العدد 3920 - الجمعة 31 مايو 2013م الموافق 21 رجب 1434هـ

في أمسية شعرية بـ «وعد»... العجمي يتلو أناشيد «النكبة»

في أمسية شعرية أفردتها «وعد» للأصدقاء من شعراء وأدباء ومثقفين وتزامناً مع يوم النكبة، وما فتحه الربيع العربي من أفق للأمل الأربعاء (15 مايو/ أيار الماضي)، ارتأى الشاعر أحمد العجمي أن يقف أمامنا بشعرٍ أشيب ونبرة حازمة هذه المرة، وأن يطلق العنان لمخيلته فيصوغ خطاباً كاريكاتورياً ويدبّج نصوصه ذبائح في حضرة الحرية، متقمصاً وشاح الدكتاتور في شيء من جرأة السخرية ولذة التهكم التي تصنعها الصيغة الكارتونية للقوة المكذوبة والهيبة المفتعلة.

وفي البدء يلذ للعجمي أن يفرد لليوم الذي ذهبت فيه فلسطين يوم النكبة مفتتح أمسيته، ليس للبكاء بل لمديح الأمل، وحين يكون العنوان بوحاً في «مديح الأمل» فإنك تجد أن باباً آخر موارباً قد فتح للشعر ليعيد الاعتبار فيه لذاته، فبعد أن كان الممدوح حاكماً تدبّج في حضرته ذبائح القصائد، وذاتاً حقيقية تمثل كل معاني والرجعية والتخلف واليأس، ها هو الممدوح في الصيغة الشعرية الحديثة يمثل مفردة الأمل الذي يتجلى في المعنى، هو شيء من الإيمان بالقادم البهي المشيّع بالأمل الذي خلقته نداوة الربيع العربي.

في اليوم خيّمت فيه النكبة يعبر العجمي إلى طفولة شعرية ليجد نفسه في لليوم الذي ولد فيه، حينها تنبهه الأشجارالتي بين يديه، تدلّه على كيميائها، ورغم الصمت في كل مكان توشوش إلى أذنه بالنبوءة: شتمشي إلى أرض اسمها فلسطين، تبحث فيها عن باب النور، وتحرّض الحجارة المنكوبة أن تكون دماً تحفّه موسيقى الليل والنهار.

بعد الفراغ من حلم الطفولة لذّ للعجمي أن يحتفظ بما يشاء من ذلك الحلم فثمة مصباح، ومظلة، وحذوة حصان، كطلسم خاص به لا ينساه كما لا ينسى الوجوه التي ابتكرت منافيها الغامضة، رغم إصرارها على حلم العودة إلى يافا فاتحة باباً للشعر وآخر للفراشات الحزينة.

وتجاوباً مع الأفق الذي فتحه الربيع بعد الإطاحة بدكتاتوريات ظلت الشعوب العربية رازحة تحت نيرها لعقود متتابعة، ها هو العجمي يسوق أناشيده السبع خطاباً لشعبه الأبله.

في أناشيد البيض الفاسد أو أناشيد الدكتاتور يتداخل حقلان أساسيان على المستوى المعجمي، حيث تجد مفردات التسلّط وأدواته التي يمسك بها الدكتاتور، في مقابل مفردات القبح والمرض والموت في علاقة إضافية أو في علاقة الصفة بالموصوف، وما هذا الجمع بين المتناقضات سوى لخلع حالة من السخرية والتهكم خصوصاً بعد انتهاء وفساد سلطة الدكتاتور، وهي حالة كشفها الشعب العربي حين استطاع أن يقول كلمته.

وتتظافر هذه الحالة الساخرة التي يصنعها العجمي في نصه ويخلعها على الدكتاتور حين يسوق مجموعة متواصلة من أفعال الأمر على لسان الأخير في خطابه، ويعقبها بما يبطل مفعولها من ألفاظ ساخرة في شيء من المكر لبيان معرفة الشعب أساساً بما وراء هذا الخطاب من مآلات، وقدرته المتناهية على الكشف، والتي حاول الشاعر أن يبوح بها من خلال تلاوته لهذا الخطاب بعين الشعب، بما يجلي قبح الدكتاتورية وعماها.

العدد 3920 - الجمعة 31 مايو 2013م الموافق 21 رجب 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً