةً أخرى لتشجيع هؤلاء ودعم اختصاصاتهم وخصوصاً أن هذه الجهود لإنجاح هذه المشاريع العلاجية في العقود السابقة تمت برعاية وتوجيهات القيادات السياسية، وكذلك قيادات وزراء ووكلاء سابقين في وزارة الصحة.

فلماذا يعامل هؤلاء الاستشاريون والمبدعون في مجالات تخصصهم بهذا الجفاء والإهمال والإقصاء والتعالي؟ وهو ما نتج عنه أن أخذت هذه البرامج منحى انحدارياً، وذلك نتيجة لوضع مسئولين على قمة الهرم العلاجي أشخاص «سعديي المزاج»، لا يفقهون في الاستراتيجية لتقديم الخدمات العلاجية، معظم هذه البرامج ستوقف وخصوصاً بعد الهزة الكبيرة التي أصابت مجمع السلمانية بعد الأحداث التي مرت على البحرين منذ عامين، خصوصاً عندما يستخدم المسئولون الأسلوب الإداري «السعدي» الذي ينتج عنه عزوف الاستشاريين عن مواصلة الإبداع وإجبارهم على معايشه بيئة طاردة لمواهبهم وكفاءتهم العلاجية.

ومثال هذا الأسلوب «السعدي» في التصرف ما مرت أمامي من حادثة في العام الماضي، حيث تم التنسيق بين مركز السلمانية، دائرة أمراض وزراعة الكلى، للاستفادة من أعضاء متوفي دماغياً، وتمت الإجراءات للتأكد من الوفاة الدماغية بواسطة فريقين من أطباء العناية القصوى والأمراض العصبية وإكمال الدراسات المختبرية لخلو المتوفى من الأمراض ودراسة اختبارات الأنسجة. وكالعادة تم الاتصال بمركز زراعة الأعضاء في السعودية، وتم اتصال هذا المركز بأهل المريض في الهند، وحصلوا على موافقتهم بالتبرع كما هو متبع. واستعد الطاقم السعودي الجراحي للتوجه للبحرين بواسطة الطيران المتوفر في المركز السعودي على أن يتم زراعة الكلى، وأن يتم زراعة الكبد والقلب في السعودية لمرضى مصابين بهبوط مزمن في هذه الأعضاء. وقد تم مثل هذا التنسيق سابقاً مع المركز السعودي لزراعة الأعضاء من المتوفين دماغياً في البحرين والمركز الكويتي لزراعة الأعضاء كذلك. فماذا كان نتيجة هذا الجهد الذي بُذل وهذه الأموال التي صرفت من قبل هذه المراكز في السعودية والبحرين؟

بعد أخذ الموافقات من أهل المتوفي دماغياً في الهند، رفض هذا المسئول «السعدي» إكمال إجراء العملية ووضع المنسقين والأطباء في البحرين في حرج مع المركز السعودي. وهكذا خسر خمسة مرضى في البحرين والسعودية السبيل الوحيد لإنقاذ حياتهم وهو نقل هذه الأعضاء، وذلك نتيجة مثل هذه القرارات الحمقاء. فهل يا سعادة الوزير والوكيل، يمكن أن نستمر هكذا بتقديم العلاجات المتقدمة لإنقاذ هؤلاء المرضى وعلى قمة هرم إدارة مجمع السلمانية ووزارة الصحة مثل هؤلاء المسئولين؟

إننا ندعوكم لإنقاذ الوضع حتى تتمكن هذه الكوادر من الاستشاريين المبدعين من مواصلة إبداعاتهم العلاجية.

سعادة الوزير/ سعادة الوكيل: إن ملفات المرضى الذين تم إعدادهم لإجراء العملية موجودةٌ لدى منسقي زراعة الأعضاء في مجمع السلمانية، والاستعدادات التي اتخذها المركز السعودي لزراعة الأعضاء في تلك الحادثة يمكن التأكد من صحتها من رئيس المركز السعودي لزراعة الأعضاء الدكتور فيصل شاهين.

إقرأ أيضا لـ "أحمد سالم العريض"

العدد 3923 - الإثنين 03 يونيو 2013م الموافق 24 رجب 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 17 | 3:36 م

      د. أحمد العريّض

      أنحني لك محبةً و احتراماً أيها الطبيب و الإنسان، على الرغم من قناعتي التامّة من أن نداءاتك الإنسانية هذه -والصادرة من طبيب صان شرف المهنة -سوف لا تلقى صدى لدى من إستصرخت ضمائرهم

    • زائر 16 | 9:55 ص

      المصلي

      وضعنا في هذا البلد يختلف تماماً عن اوضاع البلدان الأخرى يادكتور أحمد حسافه عليكم يا أخصائين مستشفى السلمانيه ياقامة الوطن يافخر البحرين أهكذا تعامل الكفائات الوطنيه التي قدمت لمرضاها هذا العطاء الجليل ماهذا الجفاء ماهذا النكران الحاقد على من على هذه الفئه التي ندرت نفسها لأحياء النفس البشريه والتي قدسها الله وشرفها بأن جعل هدم بيته العتيق شرفه الله لأهون عليه من قطرة دم أنسان نناشد المسئولين بأن يرفعوا ايديهم عن ملائكة الرحمه ليكملوا رسالتهم الأنسانيه ويتركوا عنهم سياسة الأقصاء والحقد والتشفي

    • زائر 11 | 3:19 ص

      من الشواهد والمشاهد

      شاهدنا اليوم جريمة متاجرة بأعضاء البشر بدل ما كانت تجارة العبيد والمتجره بأرواح الناس من أجل فتى مستشفيات ملكيه ومشافي ومراكز بأسماء منوعه للتمويه. يعن بعض الشواهد الطبيب المكلف للكشف والتحقق من الميت باكستاني، بينما كان ملاحظاً على بعض جثث القتلى في البحرين أثر لعمليا قد أجريت لهم غير التعذيب هذا يكشف أعمالاً أخفيت سرا لكنها اليوم تنكشف وتتكشف جرائم أخرى وتجارة عبيد وتجارة أعضاء والقائمة أكبر بكثير اليس كذلك؟

    • زائر 10 | 3:16 ص

      ما فى هالبلد الا هالولد

      هل تعتقد يا دكتور أن الاطباء الذين ذكرتهم أتوا بما لم يأتى الاوائل ؟؟؟هل البحرين خلت من الاطباء أو عقمت عن انجاب النخب المتميزة ؟ البحرين ولادة و عندنا من الكفائات ما يحسدنا عليهم دول الجوار .
      قل لى بربك يا دكتور , اذا توفى الاطباء الذين تطرق اليهم , هل على مستشفى السلمانية اغلاق تلك الاقسام بحجة أن زيدا من الناس كان ذا شأن و الان انتقل الى رحمة ربه . , كما انجبت البحرين من قبل , ستنجب اطباء اكفأ و ابدع مما تعتقد .

    • زائر 15 زائر 10 | 9:43 ص

      لذلك حصلت الإحتجاجات

      الإحتجاجات في البحرين لنفس السبب ما في في البلد إلا هالشيخ

    • زائر 9 | 3:06 ص

      التأمين الصحي ومشكلة المال العام والدم السائل

      لا تدير بال بس ها العولمة حولت حتى الوزارات الخدماتيه الى مرابحه بها وتحويل أو إجبار المريض حتى لو ما يقدر يدفع خله يذهب ويجمع تبرعات أو يشترك في برنامج التأمين الصحي ويتعالج في المستشفيات الخاصه. هذه واحده من جرائم العولمة وخصخصة المال العام وتحويله الى خاص. يعني ما ندري ها التجار يخافون يوم المعاد أو حتى بها الفقارة المرضى والتبرعات التي تجمع من دماء المتبرعين هم بعد يتجرون بها.. ويش الواحد مو يقول سلام الله عليك يا أبا عبد الله خلا الناس تتبرع بدمها في محرم لكن ناس ما عندها دم. عدل مو عدل؟

    • زائر 7 | 2:27 ص

      البحرين تدار بالبركة.

      منذ احداث فبراير و مارس 2011 والبلاد تدار امنيا حتى في اصغر امورها وبواسطة اشخاص لا يفقهون من الادارة شيآ, وقد تم استغلال جهل من لا يفقه بالادارة من قبل المنتفعين فأضاعوا البلاد والعباد, ولا حول ولا قوة الا بالله.

    • زائر 5 | 1:58 ص

      نشوف شئ ما تشوفونه!

      الرد سكون كالعادة ما ذكر غير صحيح ويستعينون بأحد الفواصل للتجريح الشخصي

    • زائر 4 | 12:52 ص

      شكرا ايها الدكتور المبدع الغيور الشريف على هذة الصرخة المدوية لفضح هذه الجرائم الشنعاء لمصادرة حق للانسان في الحياة والعلاج

      انه كما قلت التهميش والاقصاء والعنصرية والطائفية والحقد والكرهية المكشرة عن انيابها لذي سعد ( نحس) الصحة باعثه للقيام بهذة الجرائم لمصادرة حق الانسان في الحياة وحق التطور في المجال الصحي لمنح فرص الحياة لمن يحتاجها من المواطنين انها جريمة نكراء يجب ولابد من ان يحاسب عليها ويحاكم لايخذ جزاءه في الدنيا قبل الاخرة امام الله الذي لايمكن الفرار من حكومته يوم الحساب العسير له ولمن خلفة على هذه الجرائم النكراء وهذا العمل القبيح ضد الاطباء المبدعين وفي حق الانسان في الحياة.

    • زائر 3 | 12:22 ص

      سعد الأحمق

      هذا مايحدث في البحرين للأسف بعد احداث 2011 ووزارة الصحة ليست هي الوحيدة فهناك وزارات اخرى ومنها وزارة التعليم التي وصلت لتجهيل الأجيال القادمة وغيرها وغيرها والسبب هؤلاء المسئولين اللذين وضعوا لتنفيذ اجندات خاصة بهم وبجماعتهم.

    • زائر 2 | 12:14 ص

      وضع مزري

      د.أحمد العريض
      أدميت قلوبنا على هذا الوضع المزري.. تنادي وزير الصحة والوكيل!!
      لقد أسمعت لو ناديت حياً ولكن لا حياة لمن تنادي
      أصلاً لم يعد في هذا البلد مسئول حي، ولا حول ولا قوة إلا بالله

    • زائر 1 | 10:51 م

      هل وصل حالتنا الى هذه المرحلة من التردي

      هذه حياة بشر لا تحكموا اهوائكم فيها وتذكروا قول رب العالمين فمن أحياها

اقرأ ايضاً