مأساة الوطن، أنه كما الوجبة، حين يتنازعها الجياع، تتهشم قبل بلوغها الأفواه، فلا هي سادّةً جوعاً، ولا هي سالمة من شر أيادي العبث، خصوصاً حينما يتكشف الوطن، عبر ترهل الأجهزة الإدارية، على مختلف مستوياتها، فترى المسئول، كبيراً أو صغيراً، محاطاً بمطأطئي الرؤوس، فيطرب بعلوه وشموخه، إلى درجة أنه لو سمع حرفاً جريئاً، ضحك كل من حوله، واستجاب هو بالقهقهة، وانتهى الأمر، بجعل ذاك الجريء مهرّجاً، مما يجعل ذاك النصوح، في محل ازدراء الذات، فإما القطع بالخروج من دائرة عطف الحاكم، وإما الانغماس، فيستحيل هو الآخر مطأطئ الرأس، وهكذا دواليك، فتتعاظم دائرة المسئول، بأمثال هؤلاء، المقتاتين على فضلات الموائد، الأمر الذي يباعد ما بينه وما بين عامة الناس.
وهكذا تترهل أجهزة الدولة، ليس ما بين ليلة وضحاها، ولكن عبر عقود من سوء الإدارة، وعدم الاتعاظ من التجارب، ما يجعل دائرة الترهل تتسع، وتنتشر في كل مفاصل إدارة الدولة، فيكون هناك المسئول ومطأطئي الرؤوس، في كل وزارة وهيئة وتفرعاتها من الإدارات، فتتسع إدارة الدولة، لقلةٍ من المتنفذين وكثرةٍ من التابعين.
فتعم فوضى إدارة الدولة، ويقوم على مسئولياتها من هم دون مستواها العلمي والمهني والضميري، مقابل معيار التبعية، فتبدأ التناقضات المجتمعية ما بين أفراد نظام الدولة، وهم قلةٌ مقابل سواد الشعب، وما بين الجموع الشعبية المتضررة، جراء ترهل إدارة الدولة، وهم بتعداد آلاف المرات من أفراد النظام.
وقد يتفوق أفراد نظام الدولة إلى حين، من حيث التوافق على المنافع الآنية، وعبر هيمنتهم على مقدرات الدولة المالية والهيكلية، والأجهزة، ولكن مع الوقت، تبدأ الرؤوس في التنافس على الاستحواذ، وترتسم خريطة متجددة لواقع أصحاب النفوذ، ما يجعل المتنفذين في خوف وهلع من بعضهم، ليبدأ كل منهم في بناء قلاعه بعيداً عن الآخر، خصوصاً أن كلهم يعرفون عن كلِّهم مفاسدهم، سواءً مفاسد السرقات أو المفاسد الأخرى، ومن حيث تعاظم المتضررين من الفئات الشعبية، وعبر توارث الأجيال المظالم، بحيث لم يعد هناك متسع لاتكال السلطات عليهم، فيبدأ استجلاب الغرباء ليوظفوهم في أجهزة الدولة، فتزيد الطامة طامات.
وتغدو الحال غير قابلة للتراجع، وإصلاح ذات البين، فتَعْمَد السلطات إلى ما قبل الأخير من أسلحتها، بزرع الفتنة بين مكونات المجتمع، سواءً الإثنية الأصولية أو الدينية أو الطائفية الاجتماعية أو حتى الطبقية، من خلال التحريض والتشويه والتخوين، ليتناول بعضها الآخر بالسوء اللفظي بالإعابة في البدء، ومن ثم إطلاق العنان للموتورين والمأجورين وبعض من العاملين في أجهزة الدولة، لارتكاب بعض الاعتداءات هنا وهناك، بقصد بث الرعب والخوف لدى جميع الأطراف، الخوف من الطرف المعتدي بالفعل الجرمي، والخوف لدى جماعات الأطراف المعتدية من احتمالات ردة الفعل من قبل الأطراف المعتدى عليها، ليعيش الجميع في وجل من احتمالات العنف والعنف المقابل، في حين تنشر نقاط التفتيش في شتى شوارع البلاد، وشن حملات الاعتقالات والتعذيب في السجون. ولإشاعة الفزع الأكبر، تلجأ السلطات إلى القتل في الشوارع وداخل السجون، لينكفئ عامة الناس، ضعاف النفوس في ديارهم، ويَشْجَع الموتورون من المحسوبين على السلطات، في التمادي في جرمهم، وخصوصاً في ظل سياسة الإفلات من العقاب.
هذه المرحلة المتقدمة من الانفصال عن الشعب، حين يواكبها استمرار المطالب الشعبية، رغم كل إجراءات السلطات، تعيد رسم الخريطة المجتمعية إلى فرز الجماعات ما بين موالين مستفيدين من استمرار الوضع المتردي القائم، في أوجهه الأمنية والحقوقية والقانونية والاقتصادية، وإلى الجماعات المعارضة والمطالبة بالتغيير، وإلى ما بينهما من جماعات متضررة من استمرار الأوضاع المتدهورة، ولكنها في حيرة من أمرها إلى درجة الاندهاش والجمود. ولكن تبات الخريطة الاجتماعية والسياسية واضحة المعالم، ما بين جماعتين لا ثالث لهما، أقلية محسوبة على النظام، وغالبية شعبية معارضة ناشطة وخاملة.
وعادةً، ببلوغ هذه المرحلة، تقود المعارضة إلى تغير النهج الإستراتيجي، إلا أن السلطات استبقت ذلك بالتلميح إلى انشاء مليشيات شعبية، تحمل بطاقات هوية تمنحها سلطة القبض والحبس ومن ثم التسليم إلى شرطة الأمن، في محاولةٍ غير موفقة لجس الخريطة السياسية لتتبين مدى شعبيتها، وفي حال اطمأنت لغلبتها، تفتح المجال لتابعيها أن يعيثوا في البلاد فساداً. وقد خصت بهذه المحاولة مدينة المحرق (وما أدراك ما مدينة المحرق )، من بعد تفريخ الجماعات الموالية، لظنّها وربما لخداعها من قِبلهم ومن قِبل عناصرها في المجلس البلدي، أنهم قادرون على جمع أهالي المحرق في مثل هذه المليشيات، وجاءهم الرد الوطني الواعي من قبل غالبية أهالي المحرق، والمناطق الأخرى بمساحة كامل الوطن، وقد كان مرسوماً سلفاً، في حالة فشل هذه المحاولة، أن تُسحب عبر البيانات الرسمية وغير الرسمية، على أن الناس «فهمت غلط».
وهكذا تصل مأساة الوطن إلى مراحلها المتقدمة، فما هو القادم من قبل المعارضة الوطنية، ومن قبل مؤسسات المجتمع المدني والجموع الشعبية، ومن قبل منظمات الأمم المتحدة.
إقرأ أيضا لـ "يعقوب سيادي"العدد 3921 - السبت 01 يونيو 2013م الموافق 22 رجب 1434هـ
مشاخيل
أستاذنا الجليل كل يوم ومن خلال هذه المقالات نتعلم منك الاخلاص والوفاء والحب لهذا الوطن الغالي نتعلم منك الوطنية بكل معانيها نتعلم منك المودة والاخاء لكل فئات الشعب دون تمييز بينهم وهذه مهمة الصحفي صاحب الضمير الحي والذي يعبر عن معاناة وهموم شعبه حتى ولو كلفه الكثير .
المصلي
الدول التي تحكمها أنظمه شموليه قبليه متخلفه تتفشى فيها المآساة الوطنيه وبالرغم من هذا فأن الشعوب تنتفض بين الفينة والأخرى على هذا الواقع المرير فتكبوا تارة وتستلب حقوقها المصادره تارة أخرى رغم الظلم والجور والقهر وسوف نتناول التعليق ولو بجزئيه بسيطه أن في الشعوب فئه تعيش عدم الوعي هي في سريرتها وكينونتها يكمن الخنوع والذل والعبوديه حتى وأن لم تحصل على الفتات يعني بمفهومنا منشف ريقها حتى النخاع فقر وحرمان وعيشه مره ومرتبات هزيله لاتفي بحتياجاتها الا انها توالي هذه الأنظمه بحموريه عجيبه غريبه
بارك الله فيك
عندما نقرء مثل هذه المقالات الرائعه نقول في أنفسنا لا يوجد مكان إلى الفتنه الطائيفيه طالما هذه الرجال النظفيه موجوده في الوطن
حساسون أو نخاسون أومتجسسون وليش زايده عندهم الحساسيه
ليس في الرين قد تجد واحد يتجسس ويتحسس لأنه خايف من شيء. كان اليهود إيسوونها فأنشئوا شبكات تحسس و تجسس عالميه كما شبكات المال والأعمال وكلها نحاسة وسياسة إقتصاد إستهلاكي قائم على شيل من ها النكه وحط في ها النكه ولا بأس لو دمرت طبيعة ونهبيت خيرات بمساعدت أصدقاء البيئة المحليين بأفكار أجنبيه. وكلها تسهر وتسكر يا أبن عسكر قالوها ما قبل وما أول. هؤلاؤ لا يحسبون على أنهم يعملون لجهات أجنيه أو أجنداتهم مستورده وإيسيراد ونصدير النفط لجهات غير معروفه ما درى أحد عن علتها.
رموز الفتنة
أستاذنا الفاضل طول ما رموز الفتنة الحاقدين خاصة الكتاتيب مدفوعي الأجر في الصحف إلكاذبة ومعظمهم مجنسين. أومن اصول هندية او باكستانية ومغيرين ألقابهم وقلبهم ليس علي الوطن لا يهمهم مصلحته اهم شي الحصالة تملأ هم اسباب دمار الوطن وغيرهم من اصحاب المصالح الذين باعوا الآخرة بالدنيا ولهم عذاب شديد وشكرا علي قلمك الحر
ضغط وسكر وبخار ماء مكربن
ليس بسر من قوانين الشهوه والرغبه الجامحة ليست الصادرة من مجلس نواب الغفله بس لها حدود مثل لا تسرفوا.. ولا تسرقوا الا ان الاقتصاد المعاصر صرفي وتبديري تجاري مو أصلي. فمياه غازيه سكر زايد فيها ومطاعم أكلات سريعه.. وبطاطا مقليه ..سرقت صحة الناس برغبتهم. ويش جايبن للناس أمراض مستورده؟
فكيف يكون كلوا واشبوا ولا تسرفوا ؟ و تسرقوا صحة الناس؟ عدله هذه من التجار ؟
كلام قوي بس من يفهم!
بارك الله فيك .
وطن ضائع
من المفرقات أن تبحث عن وطن كنت تحسب فيه انه وطن خالي من العيوب .! العبث بكل شبر فيه يصل حد الجنون والشعب في دفتين إحداها تظن أنها من حماة الوطن فقط وحدهم والثانية شعب يثبت للعالم أنه صاحب حق .! وفئه تتاخذ تضرب كل شيء عرض الحائط .!
وطن ضائع
من المفرقات أن تبحث عن وطن كنت تحسب فيه انه وطن خالي من العيوب .! العبث بكل شبر فيه يصل حد الجنون والشعب في دفتين إحداها تظن أنها من حماة الوطن فقط وحدهم والثانية شعب يثبت للعالم أنه صاحب حق .! وفئه تتاخذ تضرب كل شيء عرض الحائط .!
سواها وما سووها عدله
كانو يسوفون أي يقولون سوف نعمل وسنقوم بكذ .. وكذا، لكن اليوم حقت حقايقها ومايقدرون لا يوفون ولا يسوفون وحتى التسويق الذي يقومون به بدعايه وإعلانات معلقات في ها الشوارع ثلاث صور وكأنهم يستنجدون وبستعينون بصديق عفوا بالشياطين بس ما يصير يسقطون. مو عدل ما طار طير وإرتفع إلا كما طار حل وحان رحيله. اليسوا من عتوب أو التاريخ نسيتوه وتائهون يصلون جاهرا وظاهرا وشاهرا وما يدرون ان الله قال لا تجهر بصلاتك وهم يعلمون أو لا يعلمون ما يقولون .. ما يندره سكارى أو موسكارى؟
غزات عرات من غير سلاح مجردين في العراء
القسوه تجلب المآسي بينما الموده والرحمه تقرب الناس من بعضها. متابع أحداث البحرين يلا حظ أن من الناس من تبع خطوات الشيطان خطوه بخطوه. فتن لين ما شبع وزاد على عمل الشيطان من عنده بخرده. اليوم ما ميش خرده يعطون الناس الي كانو والتجار الآخرين يساعدون الحكومة. من وين بيجيبون فلوس.. مو غير من عند السلف علشان يواصلون عمل الشيطان ويقتلون الناس وعندهم الانسان ما له قيمه وحتى سجنه وتعذيبه عادي. ويش هذا مو عدل لا؟؟
البحرين بوضوح مائة ميجا بيكسل
أشكر الكاتب الوطني الغيور فلقد أبدع في في تصويره فاق حتى الكاميرات الرقمية الحديثة ، والله لوكنت مغترباً وقرأت هذا المقال بدون عنوان لعرفت أنها البحرين .
شكراً للكاتب الجريئ والشريف
مأساة الشعب
العنوان هو مأساة الوطن ولكن الحقيقة هي مأساة الشعب المظلوم والمحروم البحرين مساحة شاسعة بالنسبة لشعبها ولكن اصبحت مختنقة بالاجانب و بالملكية الشخصية للمتنفذين والشعب محروم مسلوب الارادة
تشخيص سليم للعلّة في البحرين
المشكلة ان المريض او القائمين على هذا المريض لا يعترفون بمرضه لذلك لن يشفى ولن يصحوا هذا المريض.
سلمت يداك على هذا التشخيص ولكن للاسف وطن لا يراد له ان يشفى كيف يعرف المخلصين والمخلّصين من المحنة امثالك.
اصبح المتملقون والمفسدون واصحاب قضايا السرقات هم من يتسنم المناصب في هذا البلد
الفساد ينخر ويعشعش في كل ناحية من البلد واذا تكلم الناس فالقبضة الامنية
المسرحيات جاهزة
سلمت يا دكتور
المشكله في ان البعض ظن ان الفئه المحسوبه على النظام هي المصطفيه من الله وهي المختاره وانهم هم الذين ولاهم الله على عباده يقتلون ويسجنون حيث ما شاء وبامر الله (ولهم في ذالك اجر ان اصابو وان اخطاؤ)
في الصميم يابن سيادي
وضعت النقاط على الحروف وعريت النظام من مخططاته البائسة
ان لم تستحي ففعل ما شئت
هذا حال المسؤولين يكذب يغير كلامه كل يوم
و حلهم امرك سيدي و حاضر سيدي
واقعة
فى صباح أحد الأيام كنت أنتظر فى ادارة فنية وصول المدير. دخل و خلفه المهندس الذى نائبه يحمل شنطته و هو يتمخطر. تعجبت كيف يمكن لفرد عاقل أن يفتخر بأن الشخص الذى يليه فى المنصب هو فراش فى ادارته؟ مع الإعتذار للفراشين. ما هو الفخر الذى يحصل عليه بعدم حمل شنطته؟ ما هذه المعايير الإجتماعية المذلة؟ هل من مجيب؟