هو أول إحصاء للسكان يحدث في منظومة دول مجلس التعاون الحالية وكان ذلك في عام 1941 وكان من نصيب البحرين. هذا ما تتحدث عنه وثيقة هذا الأسبوع التي جاءت تحت عنوان لم يعد يستخدم اليوم في عملية إحصاءات السكان في العالم، حيث اُستخدمت لفظة «نفوس» بدلاً من السكان. والوثيقة عمرها نحو 72 عاماً وصدرت من مكتب مستشار حكومة البحرين (تشارلز بلغريف)، ولنقرأ الوثيقة أولاً قبل التعليق عليها:

«حكومة البحرين

دائرة الطابو

إعلان إحصاء نفوس سكان البحرين

ستقوم حكومة البحرين بإجراء إحصاء نفوس السكان مساء الأربعاء (ليلة الخميس) 24 ذي الحجة سنة 1359 الموافق 22 يناير 1941 في الساعة الثانية والربع عربي (بعد صلاة العشاء) ويطلب من جميع الأشخاص أن يبقوا في منازلهم في ذلك الوقت حتى الساعة السادسة عربي ليلاً عدا الموظفين الذين يعهد إليهم القيام بعملية الإحصاء.

وسوف لن يكون أي عرض سينمائي في تلك الليلة. أما المقاهي والمطاعم والدكاكين فتبقى مقلقة (مغلقة) عند غروب شمس تلك الليلة كما أن السفن الشراعية والبخارية (اللجنات) والسيارات ستنقطع عن العمل بتاتاً عند غروب الشمس وعلى المحترفين فيها أن يلازموا منازلهم.

وكذلك على الأشخاص الموجودين في السفن الراسية في الميناء أن لا يبرحوها إلا بعد الساعة السادسة تماماً اللهم إلا في حالات استثنائية كاستدعاء طبيب المريض. أما سفن صيد الأسماك وجالبات الأحجار فيجب أن توقف عن عملها بتاتاً طيلة ذلك النهار حتى الساعة السادسة عربي من الليل.

وبهذه المناسبة نعيد إلى الأذهان ما ذكرناه بوضوح في منشورنا السابق الذي يختص بالإحصاء من أن هذا الإحصاء ليس المقصود منه فرض ضرائب أو إجراء الخدمة العسكرية الإلزامية. وكذلك يجب أن يتحقق لدى الشعب أن الحكومة ليس لديها أدنى فكرة في إجراء أي قيد من القيود بخصوص الكشف الطبي على الوفيات والمواليد.

فالمأمول من الشعب أن يساعد الأشخاص القائمين بعملية الإحصاء ويدلي إليهم بجميع المعلومات الصحيحة دون إخفاء شيء فليعلم،

4 ذي الحجة 1359- 2 يناير 1941

مستشار حكومة البحرين»

بداية لابد من تأكيد معلومة تاريخية تخص الإحصاءات السكانية في الخليج وهي أن البحرين تقدمت على جميع إمارات الخليج في عام 1941 في إجراء تعداد السكان وفي وسط أجواء الحرب العالمية الثانية، وكان الإحصاء الثاني عام 1950، ثم الثالث 1959، والرابع 1965 والخامس 1971، وهكذا بقي مستمراً كل عشر سنوات. أما الدولة التي تلت البحرين ولكن بأكثر من 16 عاماً فكانت الكويت حيث جرى أول إحصاء عام 1957، ثم الإمارات 1968، ثم قطر 1970، والسعودية 1974، وأخيراً عُمان 1975.

كما يلاحظ من خلال ما ذكرته هذه الوثيقة، أن الناس في البحرين كانوا قد صدقوا الإشاعات الكثيرة التي راجت في أوساطهم بأن ذاك الإحصاء الأول كان الغرض من ورائه فرض ضرائب جديدة على الشعب، وآخرون قالوا بتطبيق الخدمة العسكرية الإلزامية على شباب البحرين لخدمة الجيش البريطاني في الحرب الثانية، بينما أشاع آخرون بأن الهدف من الإحصاء هو فرض بعض القيود بخصوص الكشف الطبي على الوفيات والمواليد. في حين أن البعض أكد بأن الغرض هو حصر عدد سكان البحرين لتوزيع البطاقة التموينية عليهم، وأن هذا كان الهدف الحقيقي من الإحصاء.

كما يلاحظ من الإشارة بالذات إلى عدم وجود عروض سينمائية في فترة الإحصاء مع أنها قصيرة جداً لا تتعدى ليلة واحدة؛ إلى مدي تعلق الناس في البحرين آنذاك بوسيلة الترفيه العصرية الوحيدة التي بدأت تجذب الجمهور بعد الراديو، وهي السينما الناطقة بأفلام عنترة وعبلة والأفلام الهندية، ولما لها من تأثير سحر الصورة المتحركة عليهم. ولذا ذكرها بيان الإحصاء تحديداً بعبارة «وسوف لا يكون أي عرض سينمائي في تلك الليلة».

كما نلاحظ تركيز المنشور على حركة التجارة البحرية والسفن والمسافرين بسبب أهمية الجمارك في الدخل القومي للإمارة في فترة الحرب العالمية الثانية.